لعبة نيوتن و “العزف على أوتار منضبطة”
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
إذا كنت تعزف آلة موسيقية وبالتحديد الآلات الوترية ستعرف أن هناك ما يسمى الدوزان، وهو ضبط شدة الأوتار لتخرج نغما سليما صحيحا، ولكن إذا تراخت الأوتار عن المطلوب أو تم شدها أكثر من اللازم أصبح العزف مزعج وغير منضبط، فلا يطرب وقد لا تحتمل اذنك سماعه سوا دقائق معدودة، وتلك هي المشكلة الأكبر في الحلقات الأولى من لعبة نيوتن.
اقرأ أيضًا
عندما لا تملك غير ضعفك .. فتتفوق منى زكي في لعبة نيوتن
شهدت الحلقات الأولى من لعبة نيوتن توترا شديدا، لا في الأحداث فقط، ولكن هذا التوتر انتقل للمشاهد من مرحلة التوتر المقبول الذي تطلبه الدراما ويجب ان نراه على الشاشة في ظل الاحداث الدائرة لأبطال العمل، لتوتر أعلى يصيب المشاهد بالتوتر الفعلي والشد العصبي الفعلي بعيدا عن تفاعله مع المسلسل.
حالة التوتر التي شهدتها الحلقات الأولى، تلك الحالة التي بدأت بلهاث شديد من تسارع الأحداث، ساهم في تكونيها العديد من العناصر، ففي الحلقات الثلاث هناك مشهد او مشهدين فقط هادئين بينما باقي مشاهد الحلقات الثلاث مشاهد موترة للأعصاب، انتقل هذا التوتر للمشاهد ليخرج من نمط التوتر الصحي المفيد للعمل للتوتر غير المنطقي وفي رأيي أن أهم سبب في هذا التوتر هو تامر محسن.
استخدم تامر محسن تكنيك مونتاج حاد أغلب المشاهد مع درجات إضاءة باهتة ومقبضة حتى في أكثر الأوقات وضوحا، مع توجيهه لأداء الممثلين وتقطيع الجمل الحوارية، والصراع الدائر بينهم، إضافة إلى الموسيقى التي كانت اشبه بنقاط الماء التي تسقط على سطح معدني -وهذه إحدى وسائل تعذيب محاكم التفتيش الأوروبية في العصور الوسطى- كل هذا جعل الحلقة الثالثة تحديدا أشبه بقنبلة موقوتة.
كم من مشهد كنت على وشك إغلاق الحلقة وعدم استكمالها، بسبب حالة التوتر، وبنهاية الحلقة شعرت أن هناك ثقلا ازيح من فوق روحي، واخذت بعضا من الوقت لأعود لهدوئي، هذه الحالة ربما يكون سببها إفراط تامر محسن وحرصه الشديد على نقل حالة التوتر التي تعيشها البطلة بالتحديد، وفي المقابل لا توجد خطوط درامية أخرى او حتى مشاهد هادئة تخفف من حدة هذا التوتر.
ربما كان الأمر سيصبح أفضل إذا تخلى تامر محسن عن إحدى العناصر التي استخدمها جميعا لنقل حالة التوتر كأن قلل حدة القطعات بين اللقطات أو قلل من استخدام الموسيقى التصويرية أو حتى خفف من حدة إيقاعها، لكانت نغمات الحلقات الأولى أكثر طربا، خاصة أن لعبة نيوتن من المسلسلات المبشرة والتي تنبئ بعمل جيد داخل السباق الرمضاني، ويبدو ان تامر محسن سيعيد دوزنة أوتار مسلسله وهذا ما ظهر واضحا في الحلقة الرابعة التي شهدت عودة للعزف الصحيح على أوتار التوتر، فقط كل ما أخشاه أن يسقطوا في فخ المط والتطويل مع أن بداخلي شيء ما يخبرني أن هذا لن يحدث أو هكذا أنتظر وأتمنى.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال