منير ومعضلة التمرد .. كيف هرب “الكينج” من جحيم الكرافتة؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كان محمد منير، ولم يزل واحد من صناع “التمرد الغنائي” في مصر والوطن العربي، والتمرد هنا تحت مظلة فنية أو عندما يكون تجديدًا أو تطويرًا أو حتى على مستوى (الشطحات) الفنية، لا الانفلات والنزول إلى مستنقع على مستوى الكلمات والموسيقى وتدمير المعبد على أصحابه .. ولكن في مناسبات عديدة حاول “الكينج” أن يشرح مفهوم التمرد بالنسبة له، حيث كان يعاني الكينج من انطباعات ثابتة راسخة عند الجمهور عنه، كامتيازه بالتهور والعشوائية مثلًا .. وهو ما سرده على مستوى وجهة النظر العامة والخاصة في حوار لجريدة الميدان، في عام 2001، وهذا أبرز ما جاء فيه. هو المطرب الوحيد الذي غنَّى أمام رئيس الجمهورية بلا ملابس ركسة ولم تظهر له صورة واحدة طوال حياته الفنية ببدلة وكرافت .. وهذا الرفض للقولبة تحديدًا هو سر نجاحه واستمراره حتى الآن رغم انسحاب جيله أمام موجات التغير في أذواق المستمعين .. فقد استطاع الكينج أن يصل بفنه إلى كل الأذواق .. ورغم أن بعض المتطرفين في حبه يرون أن الأعمال الأخيرة ليست بالقوة الكافية إلا أنه سيظل ألذ قطعة شوكولاتة فنية وأرق نسمة جنوبية دافئة تأتينا في عز البرد .. كل ذلك لأنه “محمد منير”
ويقول منير تركيبة شكلي تعطي انطباعًا أني متمرد وشقي وأحيا حياتي بالطول والعرض، لكن الحقيقة أني رجل “عمل” بمعنى أني آكل وأشرب وأعمل وأنام، ولا يشغل تفكيري إلا الفن وتطويره .. وعندي استعداد للتغير الدائم لأني مؤمن أن لكل جيل إيقاعه وكلمت زادت خبرتي زاد تواضعي في فهم الجمهور واحتياجاته .. وليس بالضرورة أن يقودني الجهور للسيئ كما يعتقد البعض .. فمن الوارد أن أقودهم أنا للأحسن .. في نهاية الأمر أنا وآخرون نشكّل وجدان هذه الأمة وأنا أدرك هذه الوظيفة جيدًا ومثابر عليها .. ستصيبني الشيخوخة يومًا بالتأكيد .. ولكني أدعو الله أن تصيبني في جسدي ولا تصيبني في عقلي وإلا سأعتزل .. فلن أجلس كعواجيز الفرح وأعترض وأنقد .. لذة الفن عندي هي العطاء واقتحام الجديد والمنافسة على المركز الأول.
وتراكم الأحداث حتى الآن واختلاط الأحلام بالإحباطات والانتصارات بالإنكسارات كل ذلك خلق من شعبنا شعبًا ناضجًا يستطيع اختزال هذه التراكمات في أشكال قد تكون مباشرةً أحيانًا وغير مباشر في أحيان أخرى .. وأنا حين بدأت حياتي الفنية مع فؤاد حداد غنيت “الليلة” ومؤخرًا غنيت “حطي اللي خلفك قدامك .. تلقي البلد عامرة الليلة” .. وغنيت “علي صوتك بالغُنا .. لسه الأماني ممكنة”، والمعنى أن الغناء الصادق هو ما جعل اسمي مرتبطًا بمصر والوطن العربي، وأصبحت اسمًا مهمًا في عالم الغناء الوطني.
وعن التمرد كحالة يعتبر شعبان عبد الرحيم متمردًا في الأغنية الشعبية، فتصنيف الفنانين الشعبيين نوعين في وجهة نظري، أحدهم يصيبنا بالدهشة كما غنى عدوية “السح الدح امبو” أدهشنا وبعده كتكوت الأمير وحسن الأسمر .. كل هؤلاء أدهشونا دهشة جميلة .. كما أدهشما عبد العزيز محمود عندما غنى “يا شبشب الهنا” .. ألم يكن هذا غريبًا ومتمردًا على سوق الغناء؟! .. وأما النوع الثاني هو نوع أقرب لأن يكون ظاهرة لكنها ظاهرة ستسمر بفعل غرابتها كما فعل شعبان عبد الرحيم وغنّى على لحن واحد “وإيييييه” .. وأنا في رأيي أنه لم يقدم لنا المخدرات، بل إنه غنّى، ومن حقك أن تتقبله أو ترفضه.. وفي الحالتين فأنا أعتبره أحد المتمردين الجدد.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال