تاريخ قرية الهياتم ومظاهرة رفض حظر التجول “فعلتها قبل 110 سنة”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عاد تاريخ قرية الهياتم مجددًا بعد خروج أهلها في مظاهرة ترفض إجراءات حظر التجول التي أعلنتها الحكومة المصرية يوم 24 مارس الماضي وبدأ سريانها في اليوم التالي وذلك لمواجهة فيرس كورونا.
اقرأ أيضًا
تكبير الإسكندرية بين التغير المجتمعي ورأي الطب النفسي
وتجيء هذه المظاهرة كثاني ردود الفعل الغريبة للشعب المصري في التعامل مع فيرس كورونا، حيث سبقتها مظاهرة من الإسكندرية تندد بالفيرس وتطالبه بالرحيل (نعم عزيزي القارئ كما قرأت فهتافهم كان كذلك).
عفوًا .. لا داعي للألش من اسم القرية
مع انتشار فيديوهات مظاهرة قرية الهياتم بدأت موجات من الألش على الاسم ذاته في محاولة لتشبيه القرية من حيث التسمية بالفنانة هياتم، لكن اسم القرية الأصلي ليس كذلك، فاسمها يعود إلى أحد الصالحين الذي استوطن بها قديمًا.
يشير الإدريسي في كتابه «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» إلى أن القرية كان اسمها «محلة أبي الهيثم»، وهو نفس الشيء الذي أورده الأسعد بن مماتي في كتابه قوانين الدواوين، وهي من أعمال محافظة الغربية، ثم اشتق اسمها الحالي «الهياتم» عام 1813 زمن محمد علي باشا.
من وحي المظاهرة .. التاريخ لا يكرر نفسه لكن الإنسان يعيد أفعاله
لم تكن المظاهرة الرافضة لحظر التجول الذي سرى من أجل مقاومة فيرس كورونا هي الأولى من نوعها في تاريخ قرية الهياتم فقد سبقتها مظاهرة مطلع العام 1910 م لسبب يشابه أجواء عام 2020 م.
القصة تبدأ قبل 8 سنوات من مظاهرة 1910 م حيث اجتاح وباء الكوليرا مصر للمرة التاسعة من قرية موشا في أسيوط وخلال 6 أشهر انتشر داخل 2026 قرية ومدينة مصرية وتسبب في موت 34 ألف و595 نسمة.
اقرأ أيضًا
تاريخ الكوليرا في مصر (1-3) إحصاء المواقع غير صحيح وهذه حكاية كل وباء
أرادت السلطات المصرية مقاومة الكوليرا في مصر بإجراءات وقائية كان على رأسها هدم كل البرك القديمة وإلزام كبار الملاك بعمل مصارف جديدة وواسعة حتى لا تكون بؤرة مستقبلية للكوليرا أو الطاعون، وبسبب هذا الاجراء تحديدًا لم تأتي الكوليرا إلى مصر بشكل وبائي سوى مرة واحدة عام 1947 م.
كان أحد كبار ملاك قرية الهياتم هو محمد بك توفيق ورضخ لإجراءات الحكومة المصرية وقرر توسعة مصرف أراضيه بتكلفة مالية وصلت إلى 8 آلاف جنيه مع أحد شركاه الذين يسكنون منطقة السيدة زينب، لكن مشكلة الأرض أن صاحبها متوفي ودارت شائعة تشير إلى أن الحكومة ترغب في ضم الأرض لأملاك الخديوي عباس حلمي الثاني.
تشير وثيقة مفتش الري المؤرخة بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1907إلى أن أطيان محمد بك توفيق عليها مشاكل بين ورثة المالك والحكومة بسبب التداخل بين الأملاك الخديوية وكبار المُلاك وظلت المسألة في مداولات استغرقت عامين وتفاقمت أكثر بعد مؤازرة أهالي القرية للورثة إذ خرجوا في تظاهرة صغيرة بعد انتشار شائعة ضم الأراضي للقصر الخديوي ورفضوا إتمام عملية الضم، على الرغم أن الحقيقة هي إلزام الورثة بعمل مصرف لمجابهة الكوليرا وتقديم شيك مستحق الدفع.
انتهت الخلافات بين عامين إذ تم تقسيط المبلغ على الورثة على أن تكون الأرض بحوزتهم في مقابل إتمام عملية توسيع المصرف، وهو ما تم في مايو سنة 1910 م
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال