رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
3٬250   مشاهدة  

مذكرات محمد علي باشا المجهولة ج1: تمنيت الموت وهذا موقفي الديني

مذكرات محمد علي باشا
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



بدأت رحلة العثور على مذكرات محمد علي باشا في أجواء بالغة الصعوبة من الناحية البحثية، لأن الوالي لم يهتم كثيرًا بمسألة التوثيق ليومياته، خاصةً وأن له رأي سلبي في هذا الموضوع.

طريق الميزان إلى مذكرات محمد علي باشا

محمد علي باشا في أواخر أيامه
محمد علي باشا في أواخر أيامه

لم يدون محمد علي باشا يوميات حياته بالشكل الكلاسيكي لصيغة المذكرات، لكنه ترك مالا يقل عن 100 أقصوصة حول نفسه وحياته وسياساته مكتوبة بلغات أجنبية نُقِلَت عن التركية التي كان يتحدث بها للقناصل الأجانب.

اقرأ أيضًا 
لماذا قال إبراهيم باشا محمد علي : أنا مصري ولست تركيًا

استطاع موقع الميزان التوصل لأكثر من 50 أقصوصة قديمة من مذكرات محمد علي باشا التي أملاها على عدد من القناصل ونُشِرَت على صحف متفرقة جمعها احتفظ بها أرشيف جريدة الأهرام في العام 1949 م.

موقف محمد علي باشا من أبيه ولماذا تمنى الموت ؟

المنزل حيث وُلد محمد علي باشا في مدينة قولة
المنزل حيث وُلد محمد علي باشا في مدينة قولة

تبدو العلاقة بين محمد علي باشا وأبيه مسألة في غاية التناقض التاريخي، فغالبية كتب التاريخ القديمة تشير إلى أن والد محمد علي باشا مات وكان نجله بين الطفولة والبلوغ، وسبق وأن صرح هو بذلك لأولاده في طفولتهم، من أجل أن يعرفهم معنى القسوة قبل الشفقة.

اقرأ أيضًا 
يوم موت محمد علي باشا .. رد الفعل أكثر صدمةً من خبر الوفاة

لكن مذكرات محمد علي باشا التي أشارت لوالده تعطي مسألة أخرى فهو تأثر بنهاية والده لدرجة أنه تمنى الموت دون الوصول لها، فخلال رسالته لقنصل فرنسا غير العادي بوالوكنت عام 1833 قال محمد علي باشا «عاش أبي حتى بلغ الـ 100 ولكن ذاكرته أصيبت بالضعف، أما أنا فأتمنى الموت حالما شعرت بضعف ذاكرتي».

قبر محمد علي باشا
قبر محمد علي باشا

ولم تتحقق أمنية محمد علي باشا فهو وإن مات في سن أقل من عُمْر أبيه بـ 20 سنة، لكن الزهايمر كان رفيقه في أواخر أيامه كأبيه.

موقف محمد علي باشا من الدين

رسمة أداء الصلاة والباشا
رسمة أداء الصلاة والباشا

كافة المصادر التاريخية التي تناولت موقف محمد علي باشا الديني تجمع على 3 أشياء، أولهم أنه استطاع الإطاحة بأحد أقوى مؤسسات مصر شعبيةً وهي الأزهر عبر القضاء على زعاماتها الشعبية، وثانيهم أن له ميل صوفي عبر حبه للبكتاشية، وثالثهم أنه لم يرحم رجل دين واحد اشتغل بالحكم من منظور ديني، لكن وثائق الباشا تشير إلى جوانب أخرى.

قرار محمد علي بصرف معاش دراويش المولوية المصرية
قرار محمد علي بصرف معاش دراويش المولوية المصرية

من الجوانب المجهولة في مذكرات محمد علي باشا أنه بعد أشهرٍ من تسلمه حكم مصر أصدر ورقة البيورليدي، وهو قرار أصدره محمد علي باشا يخص معاش الدراويش المولوية في مصر إذ صرف لهم معاشًا شهريًا بقدر 150 بارا (عملة مصر آن ذاك) لكي يتعيشوا منها.

كان موقف محمد علي باشا من الدين مركبًا، فهو يعتبر نهوض البلاد جزء من واجباته الدينية وصرح بذلك للقنصل الفرنسي أدريا لوى كوشيليه سنة 1838 حيث قال «أحب بلادي وسأبرهن أن هذا الحب جزء من ديني».

لكن من الناحية السياسية فكان محمد علي باشا علمانيًا واضحًا وصرح لسكرتير القنصل الفرنسي بذلك عام 1830 حين عرض عليه القنصل التحالف مع فرنسا وسأله هل سيحرجه هذا أمام المصريين لأن أوروبا مسيحية فقال الباشا «لا تتصور أن حكمي مبني على اعتبارات دينية، أنا فوق هذه الاعتبارات، فأنا لا أعتبر نفسي في سياستي مسلمًا ولا مسيحيًا، ولكن بما أنني أستمد نفوذي من الشهرة التي أتمتع بها وحكم أمتي، وإذا تعاهدت مع الغرب قضيت على نفسي».

مذكرات محمد علي باشا ومسألة نظرته للحكم

محمد علي يتولى حكم مصر
محمد علي يتولى حكم مصر

«الصعوبة في البداية أني استخدمت إبرة أحفر بها أرض مصر، أما الآن فأستعين بفأس، لكني أريد أن أنتفع بكل مزايا المحراث، أريد رجالاً يفهموني وإذا فهموني شاركوني في أعمالي»

تلك جملة صرح بها محمد علي باشا لأحد سكرتارية القنصلية الإنجليزية سنة 1838 م، وتبدو متجانسة مع حالة اللاغرور التي يتسم بها وعبر عنها سنة 1824 لـ بوالوكنت بقوله «أريد أن أكون محمد علي لا أكثر ولا أقل».
ورغم تعففه عن الغرور لكنه أعطى لنفسه حقًا بالمدح خلال لقاءه مع أحد النبلاء الألمان ويدعى بوكلير موسكاو سنة 1837 م حيث قال له «يكفي للأجيال القادمة أن تعرف أن محمد علي باشا لم يحقق ما حققه بفضل التقليد أو توسط الغير، بل بفضل جهوده الشخصية، كل دولة تستطيع أن تصبح كبيرة، وكل جيش يستطيع أن يضمن الفوز إذا وجد كل منهما من يعرف كيف يقوده في الطريق القويم».

محمد علي باشا
محمد علي باشا

ثلاث شخصيات من الأجانب ظهروا في مذكرات محمد علي باشا حين تكلم معهم عن مشروعات وسياسته فقد قال لأولهم وهو بواكلنت سنة 1833 «غايتي الكبرى إدخال المدنية في مصر، ولكن الوقت قد يضيق لتنفيذ أساليبها، يقولون لي إن مصر غدت في مستوى أوروبا، إلا أني على يقين من أن هذا القول غير صحيح، فأنا محتاج إلى 30 سنة لأعزز سياستي الجديدة في البلاد، والواقع إني لا أرجو أن أعيش طول هذه المدة، ولست راغبًا».

اقرأ أيضًا 
محمد علي والمماليك .. فصول الصراع المنسي بعيدًا عن مذبحة القلعة

إقرأ أيضا
الكبير 8

أما رئيس البعثة العسكرية الفرنسية بمصر سنة 1824 م فقال له محمد علي «عزيزي بواييه .. أنا أريد أن أدخل إصلاحات ضخمة وأن أؤسس عدة منشآت وأكون جيشًا وطنيًا كبيرًا لأن الجيش هو دعامة القوة الثابتة الراسخة، وأريد قبل وفاته أن أعزز في بلادي مبادئ المدنية، وعلى نجلي إبراهيم باشا أن يقتفي آثاري ويوضح خطتي فهو متعلق بتلك المبادئ التي قد تعود بفائدة عظيمة على البلاد».

أما صولت صولت قنصل انجلترا سنة 1827 قال له الباشا «أنا مشرف على ولاية مصر منذ 22 عشرين وفي السنوات الست الأخيرة حققت من المشروعات أكثر ما حققته في السنوات التي سبقتها، فإن تكوين جيشي والنظم التي أتبعها داخل بلادي وإنشاء الأسطول هو بلا شك كسب لنا، وإن عشت 6 سنوات أخرى فسأستطيع أن أفكر طويلاً في المشروعات التي أنوي إدخالها حتى يكون لها أعمق الأثر في البلاد، أتتذكر مصر منذ 20 سنة وحالها عزيزي صولت ؟».

مذكرات محمد علي باشا والجوانب الأسرية

محمد علي باشا
محمد علي باشا

لم يخفي محمد علي باشا مسألة أميته حيث صرح بها لأحد رجال فرنسا ويدعى بورنج خلال الحرب مع تركيا حين قال «لم يسعدني الحظ بأن أتعلم في صغري فلم أبدأ في تعلم القراءة والكتابة إلا وأنا في السابعة والأربعين من سني».

ومع ذلك فإنه كان مربيًا لأولاده بطريقة بها قسوة من أجل الشفقة ولم يدرسها وإنما بالفطرة، وعبر عنها لـ دوهاميل قنصل روسيا القيصرية سنة 1836 «ليس من عادتي أن أرفع الكلفة بيني وبين أولادي عند التحدث إليهم، وقد تشيع كلمة واحدة أفوه بها الذعر في أنفسهم».

أما صديقه كوشيليه فقال له محمد علي باشا سنة 1838 عن تخوف ظل يؤرقه «ما يقلقني مستقبل عائلتي ومصير جميع المستخدمين والأفراد الذين حولي، لأني أعتبرهم أولادي فما هو مصيرهم من بعدي».

ــ يُتْبَع ـ

الكاتب

  • مذكرات محمد علي باشا وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
17
أحزنني
0
أعجبني
12
أغضبني
1
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان