كيف ستكون مدينتنا بعد مائة عام؟ .. هكذا توقع أجدادنا حياتنا الآن
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في يوم 16 مايو لعام 1927 قرر فريق تحرير مجلة اللطائف المصورة أن يجتمع توقعات من بعض الكُتاب والمحللين وأصحاب الرأي ووجهات النظر الوجيهة عن شكل المجتمع عام 2027 أي بعد 100 عام من كتابة التقرير الصحفي، وقبل أربعة أعوام بالضبط من عامنا الحالي .. وفي التقرير توقّعات ربما جانبها الصواب أحيانًا في الشكل النهائي لكن مضمون النظريات التي قاموا ببناء وجهات النظر عليها ربما كان صحيحًا .. وفيما يلي ما كتبه أجدادنا من توقعات اتخذوا فيها لندن مثالًا كي يكون نموذجًا يشرحوا من خلاله توقعاتهم .
كيف تكون مدننا الكبرى بعد مئة عام؟ .. وكيف تصبح الأرياف والقرى والمزارع؟ .. وأية معيشة سيعيشها أولادنا عام 2027 ميلادية؟ .. يتسنى لنا أن نتنبأ بذلك إذا نظرنا في الماضي ولحظنا اتجاه التغيرات العصرية؟
لنتخذ لندن مثالًا، فلو بُعث الآن شخص كان يعيش فيها ومات منذ ثلثمائة عام لبهت .. وعواه الذهول مما يشاهد من نمو تلك الحاضرة التي يأوي إليها نحون تسعة ملايين من الناس، وقد كانت آن ذاك مدينة حقيرة صغيرة محاطة بالأسوار ومع هذا عندما احتل الرومان انجلترا قبل ذلك بزمن طويل كانت لندن قرية حقيرة بيوتها من الطين على جزيرة صغيرة في نهر التايمز ولم يكن هناك أثر للمدن الأخرى الكبيرة مثل ليفربول ومانشستر وليدز وغيرها، وعلى هذا القياس يمكننا أن نتصور أن الفرق بين مدننا الحالية وبينها بعد مئتي عام أو مئة عام سيكون بنسبة الفرق بينهما الآن وبين ما كانت عليه قبل مئتي أو مئة عام. فلندن ونيويورك وباريس وبرلين لا تتفق حالتها الحاضرة مع مقتضيات التغيرات العصرية ولابد أن تتبدل وتتجدد طبقًا لمقتضيات الأحوال وإليك ما يتنبأ به المستر كانوري :
إن أحياء بأكملها ستهدم وتبنى من جديد وستكون المباني الجيددة ضخمة شامخة وبعد خمسين عامًت لا يبقى في المدن الكبرى منازل صغيرة للأفراد والدكاكين الفردية الصغيرة ستصبح في خبر كان وتحل محلها الشركات الكبيرة والبوتيكات التجارية المساهمة .. وسيتزح معظم العمال إلى الضواحي ويقيمون في مدن تتخللها الحدائق وغابات الأشجار حول مراكز الأعمال، وسيحدث عصر الكهربائية والبنزين تغييراً لا يقل عن التغيير الذي أحدثه عصر البخار، فتقام جسور عديدة (كباري) فوق الأنهار التي تخترق المدن الكبيرة وتهدم المنعطفات ويحل محلها الشوارع المستقيمة وكذلك الطيران سوف يحدث تبديلًا أكبر من التبديل الذي أحدثته الأوتومبيلات وسكك الحديد معًا وبعد خمسين عامًا لا يسافر أحد مسافة تزيد على الخمسين ميلًا في سيارة أو قطار بل في طيارة وإذ ذاك تقطع الطيارة التجارية المادية مئة ميل في عشرين دقيقة .. وستكون أجرة ركوب الطيارات أقل نفقة من أجرة السياراة وسكك الحديد لأن طرقها لا تكلف شيئًا فلا تمد خطوط حديدة ولا تحفر أنفاق ولا تبني جسورًا .
كما إن الطيارات في المستقبل لن تحتاج إلى مطارات واسعة لأنها ستحلق رأسًا وتهبط رأسًا فسيجعل سطح كل بناء كبيرًا مطارًا وستكون السطوح من الزجاج القوي السميك للإنارة وستكون الأبنية مرتفعة ومدرجة، تصغر كلما ارتفعت لتفسح المجال للشوارع لى الأرض وتجعلها طلقة في الهواء .. أما الشوارع فستكون مستقيمة ووسعة ومختلفة المستوى وسيكون للمشاة دروبًا خصخوية على الأرض وكذلك في المستوى الأعلى .. وسينقسم الطريق إلى نصفين، أحدهم للذهاب وآخر للعودة، وسيتضاعف عدد سكان انجلترا بعد مئة عام ليس من كثرة النسل بل من تقدم العلزم والطبية وتوفر الأسباب الصحية التي ستزيد من معدلات الأعمار .
وستزول الأمراض التي يمكن مكافحتها من الوجود وكذلك الأعمال الشاقة المتعبة وتزيد الثروة في العالم ويعم الرخاء بفضل الوسائل العلمية والاختراعات ويمتد طور الصبا. فمنذ خمسين عامًا مضت كان الشباب في سن الستين نادرًا أما اليوم فهناك الألوف من الرجال والنساء ممن يتخطى أعمارهم السبعين والثمانين.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال