معركة الميديا .. كيف انتصرت الكاميرا للقضية الفلسطينية لأول مرة؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ماذا حدث في الرأي العام العالمي عقب عملية طوفان الأقصى ؟ هناك قاعدتين أساسيتين تتحكمان في صناعة الخوف داخل الإنسان، أولًا أن يجهل مصدر الخوف فتتضخم بداخله صورة مصدر الخوف، وأخيرًا أن تعمل آلة إعلامية صوب عينيه وملاصقة لأذنية 24 ساعة في اليوم لتكسير مقاديفه ولتهويل قدرات الخصم فتجعله فريسة سهلة عندما ينقض عليه .. وتلك الطريقة كانت العصابات الصهيونية في تل أبيب قد اتبعتها منذ اليوم الأول من تكوينها، بل هي ضلع رئيس في اختراع ما يسمى بـ “اسرائيل” من الأساس، حيث أن الهالة الإعلامية التي تتحكم العصابات الصهيوينة في صناعتها وتضم مؤسسات إعلامية وصحفية كبيرة بل هي الأكبر في العالم تلعب دائمًا على وتر المظلومية تارة، والتهويل في القوة الإسرائيلية تارة أخرى .. ولهذا اللعب قواعد نفسية رهيبة ومعقدة وكثيفة التفاصيل يصعب على غير المتخصص التقاطها، لكن فطرة المشاهد المصري والعربي الخالصة تستطيع التقاطها في أحيان كثيرة عبر طريقة كلام هؤلاء الإعلاميين أو لغة جسدهم.
حلقة باسم يوسف مترجمة كاملة مع بيرس مورجان
في كل مرة كانت الكاميرا تنتصر للجانب الصهويني تارة بإخفاء جرائم الجانب الصهيوني عن الأعين، وتارة بنشر جرائم فظيعة لا بهدف ملاحقة المجرمين من العصابات الصهيونية لكنها تُنشر في سياق الهزيمة النفسية، لكن ما حدث يوم السابع من أكتوبر من قِبَل المقاومة الفلسطينية عقب معركة طوفان الأقصى كان خطًا مغايرًا للخطوط العامة التي رسمتها لنا تلك العصابات عبر وسائل الإعلام المتحكمة بها .. وهو أن الكاميرا قد استخدمتها المقاومة الفلسطينية لتصوير لقطات من معركة طوفان الأقصى التي انتصرت فيها – باعتراف الجانب الصهيوني- جاءت في إطار كسر الهيبة الصهيونية التي خصصت لها العصابات الصهيونية حول العالم، مليارات من الدولارات لتكوينها داخل العقل العربي من الأساس .. وما حدث هذه المرة هو مخالفة للمعايير الإعلامية التي وضعتها المؤسسات ذات الذيول الصهيونية، لذلك كان سُعار التقييد الإعلامي هو رد الفعل عبر مواقع السوشيال ميديا، والتي استطاعت القضية الفلسطينية التي تطل برأسها –إعلاميًا- من جديد، حيث يصعب السيطرة عليها حتى في أعقد الأنظمة الخاصة بالخوارزميات، حيث أن ألعاب الذكاء تُمارس فيها لإيصال المعلومة، على عكس سهولة السيطرة على شاشات التليفزيون والصحف الرسمية المُعترف بها وذات جذورًا قانونية يمكنهم منها لي ذراعها.
واحدة من ضمن حلقات حسام زملط مع الإعلام الغربي
والجديد أيضًا في معادلة الصراع العربي الصهيوني خلال الميديا هو أن هناك كوادر عربية استطاعت أن تقضم قطعة –ولو صغيرة- من كعكة الرأي العام العالمي الصهيوني منه والمتصهين .. كما فعل بالضبط حسام زملط سفير فلسطين لدى المملكة المتحدة، والذي يحمل الدبلوماسية الفلسطينية فوق كتفيه ويدخل بها معارك الغرب الكلامية أمام الكاميرات لصناعة الرأي العام الغربي وكذلك كانت معركته الإعلامية عقب طوفان الأقصى .. وكما فعل الإعلامي المصري باسم يوسف في برنامج المذيع البريطاني الشهير بيرس مورجان، وكما فعل صُنّاع المحتوى من العرب وقد استخدموا –هذه المرة- طريقة يفهم بها المواطن الغربي ماذا يحدث بالضبط في فلسطين، وكانت الطفرة في استخدام لغات مختلفة غير العربية في صناعة محتوى ينتشر كالنار في الهشيم دون المرور عبر القنوات الإعلامية المتصهينة والصهيونية .. ويبدو أننا لم ننتظر وقتًا طويلًا لقطف الثمار حيث أننا شاهدنا تحركات وتظاهرات لمواطنين من الدول الغربية يطالبون حكوماتهم لإيقاف دعم النازيين الجدد في إسرائيل .. وكما كانت الكاميرا سابقًا سلاحًا ضدنا، استطعنا الآن استخدامه في صالحنا .. ولن يتوقفوا عن صناعة الخديعة، ولن نتوقف عن كشفهم.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال