نساء في زمن النبي ( 6) .. حليمة السعدية مُرضعة رسول الله

كانت من عادة الأُسر في قريش أن يُرضعوا أبنائهم في القبائل المجاورة لهم ، و ذلك لما تملكه تلك القبائل من صفاء في اللسان و نقاء في اللغة، ففي كل عام تأتي نسوة تلك القبائل لتأخذ كل واحدةِِ منهن رضيعًا تحظى به فتُرضعه و تأخذ على أرضاعه أجرًا .

تروي حليمة السعدية ما حدث معها في تلك السنة تقول : “خرجنا إلى مكة في سنة شهباء لم تبقي لنا شيئا أي أنها ـ كانت سنة صعبة  ضاقت عليهم فيها الرزق ـ.

تقول:”  أنها خرجت إلى مكة مع زوجها و لهما طفل لا ينامان الليل من بكائه، و كان لهم آتان قد جف حليبها”، و  قالت:” فلما قدمنا مكة لم تبقا امرأة الا و عرض عليها رسول الله فتأباه أي ـ كانت النسوة ترفضن إرضاع النبي ـ؛  لأنه كان يتيما، وكل واحدة  تُفضل أن ترضع من له أب من أجل أن يكرمها بالمال.

ما عسى أن تصنع حليمة و لم يبقى امرأة إلا  وقد أخذت صبيًا ،فقالت:”  قلت لزوجي و الله لأرجعن إلى ذلك الصبي فلأخذنّه ، فرجعتُ و أخذته رسول الله.

قال لها زوجها:” عسى الله أن يجعل فيه خيرًا”، فقالت :”و الله ما إن  جعلته في حجري فأقبل عليه ثدي بما شاء من اللبن فشرب حتى رُوي و شرب أخوه أي ـ ابنها ـ  حتى رُوي”،  و قام زوجها إلى دابته فوجد درتها مليئا باللبن فشرب حتى رُوي، قالت و شربن حتى رويتُ فبتنا ليلتنا تلك بخير شباع رواء ، وقد نام صبيانا”.

وباء مكة
قال لها زوجها:” و الله ياحليمة ما أراك إلا و قد أصبتينا سنة مباركة “، و بعد عامين رجعا به إلا أمه و كان في ذلك الوقت قد حل وباء بمكه فطلبا من أمه أن يعيداه معهما.

وتروي عن حادثة شق صدر النبي:”  أين هو يلعب صلى الله عليه وسلم  مع أخوه خلف البيوت إذ جاء أخوه إلينا يشتد ، فقال لي و لأبيه” أدركا أخي القرشي قد جاءه رجلان فأضجعاه وشقا بطنه”،  ففزعا من الخبر وخرجت إلى رسول الله فإذا هو قائم منتقع اللون، فقال نبي الله:” أتاني رجلان عليهما ثياب بياض فأضجعان وشقان بطني فوالله ما أدري ماصنعا.

تخوفا عليه ورجعا به إلى أمه و أخبراها الخبر فقالت أمه آمنه :” تخوفت عليه كلا و الله إن لابني هذا شئنًا.. ألا أخبركم عنه إني حملت به فلم أرى حملًا قط ..لا أخف و لا أعظم بركة منه “.

شباب النبي ترويه حليمة

وصفت حليمة شباب النبي فقالت :” كان يشب في اليوم شباب الصبي في شهر ويشب في شهر شباب الصبي في السنه”.

إقرأ أيضا

الأم تريزا .. بحر الرجاء في صحراء اليأس

أدركت حليمة السعدية  البعثة و أسلمت وحسن إسلامها،  و التقت النبي صلى الله عليه وسلم في يوم خيبر فقام إليها رسول الله و بسط ردائه و قيل من هذه قالوا هذه أمه التي كانت ترضعه.

والتقت بيه صلى الله عليه وسلم ثانيةً مع السيدة خديجة في عام قحط على قومها فشكت له سوء الحال فأرسلت معها خديجة عشرون أو أربعين شاه بحسب اختلاف الروايات.

روت عن النبي عدد من الأحاديث و اختُلف في ميقات و فاتها وقيل إنها توفيت في العام الثامن بعد الهجرة، و دفنت في البقيع رضي الله عنها و أرضها و جمعنا بها مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ، وإلى صحابية أخرى في “نساء في زمن النبي “.