عارضة الأزياء بيبي راسل التي أنقذت عمال الملابس في بنجلاديش من الفقر
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
التجارة الرائجة لصناعة الملابس الجاهزة توفر لبنجلاديش 2.5 مليون فرصة عمل، لا تتوفر لهم عبر قنوات وظيفية أخرى، بالتالي فهي نعمة في بلد فقير.
ورغم ذلك فالأجور متدنية للغاية، لدرجة أن معظم عمال الملابس، في أحسن الأحوال، يكافحون من أجل القيام بشيء أشبه بالسير على الماء، فإذا مرض فرد من أفراد الأسرة، أو صار العمال غير قادرين على العمل، غرق الجميع، لهذا تعد بنجلاديش بلد الحقائق العارية.
يعتقد عالم الاقتصاد جيفري ساكس، مدير معهد ذا إيرث إنستتيوت، أن صناعة الملابس في بنجلاديش وغيرها من الدول النامية هي فرصة لإيجاد موطئ قدم على أولى درجات سلم الاقتصاد العالمي، ففي كتابه “نهاية الفقر” الصادر عام 2005، يقول :”لا يغذي قطاع الملابس نمو الاقتصاد في بنجلاديش بنسبة تفوق خمسة بالمائة من كل عام في السنوات الأخيرة وحسب، وإنما يزيد وعي النساء في المجتمع وسلطتهن أيضًا، وهذا التغير وغيره يتيح الفرصة إمام بنجلاديش في السنوات القليلة القادمة لتضع نفسها على طريق آمن للنمو الاقتصادي طويل الأمد.
ويكمل، النساء العاملات من المرجح أن ينجبن عددًا أقل من الأطفال، فخسارة الوظيفة أثناء فترة الحمل أو الإنجاب أو رعاية الطفل أمر تكلفته باهظة نوعًا ما، ومن ثم فالنساء عددًا أقل من الأطفال يتحملن مسئولية مأكلهم وملبسهم ورعايتهم الصحية، ولديهن المزيد من المال لهذه المسئولية.
وقال “ساكس” أن متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة في حياتها، في بنجلاديش عام 1975 بلغ 6.6، أما اليوم فيبلغ المعدل الإجمالي للخصوبة 3.1، ويعد تعليم النساء وتوظيفهن إحدى أفضل الطرق لانتشال المجتمع من براثن الفقر.
وذكر “كيلسي تيمرمان” في كتابه “أين تصنع ملابسنا”، أن نحو مليوني شخص يكسبون عيشهم من العمل في مجال صناعة الملابس في بنجلاديش، ورآهم يسيرون في الشوارع في الصباح الباكر ومعهم غداؤهم.
شاهدهم يعملون أسفل مصابيح فلورسنت على ماكيناتهم، وقرأ عن معاناتهم والانتصارات التي كانت تحققها تلك الصناعة في الصحف المحلية صباح كل يوم، فتصدر العناوين الرئيسية للصحف بـ”دكا” باللغة الإنجليزية صباح يوم واحد على غرار:”إصابة 25 في اشتباكات عمال الملابس”، “مظاهرة عمال مصنع التريكو بسبب تأخر الرواتب”، “انتحار عامل ملابس”، “زيادة الصادرات بنسبة 21 بالمائة لتصل إلى 8 مليارات دولار في ثمانية أشهر”.
حكاية بيبي راسل
تخرجت بيبي راسل في كلية لندن للأزياء عام 1975، وبناء على اقتراح معلمتها قدمت بنفسها بعض أعمالها في عرض الأزياء الخاص بها، وتم اكتشافها وسرعان ما صارت عارضة أزياء عالمية تظهر صورها على أغلفة مجلات الموضة الشهيرة مثل فوج وكوزمو وهابر بازار، وفي عام 1994 عادت إلى بنجلاديش.
بدافع الحب الذي تكنه “بيبي” لشعب نجلاديش، عادت لتفعل شيء من أجلهم، فهم الذين جعلوا منها عارضة أزياء شهيرة،هي ترى ذلك، كما اعتبرت نفسها مدينة لهم بكل شيء تملكه.
من خلال شركتها بيبي برودكشنز، أدارت عمل النساجين المحليين في قرى مختلفة في أنحاء بنجلاديش والهند، فالنساجون لا يعرفون ما يحقق مبيعات وما يساير الموضة، أما “بيبي” تعرف ذلك جيدًا، فهم ليس لديهم وسيلة لدخول السوق العالمية، لكن “بيبي” تحقق لهم ذلك.
عارضة الأزياء “بيبي” ترى أن كل شيء ينبع من أبناء الشعب البسطاء، كل شيء.
كرست “بيبي” نفسها وكل ما تملكه من أموال للعمل الخيري، ويساعد إخوتها وأخواتها والأولاد على سدد نفقاتها اليومية، والدتها تعتقد أنها تؤثر الآخرين على نفسها بشكل مبالغ فيه.
ففي عام 2004، كسر ساقها أثناء تقديمها المساعدة في إندونيسيا لضحايا تسونامي، فأعطتها والدتها المال لإجراء العملية الجراحية اللازمة، لكن “بيبي” تبرعت بالمال، فكان رجل في إحدى القرى، التي عملت بها، أصيب بنوبة قلبية واستلزمت حالته إجراء تغيير شريانين بالقلب.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال