متفرد الحضور .. عن العملاق محمود مرسي

يحتل “محمود مرسي” مكانه كبيرة في ذاكراتنا جيل بعد بعد جيل، استطاع أن يُسطر بأعماله الفنية قصة أسطورية خالدة؛ قصة رجل مثقف وفنان حقيقي، انتصر لبلده ووطنه وتخلى عن مكانته في إذاعة “بي بي سي”، عزف عن الزواج ثم وقع في قصة حب عميقة انتهت بالزواج وطفل.

محمود مرسي فنان مصري، ولد في الإسكندرية المدينة الجميلة التي أثرت في تكوينه وشخصيته، كذلك التحاقة بالمدرسة الإيطالية بالإسكندرية كان لها دورًا كبيرًا في تكوينه وترسيخ عقيدة الالتزام داخله.

بعد الانتهاء من الدراسة في المدرسة الإيطالية التحق بكلية الآداب قسم الفلسفة جامعة الإسكندرية، وتخرج فيها ليعمل معلمًا، لكن المهنة لم يكن شغوفًا بها على الإطلاق، فقرر السفر إلى فرنسا ليدرس الإخراج السينمائي بباريس .

أمضى خمس سنوات في فرنسا، ثم غادرها وشد الرحال إلى لندن بالمملكة المتحدة، وعمل هناك في إذاعة “بي بي سي”، لكنه لم يستمر طويلًا فقد غادرها بعد سبعة شهور من تعينه، إثر جدث العدوان الثلاثي على مصر، وصمت الإذاعة عمّا يحدث في وطنه، فغادرها غير آسفًا، وعاد إلى وطنه ليخطو خطوة جديدة ويكون مخرجًا بالإذاعة المصرية .

يقول أستاذ النقد السينمائي وليد سيف في كتابه “العملاق” الذي ألفه لتدوين سيرة الفنان ” محمود مرسي” و تحليل أداءه وشخصياته ، أن بدايات ” مرسي” كانت من خلال فيلم “أنا الهارب” ويرى أن نجاحه الكبير في هذا الدور كان سببًا في محاولة قولبته في أدوار الشر لبعض الوقت، لكنه استطاع أن يخرج من هذا الطوق سريعًا، وقدم أدوارًا متنوعة تتناسب مع قدراته وموهبته في فيلميه التاليين “المتمردة” و”الباب المفتوح”، فيمَا جاء رابع أفلامه “الليلة الأخيرة” أمام فاتن حمامة مع المخرج كمال الشيخ، وهو ما يعدّه المؤلف بدايته الجادة، وهو الدور الأهم والأبرز له في تلك المرحلة، وقد ساهمت لغة الفيلم التي اعتمدت على الصمت والتعبير بالوجه والإيقاع المتوتر على إظهار قدراته ممثلًا.

قصة حب عملاقة
عزف محمود مرسي عن الزواج إلى أن قابل الفنانة سميحة أيوب، الذي وقع في غرامها مباشرة دون عوائق، وهي كانت الزواج الوحيد في حياته وبدأت قصة حبهما كما تقول أيوب “من الثانية الأولى لهما “.

تروي ” أيوب ” القصة قائلة :” أنا كنت معجبة بيه”، وتتذكر أول لقاء فتقول :” أول مرة التقيت بمحمود مرسي كنا في باريس ..أنا نازلة من على السلم وهو طالع ..أنا معرفش مين دا، ولاهو عارف مين دي ..لكن حصل لُحيظة من الثانية وقفنا كدا ..وروحت نازله قام طلع هو قالهم كان فيه بنت نازله .. مين دي!
ـ قالوا : له سميحة أيوب.
ـ قال : بتشتغل إيه؟
ـ قالوا له:  ممثلة مصرية وعضوة في المسرح.
ـ قال:  احنا عندنا ممثلات بالشكل دا دلوقتي ..
دي مرة ..

وعن اللقاء الثاني تقول:”
المرة الثانية بفتح جور نال” آخر ساعة لقيت صورة محمود مرسي وبيقولوا عنه أنه هو كان بيقرأ نشرة الأخبار واستقال على الهوى لأنهم طلبوا منه يعمل شيء ضد مصر فهو قال لهم البلد اللي تشتم بلدي مقعدش ليها..فعجبني أوي واتكلموا عنه فعجبني أكتر.. فأنا وانا ببص كدا وبقول لنفسي ..ياااه لو الواحد يتجوز راجل زي دا !!”

أما اللقاء الثالث فكان مطولًا ، وتقول عنه :” اتقابلنا في الإذاعة ندهولي وقالوا لي في البرنامج الثاني بيشتغل أستاذ مرسي وعايزك فقولت اسمه كامل مرسي..

ودخلت لقيته محمود مرسي ..كنا هنعمل عمل إذاعي وكلب من كل حد موجود يكتب الملاحظات فاستفزيته لأني مش بكتب لأنه بالنسبالي كان بيقول حاجات بديهية، وأضافت في اليوم التالي حاول أنه يقتص مني لكن أنا فاجأته وكنت حافظة النص وواحدة بالي من الملاحظات ..
بعد الانتهاء قالي إني ممثلة موهوبة ..”.

إقرأ أيضا

ميلاد المسيح بين ما ترويه المسيحية والإسلام

واستكملت :” أنا كنت معجبة بيه وهو كمان لكن حديثنا كله كان في الشغل، وقتها قولت مفيش حد يعزمنا على عيد ميلاد أي حاجة يا جماعة..!. اتقابلنا واتكلمنا وقالي أنا معجب بيكي قولتله وأنا كمان، استغرب في البداية إني بقول بدون كسوف وقالي البنات في مصر بيتكسفوا ..”.

وتابعت :” تزوجنا وأنجبت علاء، لكن انفصلنا والتقصير كان من عندي فكل وقتي كان للشغل، واطلقت غيابي وقتها كنت في راس البر ودي الحاجة الوحيدة اللي ندمت عليها”. فصول كثيرة من حيات المبدع محمود مرسي، وظلت هذه الفصول في ذاكرتنا حتى بعد رحيله .