“معاوية بن يزيد” يخلق من ضهر “المجرم” صالح على “عرش الخلافة”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تبدو قمة المتناقضات التاريخية في العلاقة مع كرسي الخلافة، هي التي بين يزيد بن معاوية وولده معاوية بن يزيد، فالأب تورط تورطاً مباشراً في قتل آل البيت بكربلاء، ثم استحل المدينة المنورة وضرب الكعبة في مكة حتى مات بطريقة غامضة.
بينما سيرة من جاء بعده وهو ولده وموقفه من الخلافة كان على عكس سيرة أبيه، حيث كان شاباً صالحاً ولما استخلف كان مريضاً فاستمر مريضاً إلى أن مات ولم يخرج إلى الباب ولا فعل شيئاً من الأمور المعروفة عن الخلفاء ولا صلى بالناس.
مع أن معاوية بن يزيد أصبح الخليفة الثالث في سلسلة خلفاء بني أمية من الناحية النظرية، إلا أنه لم يباشر عمله كخليفة، حيث كان ضعيفًا عن النهوض بتَبِعات المنصب، وكان صادقًا مع نفسه ومع الناس، فأعلن ذلك صراحة؛ حيث يروي ابن كثير أنه بعد أن صلَّى على أبيه، وتم دفنه، وأقبل عليه الناس وبايعوه بالخلافة نادى في الناس: الصلاة جامعة، وخطب فيهم فكان مما قال:
“أيها الناس، إني قد وليت أمركم وأنا ضعيف عنه، فإن أحببتم تركتها لرجل قوي، كما تركها الصِّدِّيقُ لعمر، وإن شئتم تركتها شورى في ستة كما تركها عمر بن الخطاب، وليس فيكم من هو صالح لذلك، وقد تركتُ أمرَكم فولُّوا عليكم من يصلح لكم” ثم نزل ودخل منزله، فلم يخرج حتى مات .
واتخذ موقفاً من فكرة أن يوصي بأحد بعده في الحكم كجده معاوية بن أبي سفيان فقال بخطبة صريحة نقلها بن الأثير “أما بعد، فإني ضعفت عن أمركم فابتغيت لكم مثل عمر بن الخطاب حين استخلفه أبو بكر فلم أجده، فابتغيت ستة مثل ستة الشورى فلم أجدهم، فأنتم أولى بأمركم فاختاروا له من أحببتم، ثم دخل منزله وتغيَّبَ حتى مات”.
واعتُبِرَ هذا الموقفُ منه دليلاً على عدم رضاه عن تحويل الخلافة من الشورى إلى الوراثة؛ فقد رفض أن يعهد لأحد من أهل بيته حينما قالوا له: اعهد إلى أحد من أهل بيتك، فقال: “والله ما ذُقْتُ حلاوة خلافتكم، فكيف أتقلد وزرها وتتعجلون أنتم حلاوتها، وأتعجل مرارتها؟ اللهم إني بريء منها متخلٍّ عنها”.
كانت مدة خلافة يزيد بن معاوية أربعين يوماً ومات عن عمر 21 سنة، وقد أعقب ذلك فترة من الفتن والصراع بين الأمويين وابن الزبير، انتهت لصالح الأمويين الذين استطاعوا تدارك الموقف وبايعوا مروان بن الحكم بالخلافة في مؤتمر الجابية في ذي القعدة سنة 64هـ.
وصَلّى عليه الوليدُ بن عُتْبَة بن أبي سفيان، ليكون الأمر له من بعده، فلما كبر الثانية طعن فسقط ميتاً قبل تمام الصلاة، فقدم عثمان بن عتبة بن أبي سفيان، فقالوا: نبايعك؟ قال: على أن لا أحارب ولا أباشر قتالاً، فأبَوْا ذلك عليه، فصار إلى مكة، ودخل في جماعة بن الزبير.
إقرأ أيضاً
العارف بالله علي بن أبي طالب “مأثورات حددت ماهية الأسماء ومفهوم الجنة والنار”
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال