منة عبد العزيز ومجتمعنا الذي أحب التمثيل بأجساد النساء!
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
استجمعت كل قواي وضغط على علامة تشغيل للفيديو الذي نشر تحت هاشتاج #حق_منة_عبدالعزيز ولم استطيع أن أكمل إلا ثواني معدودة، انتفض جسدي من بشاعة المحتوى، فتاة لم تكمل عامها الثامن عشر يتم الاعتداء عليها جسديًا مع ضرب وسب وصفع على الوجه، مشهد يشبه أفلام السينما وأخبار صفحات الحوادث المخيفة، وبعدها شاهدت فيديو أخر تظهر فيه منه عبد العزيز وهي أحد مشاهير تطبيق (التيك توك) تستغيث وتطلب المساعدة وتحكي عن حادث اغتصابها تحت تحديد السلاح وتصويرها في أوضاع مخلة وتعذيبها جسديًا، مشهد يجعلنا نقف جميعًا أمام أنفسنا ونتساءل كيف وصلنا إلى ما بعد قاع المستنقع هكذا!
في عام 2017 تم القبض على المغني المغربي سعد المجرد بتهمة اغتصاب إحدى العاملات بالجنس التجاري، وذلك بسبب أنها عندما صعدت معه إلى غرفته رفضت إقامة علاقة جنسية معه، ولكنه عندما اعتدى عليها “اغتصبها” عوقب بالسجن ولم ينتهي الآمر عند هذا الحد بل لم بتم التصالح مع السيدة إلا بعد تدخل ملك المغرب شخصيًا، ومنذ انتشار أخبار القضية الشهيرة لم يكتب أحد – إلا بعض شعوب الشرق الأوسط – عن أنها إحدى عاملات الجنس التجاري وأنها تستحق الاغتصاب، للأسف هذا يحدث في منطقتنا فقط كما حدث مع منة عبد العزيز.
عندما خرجت منه عبد العزيز وهي منهارة في مقطع فيديو تحكي عما حدث لها، شهدت تعليقات مخيفة نعم مخيفة وتعكس للأسف أخلاق شريحة كبيرة من الناس، حيث انحصرت التعليقات ما بين رجال طالبين منها إقامة علاقات جنسية معها بطريقة في منتهى الوضاعة، وآخرون من الرجال والنساء يحملونها سبب ما حدث لها بسبب صورها وظهورها بملابس فاضحة.
وعندما حاولت البحث أكثر في واقعة منه عبد العزيز، اكتشفت أن واقعة الاغتصاب كان مخطط لها بالفعل بشهادة المتهمين أنفسهم، وأن هناك عالم موازي تمامًا من الشباب والفتيات كل هدفهم في الحياة هو أن يصبحون مشاهير ولديهم متابعين، فالشاب الذي يدعى مازن الذي تتهمه منه باغتصابها بالاشتراك مع أخرين لديه ما يزيد عن 350.000 متابع على موقع انستجرام! وأن دل هذا على شيء فيدل حقًا على أننا لا نعلم أي شيء عن هذا العالم المظلم، وهنا لا أقصد جهلنا نحن كأشخاص ولكن حتى الدولة لا تعلم شيء عن هذا العالم الذي يقوده شباب وفتيات يرون أن الاغتصاب شيء عادي طالما الفتاة ليست “بنت بنوت” كما قال مازن في مقطع فيديو له، بل ويهددون بعضهم البعض بالقتل!
العذرية كمبرر للاغتصاب
العذرية هي الكلمة السحرية التي تحل كشهادة براءة بالنسبة للرجال في المجتمعات الشرقية وهم يقومون بأي جريمة ضد النساء، شهادة براءة مضمونة ومحصنة يحبها المجتمع الذي يبرر لذكوره أي جريمة حتى وإن كانت قتل أو اغتصاب، فبعد ان نشرت منه فيديو الاستغاثة بعد واقعة اغتصابها وتعذيبها، برر كل المتهمين وكذلك عدد لا يستهان به من الأشخاص الذين كتبوا عن الحادث على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها لم تكن عذراء، وبالتالي (حلال فيها) والمفاجأة التي لن يصدقها البعض أن مغتصبيها أنفسهم كانت أحد دوافعهم الانتصار للمجتمع الذكوري الأبوي، فحتى المجرمين الذين يرتكبون جرائم نفس ضد النساء يكون مبررهم (العادات، التقاليد، الدين) وكأنهم الحراس لهذا المثلث الذي يقدسه المجتمع أكثر من أرواح البشر!
الحرب على النساء يدعمها الجميع
كتبنا في موقع الميزان عن مجموعة على الفيسبوك تدعى (ذكوريست) تحرض بشكل واضح على النساء وبالتحديد المؤمنات بحقوقهن وللأسف لم نجد أي تحرك من المسؤولين، وكذلك هناك هجمه من نساء الجماعات الإسلامية اللائي وصل بهم الأمر بالدعوة لعمل عمليات مسلحة ضد النساء الفيمنست وأيضًا يروجون لذلك على مواقع التواصل الاجتماعي بكل أريحية، ناهيك عن كم التنمر والنكات المبطنة برسائل الكراهية والعنف ضد النساء التي ينشرها ويتبناها أشخاص يصفون أنفسهم بأنهم مثقفين!
وفي المقابل يتم القبض على فتيات بتهم واهية مثل (نشر الفسق والفجور) فقط لأنهم نشروا فيديوهات يرقصون بها أو يرتدون ملابس تجرح المجتمع “المتدين بطبعه”، ألم يرى عقلاء هذا البلد أنه من الأولى القبض على دعاة العنف، ألم يرى الإعلاميون الذين هم أنفسهم يروجون للعنف ضد النساء في الكثير من الأحيان أن واجبهم المهني التحدث عن قضايا مثل قضية منه عبد العزيز وغيرها من الفتيات على أنها جرائم بدلاً من ترسيخ أفكار الوصاية الابوية على النساء ليلًا ونهارًا!
فتاة التيك توك والتجبر وفي الخصومة
للأسف منه ليست الفتاة الأولى ولن تكون الأخيرة من المجني عليهن الذين يمثل المجتمع بأجسامهن لمجرد نشرهن صور بملابس جريئة أو رقصات! ولكن السؤال الذي علينا أن نسأله لأنفسنا إلى متى سيقف المجتمع وللأسف المسؤولين في موضع المشاهد لهذه الأحداث المشينة التي ترتكب في حق النساء!
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال