رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
8٬680   مشاهدة  

كيف كذب علينا محمد نجيب لأنه غالبا لم يقتنع بكذبة أننا لم نعرفه رئيسا في كتب المدرسة؟

محمد نجيب
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



رسمت أزمة مارس 1954 نهاية محمد نجيب في الإقامة الجبرية وإلى الآن لا زال ثنائي «الديمقراطية والديكتاتورية» يستثير شهية المؤرخين وأصحاب الأيدولوجيات المختلفة السوي منها وغير السوي، بتقديم قصص مختلفة وآراء متنوعة وروايات متعددة.

لكن تفاصيل ما بعد أزمة مارس وسنوات وضع محمد نجيب في الإقامة الجبرية تحكمها رواية واحدة هي من الرئيس نجيب نفسه عبر كتاب كنت رئيسًا لمصر الصادر عام 1984 م، والتي تصور أن نجيب قضى اعتقاله في فيلا لا تصلح للسكن الآدمي وممنوع عليه الخروج والتواصل مع أي شخص وظل هكذا حتى مات جمال عبدالناصر.

محمد نجيب في الإقامة الجبرية .. قراءة بين كلام الرئيس وواقعه

محمد نجيب في أواخر أيامه
محمد نجيب في أواخر أيامه

اشتهر عن محمد نجيب أنه كان يكره فيلا زينب الوكيل مقر إقامته الجبرية لكن الخبر المنشور في جريدة الأخبار يوم الجمعة 28 يناير 1983 يشير إلى شيء آخر حيث قضت محكمة جنوب القاهرة بطرد اللواء محمد نجيب وابنه يوسف من فيلا زينب الوكيل في المرج وتمكين أصحابها ورثة زينب الوكيل من الفيلا بملحقاتها ومفروشاتها وحديقتها التي تبلغ 12 فدانا، وأشار الخبر إلى أنه قد تم صدور العفو عن مصادرة أملاك زينب الوكيل بقرار جمهوري صدر فى عام 1960 م ومن ضمن بنود قرار العفو فيلا زينب الوكيل بما حولها من مساحة حديقة تبلغ مساحتها 12 فدان ونقل محمد نجيب إلى قصر أمينة طوغان لكن اللواء رفض الفيلا.

أما من حيث شكل الفيلا فإن اللواء حسن طلعت في حواره مع الكاتب عبدالله إمام أكد أنه اندهش عندما قرأ مذكرات محمد نجيب لأنه كان مشرفًا بنفسه على الإقامة وقال لقد لبيت كل طلبات الرئيس محمد نجيب خلال إقامته بقصر زينب الوكيل بالمرج، وأن الرئيس نجيب طلب أكثر من مرة أن يتم تسديد ديونه وزيادة معاشه الشهري وتغيير سيارته وقد وافق الرئيس عبد الناصر على تنفيذ كل طلباته، كما أن القصر كان مؤثث بأثاث فاخر ، ويحتوى على حديقة كبيرة وظل محتفظاً بحالته الجيدة حتى وفاة زوجة الرئيس محمد نجيب فى ديسمبر 1970 م.

ويفجر حسن طلعت الذي رافق نجيب خلال فترة إقامته مفاجأة حول احتساء نجيب للخمور بعد وفاة زوجته حيث دخل في نوبة اكتئاب وأدمن احتساء الخمور وأهمل رعاية حديقة القصر وبدد الأثاث.

حضور نجيب خطوبة ابن شقيقته
حضور نجيب خطوبة ابن شقيقته

كذلك فإن محمد نجيب في فترة الإقامة الجبرية التي قضاها بفيلا زينب هانم الوكيل خرج عام 1963 وحضر حفل خطوبة ابن شقيقته اللواء أركان حرب حسن محمد سالم الشاهد، وفي تلك الصورة يتضح أنها لم تكن إقامة جبرية بمعنى الكلمة، فضلاً عن أن رغم الخلاف بينه وبين مجلس قيادة الثورة وعزله، لم يؤثر ذلك على ترقي ابن شقيقته في الجيش حتى وصل لرتبة لواء وهو في سن صغير.

غلاف الوثائق الخاصة بالرئيس محمد نجيب
غلاف الوثائق الخاصة بالرئيس محمد نجيب

الأمر ذاته يؤكده محمد نجيب بنفسه ففي كتاب الوثائق الخاصة بالرئيس نجيب عام 1985 م نشر عادل حمودة صفحات من مفكرة مكتب محمد نجيب بخط يده، مقتطفات حول يومياته خلال سنوات حكم جمال عبدالناصر وفيه أن نجيب كان يتنقل بحراسة ويعالج كلابه عند الطبيب البيطري ويذهب للبنك ويشتري احتياجاته ويزور أصدقاءه، وان لديه خادمة وحارس خاص وسائق خاص.

مذكرات محمد نجيب المنسية

مذكرات محمد نجيب
مذكرات محمد نجيب

يصف الباحث عمرو صابح مذكرات محمد نجيب بأنها المرجع الأساسي لكل خصوم ثورة 23 يوليو سواءًا كانوا ليبراليين أو إخوان أو مؤيدي الملكية، ولعل هذا أدق وصف للمذكرات، لكن هناك حقائق أخرى غير مروية عن تاريخ مذكرات محمد نجيب.

لم يكن كتاب كنت رئيسًا لمصر هو أول مذكرات للواء محمد نجيب وإنما هو واحد من 4 مذكرات كتبها نجيب بدءًا من عام 1955 م وحتى عام 1985 م أي أن هناك كتاب بعد موته نُشِر له وكان قد كتبه بالوثائق.

أول مرة كتب فيها محمد نجيب مذكراته كانت عام 1955 م وكان اسمها مصير مصر، وأشرف على صياغة المذكرات الصحفي الإنجليزي لي وايت ثم طبعها ونشرها في بريطانيا وأمريكا، وفي أواخر عام 1955 تمت ترجمته إلى العربية ومنعت السلطات المصرية نشره داخل أراضيها.

بالأيدولوجية الأمنية الناصرية فإن محمد نجيب كان يمكن أن يحاكم بتهمة التخابر تمامًا مثل مصطفى أمين لكن لم يتعرض لمحاكمةٍ أو اتهام من هذا النوع، رغم أن محمد نجيب ارتكب خطئية عظمى تمثلت في إهداء الطبعة الأولى للكتاب حيث وجهها إلى نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي الخصم اللدود لجمال عبدالناصر وأحد أشهر العملاء العرب الموالين للإنجليز.

ثاني مرة كتب فيها محمد نجيب مذكراته كانت عام 1975 بعنوان كلمتي للتاريخ وصاغها له الضابط أحمد حمروش، بينما الثالثة كانت عام 1984 م بمذكرات كنت رئيسًا لمصر وصاغها له الصحفي عادل حمودة والرابعة عام 1985 بصياغة عادل حمودة عقب وفاة نجيب وسماها الوثائق الخاصة بالرئيس محمد نجيب.

من تناقضات مذكرات محمد نجيب حول عامر وناصر

عبدالحكيم عامر - محمد نجيب - جمال عبدالناصر
عبدالحكيم عامر – محمد نجيب – جمال عبدالناصر

المذكرات الأربعة للواء نجيب بها متناقضات تشير إلى أن الرجل كان يكذب وتفرغ الباحث عمرو صابح لتفنيدها لكن أبرزها على الإطلاق مسألة إصابة عبدالناصر ورأي نجيب فيه، ففي صفحة 21 من كتاب مصير مصر قال نجيب «أحضر عامر أحد أصدقائه معه صاغاً شاباً تذكرت أنى قابلته فى الفالوجة فى فلسطين وأعجبت بشجاعته فى القتال ، واسمه جمال عبد الناصر ، كان قد أصيب خلال المعارك ، وكاد يموت وبمجرد تعافيه رفض أن يعود للقاهرة ، وصمم على العودة لميدان القتال».

بينما في كتاب كنت رئيسًا لمصر قال «خلال شهور الحرب لم يلفت جمال عبد الناصر انتباهى ، لكنى أتذكر أنه كان يحب الظهور ، ويحب ان يضع نفسه فى الصفوف الأولى والدليل على ذلك ما حدث فى الفالوجا، كنا نلتقط صورة تذكارية ففوجئت بضابط صغير يحاول أن يقف فى الصف الأول مع القواد ، وكان هذا الضابط جمال عبد الناصر ولكنى نهرته وطلبت منه العودة لمكانه الطبيعى فى الخلف، وعرفت عنه بعد ذلك أنه لم يحارب فى عراق المنشية كما ادعى ولكنه ظل طوال المعركة فى خندقه لا يتحرك».

غلاف كتاب مثقفون وعسكر
غلاف كتاب مثقفون وعسكر

فند الكاتب الراحل صلاح عيسى في كتاب مثقفون وعسكر كافة تناقضات نجيب في مذكراته التي صاغها من عام 1955 حتى 1984 ومنها مسألة أنه لم يتقاضى أموالاً على كل مذكراته لأن هدفه تعريف الناس بالتاريخ لا المال، لكن الحقيقة أن نجيب تقاضى 45 ألف جنيه من مجلة الحوادث اللبنانية عن كتاب كلمتي للتاريخ و500 جنيه عن كنت رئيساً لمصر، وقال صلاح عيسى «تناقض اللواء جعل من الخونة أبطالاً ومن الأبطال خونة».

إقرأ أيضا
الشرطة في حرب أكتوبر

تآمر محمد نجيب عام 1956 بشهادة أعداء جمال عبدالناصر

وثيقة تبرع محمد نجيب وطلبه التطوع
وثيقة تبرع محمد نجيب وطلبه التطوع

اشتهر عن موقف الرئيس محمد نجيب في الإقامة الجبرية أنه عرض التطوع في الجيش المصري ليقاتل ضد الغزاة في العدوان الثلاثي ولما رُفِض طلبه قدم تبرعًا وقابله أعضاء مجلس قيادة الثورة بنفيه إلى جنوب مصر.

اقرأ أيضًا 
جمال عبدالناصر في فيلم بورسعيد “خطأ فني من المخرج بمحتوى تاريخي”

حقيقة تلك المعلومة أن هناك شيئًا خفيًا عن دور نجيب الحقيقي في العدوان الثلاثي إذ كان نجيب جزءًا من خطة عمليتي تيليسكوب وڤرديكت التي تقضي بتقدم القوات الفرنسية نحو الإسماعيلية والسويس والتفرع للقاهرة ثم إسقاط الحكم الناصري واعتقال عبدالناصر وتعيين محمد نجيب بدلاً منه.

خبر صحيفة الأهرام
خبر صحيفة الأهرام

في العام 1996 م نشرت صحيفة الأهرام تقريرًا فرنسيًا بمناسبة الذكرى الأربعين للعدوان الثلاثي عام 1956 م وذكر أن رئيس الوزراء الفرنسي جي موليه لتنصيب اللواء محمد نجيب رئيساً لمصر بدلاً من الرئيس جمال عبد الناصر، لولا أن المخابرات العامة المصرية علمت بتفاصيل الخطة عن طريق البكباشي ثروت عكاشة الملحق العسكري في الفارة المصرية في باريس.

غلاف كتاب مصر ولع فرنسي
غلاف كتاب مصر ولع فرنسي

وفي ص 312 من كتاب مصر ولع فرنسي للمؤرخ روبير سوليه والذي ترجمه لطيف فرج تفاصيل التفاوض حيث قال «توجه ضابط مخابرات فرنسي اسمه “جاك بييت “حضر لمصر سراً،عقب تأميم الرئيس عبد الناصر لشركة قناة السويس، موفداً من رئيس الوزراء الفرنسي جى موليه للتفاوض مع محمد نجيب على الحلول محل جمال عبد الناصر، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لا تعادى الغرب، وتهيئ الرأى العام لإجراء مفاوضات للسلام مع الإسرائيليين، وحسب شهادة جاك بييت، وافق نجيب على تلك المقترحات، ولكنه اشترط موافقة البريطانيين أيضاً على توليه الحكم بعد الإطاحة بجمال عبد الناصر».

الكاتب

  • محمد نجيب في الإقامة الجبرية وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
31
أحزنني
2
أعجبني
25
أغضبني
3
هاهاها
7
واااو
11


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان