شيخ العرب همام والعثمانيين ..هل كان أمير الصعيد ثائرًا عليهم ؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أثيرت قصة شيخ العرب همام والعثمانيين مؤخرًا بعد مسلسل ممالك النار استنادًا لأحد المواقع البحثية المتخصصة في نقض التاريخ العثماني، وإن كان التاريخ العثماني يستحق النقد غير أن الربط بين شيخ العرب همام والعثمانيين أمرًا غير مفهوم.
الهوارة والعثمانيين .. تأييد منذ عصر سليم الأول
بالأساس فإن المماليك عاملوا كل ذا أصل عربي معاملة العداء فلم يفرقوا بين الهوارة والعربان، فشنوا حربًا شعواء لإخضاع الصعيد تحت حكم المماليك وحين سقطت دولة المماليك واستتب الأمر للعثمانيين، أرسى سليم الأول نظامًا للحكم، وهو أن يكون الوالي عثمانيًا لمدة 3 أو 4 سنوات، وشيخ البلد مملوكيًا ونائبًا عن الوالي بصلاحيات كاملة، أما الأرض في الجنوب فتكون تحت سيادة الهوارة وتحت سيادتهم في مقابل أن يحفظ شيوخ الهوارة الأمان بالجنوب ويعملوا على تنمية الزراعة وجمع الضرائب.
ووصلت قوة الصلة بين العثمانيين والهوارة لدرجة قيام شيخ العرب الهواري علي بن عمر الهواري هدية إلى سليم الأول، ويذكر المؤرخ بن إياس أن سليم الأول رد على شيخ الهوارة عبر رسوله بهدية أخرى عام 1518 وهي عبارة عن قفاطين فخمة وفرمان سلطاني باستمرار شيخ العرب علي بن عمر في حكم الصعيد.
اقرأ أيضًا
في الرد على ساسة بوست “سليم الأول ينكر أوصاف مدحكم له”
بقي الود موجودًا بين العثمانيين والهوارة منذ عام 1518 حتى العام 1576 حين قرر العثمانيين سحب سيادة الصعيد من تحت أرجل الهوارة وجعل السيادة مملوكية، ويعلل علي باشا مبارك في كتابه الخطط التوفيقية أن الهوارة أهملوا بنود الاتفاق مع العثمانيين كجمع الضرائب والغلال المقررة عليهم.
شيخ العرب همام والعثمانيين .. هذه هي الحقيقة
لم يكن يهم العثمانيين شيئًا سوى جمع الضرائب فجعوا الهوارة بلا سيادة على أرضهم منذ 1576 حتى مطلع القرن الـ 17 حي أقروا نظام الالتزام وهو أن يلتزم موظف للدولة المملوكي بجمع الضرائب من الفلاحين، ولأن المماليك لم يعتادوا على جو الصعيد ولاحتقارهم مهنة الفلاحة عهدوا للهوارة في وجه بحري وقبلي بتحصيل الضرائب وفق نظام الالتزام.
اقرأ أيضًا
يوكرونيا نهاية المماليك .. طومان باي في مرج دابق والغوري ينتظر
بنظام الالتزام العثماني تمكن شيخ العرب همام من إعادة الأراضي إلى سيطرة الهوارة وعاش الصعيد في عصر شيخ العرب همام بن يوسف فترة ذهبية، فقد اهتم بالبنية التحتية والزراعة ووصلت انجازاته إلى مد الحكومة المملوكية العثمانية بـ 150 ألف أردب قمح مع صيانة للجسور وتأمين طرق الحجاج وظلت صلاته مع المماليك قوية زمن علي بك الكبير حتى وقع الصدام بينهما حينما أراد علي بك الكبير ضم الصعيد لدولة مستقلة عن العثمانيين، فتمكن علي بك من هزيمة شيخ العرب ثم أخضع الصعيد تحت حكمه إلى حين فشل ثورته سنة 1773 م.
حفيد شيخ العرب: عصر العثمانيين كان كارثيًا على الصعيد بسبب المماليك
صحح هشام الهمامي «حفيد شيخ العرب» الربط بين أحداث مسلسل ممالك النار وبين قصة شيخ العرب همام، إذ اتجه البعض لتصوير أمير الصعيد كمقاوم للغزو العثماني.
وقال هشام الهمامي في تصريح لـ «الميزان»، «مما لا شك فيه أن العهد العثماني كان كارثيًا على مصر كلها لا الصعيد، لكن تاريخيًا فإن صدام شيخ العرب همام كان مع المماليك بصفتهم شيوخ البلد لا مع العثمانيين الذين كان لا يعنيهم أحد».
وأضاف هشام الهمامي «المماليك في عصر شيخ العرب لم يكونوا مثل شخص طومان باي أو رموز المماليك العظام، وإنما كانوا شركاء للعثمانيين بحكم المصلحة، وشيخ العرب كان يمثل هاجسًا بالنسبة للمماليك».
ونفى هشام الهمامي خلال حديثه شائعةً تاريخية حول محاولة شيخ العرب همام الاستقلال عن الدولة وشق صفها قائلاً «شيخ العرب همام لم يكن متمردًا ولا حاول فصل الصعيد عن مصر وإنما قاوم ظلم المماليك الذين كانوا ينظرون للصعيد على أنه مصدر للمال فحسب».
واختتم حفيد شيخ العرب همام بيانه قائلاً «أمير الصعيد كان محبوبًا من كل أهل جنوب مصر لأنه كان ملجأ الفقير منهم كذلك لقي تقديرًا من المسلمين لأنه كان يشرف على تأمين طرق الحجاج مما سيجعل سيرته باقية ويكفي حزن الجبرتي عليه وشيخ الأزهر نجم الدين الحفني».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال