لعبة نيوتن الأفضل ولكن..

ما هو معيار النجاح الجماهيري للعمل الفني وتحديدًا العمل التلفزيوني؟ في السينما تحتسب الإيرادات كمعيار للنجاح التجاري ويتم احتساب إشادات النقاد ومدحهم كمعيار للنجاح الفني، وفي الدراما كذلك إشادات النقاد معيار للنجاح الفني، ولكن ما هو معيار النجاح التجاري؟ قديما كانت نسب المشاهدة هي ما تحدد ولكن الآن السر في الهاشتاج والبوست والميمز والتويتة، وبهذه الحسبة مع إشادات النقاد به، يكون لعبة نيوتن هو الأنجح.

خلق مسلسل لعبة نيوتن حالة من الجدل والتفاعل، وهذا معيار المتابعة والاهتمام والنجاح الجماهيري في العصر الحالي، واللافت للنظر أن المتابعة تلك لم تقتصر فقط على الإشادة بالمسلسل ولكن تخطته لتحتل صدارة عالم السخرية عبر السوشيال ميديا، فشخصية بدر بجملة غير المتوقعة والمفاجأة كان لها نصيب الأسد، وأيضًا شخصية مؤنس وهناء.

ولكن من وسط حالة الجدل تلك كانت هناك بوستات تهاجم تصرفات الشخصيات وغبائهم الشديد وقرارتهم غير المنطقية، ليري الجمهور العيوب المتواجدة داخل البناء الدرامي، حتى وإن لم يستطيعوا تفنيدها بشكل احترافي مثلما يفعل الناقد، فتعمد دفع الشخصية لاتخاذ قرارات خاطئة دون مبرر واضح وأصيل في الشخصية نفسها هو إحدى طرق لي ذراع الحدث ليسير في طريق معين.

وهذه هي اللكن الأولى، نعم تامر محسن ولعبته هما الأنجح هذا الموسم وأفضل ما شاهدت هذا الموسم، ولكني شديد الغيرة على مخرج بقامة تامر محسن، ربما اخطئ كثيرًا حينما اقارن تامر محسن بتامر محسن نفسه، فأنا اقارن تامر محسن في أي عمل، بتامر محسن في بدون ذكر أسماء.

القاعدة والإطلالة الأولى التي عرفت من خلالها تامر محسن ورأيت فيه نموذجًا للمخرج الذي سأنتظر اعماله وأنا مدرك أنه يحترم عقلي، ويحترم ما يقدم، ويقدم ما يحب، رأيت ذلك المخرج القادر على صنع دراما مدهشة بأساليب شديدة البساطة وبسلاسة الأطفال، ربما أكون مخطئا في أن أنتظر كل عمل له واتوقع أن يماثل أو يفوق ما قدمه في بدون ذكر أسماء، لأن بهذا التوقع تكبر خيبة الأمل.

ولكن على الرغم من لي ذراع الأحداث مرارا وتكرارا، إلا أن المسلسل استطاع أن يحافظ على تماسكه وأن يتجنب الوقوع في بحور المط والتطويل، وظلت الأحداث متسارعة متصارعة وإن خفت وتيرتها في الحلقات الأخيرة خاصة الحلقة 22 و 23 ، إلا أن المسلسل ظل متماسك، وهذا يدل على جودة الكتابة وقدرة كتاب المسلسل على كسب التحدي بتقديم شكل درامي مختلف قائم على كشف الشخصيات أكثر من كشف الأحداث، – بمعنى أن الرحلة مع الشخصية لا مع الحدث- وهو نسق درامي لا نراه كثيرا في الدراما المصرية، استطاع هذا الفريق أن يفوز بالتحدي ليكون سببا في فتح الباب بشكل أكبر لهذا النوع من الدراما، أو هكذا أتمنى.

إضافة إلى تماسك الحبكة والأحداث، فإن أحد أهم عوامل نجاح لعبة نيوتن اختيار وتوجيه الممثلين، وهذا فضل المخرج أولًا وأخيرًا، وليس المقصد هنا هو أبطال العمل أو الأسماء المعروفة، ولكن حتى ممثلو الأدوار الثانوية، تم اختيارهم بدقة وعناية وربما أبرز مثال على ذلك الفنانة ياسمين وافي التي قدمت دور الشقيقة الكبرى لمؤنس.

تعلق الجمهور بلعبة نيوتن ورحلة هناء وانفعلوا لأخطائها واهتموا بمصيرها، وضحكوا مع بدر وحزنوا مع حازم، بحثوا عن العسل وعن إذا كانت قرصات النحل تقتل أم لا؟ اهتموا بأمر الرضيع إبراهيم، صنعوا التأويلات والتفسيرات حول رمزية المسلسل، تجادلوا وسخروا رفضوا وقبلوا، فلو كان للنجاح أي شكل أخر غير ذلك؟فماذا يكون؟

إقرأ أيضا

محمد المحمودي .. تجديد الخطاب الرياضي!  

اقرأ أيضا

عزيزتي مي عمر .. أنت لست خليفة سعاد حسني بل جمال حسني