“أنا شيء ؟!” قراءة صوفية لديالوج مشهد محمود عبدالمغني في فيلم صاحب المقام

جسّد الفنان محمود عبدالمغني في فيلم صاحب المقام دورًا مميزًا وأداءًا ممتازًا بعد ساعة من بداية العمل حيث ظهر في شخصية المدمن الذي ساءت حالته النفسية بعد موت ابنته هاجر وكان راسل الإمام الشافعي طالبًا الشفاء لها.

حوار محمود عبدالمغني في فيلم صاحب المقام

ماتت هاجر بعد فترة من رسالة والدها للإمام الشافعي حتى جاءه الرد عبر آسر ياسين ولم يصدق فقام مهرولاً وقال في حوار نابع من قلب متألم، كسير، متعجب لواسع مغفرة الله “يا رب! أنا يا رب .. بتسمعني أنا .. ده أنا مدمن ابن كلب واطي مليش تلاتين لازمة .. بتسمعني أنا يا رب .. أنا .. الإمام الشافعي يرد على جواب عويل أفيونجي ترمادولجي .. طب إزاي .. إزاي يارب”.

أسئلة حول رحمة الله للعصاة وغير المؤمنين به

في المشهد التالي للفنان محمود عبدالمغني في فيلم صاحب المقام جاءت إجابته على سؤال لماذا أرسل خطابًا باسم زوجته لا باسمه وتبين أنه كان بعيدًا عن الله بعكس زوجته، وهنا تجيء سلسلة من الأسئلة لِمَ يغفر الله؟ لِمَ يسمع؟ ولِمَ يستجيب؟
هل السيئات تبعده عنا .. هل الحسنات تقربه منا .. هل يغفر لأننا نستحق المغفرة أم لأنه غفور رحيم؟
هل خلق الله الخلق ليعذبهم أم ليرحمهم؟.
هل يفقد الأمل من عصى؟ وهل ييأس من أتى الكبائر؟
وهل خلق الله كل هؤلاء الكفار ليعذبهم ويسكنهم قعر الجحيم وهو القائل في الحديث القدسي: «لو خلقتموهم لرحمتموهم».
كما قال تعالي في كتابه العزيز: «ورحمتي وسعت كل شيء» والإنسان مؤمن وكافر شيء فتشمله الرحمة.
وقال عز وجل في الحديث القدسي: «سبقت رحمتي غضبي».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الفاجر في دينه الأحمق في معيشته، والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الذي قد محشته النار بذنبه، والذي نفسي بيده ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس رجاء أن تصيبه» رواه الطبراني.

اقرأ أيضًا 
صاحب المقام .. مأساة إبراهيم وتألق آسر ويسرا وكل الضيوف وأزمة صناعة فيلم

في فصل مشهد الرحمة في المعصية بـ كتاب ففروا إلى الله نقل أبو ذر القلموني قول ابن القيم رحمه اللَّه: «إن العبد إذا وقع في الذنب خرج من قلبه تلك الغلظة والقسوة، والكيفية الغضبية التي كانت عنده لمن صدر منه ذنب، حتى لو قدر عليه لأهلكه، وربما دعا اللَّه عليه أن يهلكه ويأخذه، غضبًا منه لله، وحرصًا على ألا يعصى. فلا يجد في قلبه رحمة للمذنبين الخاطئين، ولا يراهم إلا بعين الاحتقار والازدراء، ولا يذكرهم إلا بلسان الطعن فيهم، والعيب لهم والذم. فإذا جرت عليه المقادير وخُلي ونفسه واستغاث اللَّه والتجأ إليه، وتململ بين يديه تململ السليم، ودعاه دعاء المضطر، فتبدلت تلك الغلظة على المذنبين رقة، وتلك القساوة على الخاطئين رحمة ولينًا، مع قيامه بحدود اللَّه، وتبدَّل دعاؤه عليهم دعاءً لهم، وجعل لهم وظيفة من عمره، يسأل اللَّه أن يغفر لهم».

اقرأ أيضًا 
فيلم صاحب المقام .. وقتك أعز الأشياء فأشغله بأعز الأشياء

إقرأ أيضا

هل كان النبي إبراهيم يعبد النجوم والشمس والقمر قبل أن يكون رسولاً ؟

ويقول الإمام صلاح الدين التجاني الحسني: “أرجو أن يكون الله قد خلق الكفار والمشركين حتي يُظهِر فيهم أعظم مظاهر عفوه يوم القيامة إذ لا يتعاظم عفو الله شرك ولا كفر كما لا يتعاظمه ذنب”، وقال الشيخ صلاح التجاني في كتاب التنزلات الإلهية في التنزل الرابع عشر  :ـ
تعَلَّقْ بِحُبِّي وَحْدِي.
وَلَا تَنْظُرْ إلى الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ.
مَا حَسَنَتُكَ تُقَرِّبُكَ مِنِّي.
وَلَا سَيِّئَتُكَ تُبْعِدُكَ عَنِّي.
لِأَنِّي أَحْبَبْتُكَ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَرَي فَضْلِي عَلَيكَ.
وَأَحْبَبْتُ أَنْ أُبِيحَ لَكَ رَحْمَتِي وَمَغْفِرَتي.
لَنْ يَنْقَطِعَ جُودِي إِلَيْكَ بِسَيِّئَاتِكَ.
وَلَنْ يَتَوَقَّفَ كَرَمِي عَلَيْكَ لِهَفَوَاتِكَ.
مَشِيئَتِي فِيكَ بِالرَّحْمَةِ وَالحُبِّ لَا يَصْرِفُهَا عَنْ إِنْفَاذِ مُرَادِهَا صَارِفٌ.
فَأَنَا في لَحْظَةٍ أُقَرِّبُ البَعِيدَ، وَأَرْفَعُ الوَضِيعَ.
وَأُعِزُّ الذَّلِيلَ، وَأُغْنِي الفَقِيرَ.
وَأَبْسِطُ المَقْبُوضَ، وَأُصَحِحُ المَرِيضَ.
يَا حَبِيْبِي ! طَلَبْتُ مِنْكَ قَلْبَكَ، وَوَهَبْتُ لَكَ كُلَّكَ.