“ما جهله حسام موافي” هؤلاء مؤمنون بالله وماتوا بسبب الأمراض النفسية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تبنى الدكتور حسام موافي أستاذ الحالات الحرجة بكلية طب قصر العيني فرضية تقول أن الشخص المؤمن والقريب من ربه لا يصاب بالأمراض النفسية، وأثار كلامه هذه جدلاً ورفضًا للزج بالدين.
لا توجد علاقة بين ربط الإيمان بالله والتقرب منه وبين تفادي المرضي النفسي، وهذا أمر مؤكد منطقيًا وتاريخيًا، وتزخر كتب التاريخ بشخصيات ليس فقط قريبة من الله، بل خادمةً لدين وماتوا نتيجة أمراض نفسية.
قائمة بمن مات من الأمراض النفسية
المعنى العام للمرض النفسي الذي قصده حسام موافي هو الإصابة بالاكتئاب الشديد الناجم عن حزن عميق، وهذا المعنى موجود في كتب التاريخ باسم «الكَمَد» ومعناه في العربية «حزن وهم لا يُسْتَطاع امضاؤه ـ مُضِيُّه ـ»، وزخرت كتب التاريخ بمصطلح «مات كمدًا».
السيدة فاطمة الزهراء
رحلت السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن عمر 24 سنة بعد انتقال والدها المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى بـ 6 أشهر.
جاءت وفاة السيدة فاطمة بسبب الحزن الشديد على انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ودام حزنها عليه 6 أشهر وقال بن كثير في ذلك «لم تضحك في مدة بقائها بعده -عليه الصلاة والسلام- وإنها كادت تذوب من حزنها عليه».
لم يكن انتقال النبي للرفيق الأعلى مؤثرًا على ابنته فقط بل طال الصحابة أيضًا، فالمحدث مرتضى الزبيدي قال «لما مات صلّى الله عليه وسلم طاشت العقول؛ فمنهم مَن خبل، ومنهم من أُقْعِد فلم يطق القيام، ومنهم من أُخْرِس فلم يطق النطق بالكلام، ومنهم من أضنى (أي مرض) وأضنى عبدُالله بن أُنَيْسٍ فمات كمداً»
زوجة الإمام الحسين
كانت الرباب بن الشاعر امرؤ القيس زوجةً للإمام الحسين بن علي حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت امرأة تقية نقية مؤمنة، لكنها لم تتحمل الحزن على زوجها بعد استشهاده فماتت قهرًا عليه.
تناول ابن عساكر وفاة الرباب فقال «ولما توفي الحسين خُطبت الرباب وألحّ عليها، فقالت: ما كنت لأتخذ حَمْواً بعد رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فلم تتزوج. وعاشت بعده سنة لم يُظلّها سقف بيت حتى بَلِيت وماتت كمدًا، وكانت من أجمل النساء وأعقلهن».
عمر بن عبيدالله بن معمر
اشتهر عمر بن عبدالله بن معمر بأنه من المجاهدين الكبار في عصر الدولة الأموية وله شهرة كبيرة في قتال الخوارج، وكان تقيًا ومميزًا بالكرم الشديد.
وقد مات قهرًا وحزنًا على ابنه أخيه عمر بن موسى، فيذكر بن عبدالبر في قصة الثورة على الحجاج الثقفي أن عمر بن موسى كان ثائرًا فأخذه الْحَجَّاج، ليخرج عمر بن عبيد الله بن معمر لينقذ ابن أخيه بوساطة من الخليفة وقبل أن يصل دمشق بـ 25 ميلا وصله أن الحجاج بن يوسف قتله فمات كمدًا عليه.
الإمام البخاري
كتب الإمام البخاري كتاب خلق أفعال العباد والرد على الجهمية وأصحاب التعطيل، وبعده تعرض لمحنة كبيرة حيث اتهم بأنه متورط في فتنة خلق القرآن وهو بمدينة نيسابور وحسده العلماء هناك واتهموه بأنه يقول أن القرآن مخلوق، فغادر نيسابور إلى بخارى فتعرض لاضطهاد أميرها خالد بن أحمد الذهلي، فغادر بلدته حزينًا وأقام في سمرقند مقهورًا ويصلي حتى دعا الله فقال “الله إنه قد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك، فلم يكد ينتهي الشهر مات وحيدًا.
عبيد الله بن أبي بكرة
كان عبيد الله بن أبي بكرة من رواة الحديث، لكنه مات حزينًا وأرخ لوفاته البلاذري في فتوح البلدان فقال أنه بعد تعرضه لهزيمة عسكرية من جيش رتبيل أمير الترك في منطقة بُسْت ولم يتحمل انكسار جيشه فمات كمدًا لما أصاب الناس.
سيبويه
كان سيبويه من علماء النحو الكبار وله شهرة في الإيمان وتقوى الله، وجاءت وفاته بالحزن جراء هزيمته في مناظرة نحوية ذكر تفاصيلها أبو بكر الزبيدي في كتاب طبقات النحويين واللغوين.
سعد الدين التفتازاني الشافعي
اشتهر سعد الدين التفتازي بأنه من أكابر علماء عصره وله مؤلفات في النحو والعقيدة وتفسير القرآن، وقد مات بسبب مناظرة أمام الفقيه الشريف الجرجاني، وحكى الشوكاني عن تلك المناظرة فقال “كانت في حضرة السلطان التركي الشهير تيمور لنك وكان موضوع المناظرة مسألة كون إرادة الانتقام سببًا للغضب، أو الغضب سببًا لإرادة الانتقام، فكان التفتازانيّ يقول بالأول والشريف يقول بالثاني؛ قال الشيخ منصور الكازروني: والحق في جانب الشريف، وجرت أيضًا بينهما مناظرة مشهورة في قوله تعالى: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) ويقال إنه حُكم بأن الحق في ذلك مع الشريف، فحزن التفتازاني من ذلك ومات كمدًا.
المراجع
-
البداية والنهاية – بن كثير
-
إتحاف السادة المتقين في شرح إحياء علوم الدين – المرتضى الزبيدي
-
تاريخ دمشق – بن عساكر
-
الاستيعاب في معرفة الأصحاب – بن عبدالبر
-
سير أعلام النبلاء – الذهبي
-
فتوح البلدان – البلاذري
-
طبقات النحويين واللغويين – الزبيدي
-
الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع – الشوكاني
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال