رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
718   مشاهدة  

“هدم قبر بن خلدون عام 2001م” قصة جريمتَيّ التبرير والتدمير

قبر بن خلدون
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



في مايو عام 2001م وبلا سابق إنذار هُدِم 25 مترًا من مدافن باب النصر وكانت كلها من حوش الصوفية الذي كان يضم قبر بن خلدون عالم الاجتماع الشهير، والمؤرخ تقي الدين المقريزي وآخرون بالقرب من منطقة باب النصر لعمل طريق يصل بين منطقة الدَّراسَة ومنطقة باب الشعرية، حيث كانت الأخيرة لها منفذ واحد من القاهرة الفاطمية وهو ما بعد الموسكي؛ فضلاً عن حل مشكلة المرور في شارع جلال.(1)

بلا شك وبعد مضي 21 عامًا على شق هذا الطريق فإنه أفاد كثيرًا، غير أن إفادته وإن جاءت على حساب حوش الصوفية فإن الكارثة ليست في تنفيذ المشروع وإنما تتمثل في رفض الحكومة للحلول المعروضة وتبريرها لذلك.

حجة الوزارة في هدم قبر بن خلدون: مالوش وجود في الوجود

قبر بن خلدون
قبر بن خلدون والمقريزي بعد الهدم

كان التبرير الذي ساقه الدكتور مدحت المنباوي مدير عام مناطق آثار شمال القاهرة أن حوش الصوفية ليس موجودًا في جهة باب النصر أصلاً، وأنها في منطقة مقابر الخلفاء في الغفير.

من أخبار هدم حوش الصوفية
من أخبار هدم حوش الصوفية

ظاهريًا فإن تبرير مدحت المنباوي علميًا، لكن حقيقةً فإن كلامه لم يكن صحيحًا بالمرة، إذ أن كافة الدراسات التاريخية والأثرية مثل تحفة الأحباب للسخاوي والخطط التوفيقية لعلي مبارك والتذكرة لأحمد باشا تيمور، فضلاً عن تقرير عبدالرحمن عبدالتواب مدير الآثار وصالحي لمعي عضو المجلس الدولي للآثار؛ أكدوا جميعًا أن حوش الصوفية هو الموجود في باب النصر، لكن كل هذه الدراسات والمراجع لم تلقى تأييدًا من المنباوي الذي لم يقدم دليلاً علميًا واحدًا على ما يقول.(2)

مقال فاروق جويدة عن هدم قبر خلدون
مقال فاروق جويدة عن هدم قبر خلدون

شن الشاعر فاروق جويدة هجومًا ضاريًا على عملية هدم قبر بن خلدون والذين معه مثل المقريزي المؤرخ وبن برقوق السلطان المملوكي الذي أوقف زحف التتار زمن تيمور لنك، مشيرًا إلى أنه كان من الممكن إنشاء سور حول مقابر الصوفية أو وضع نصب تذكاري يليق بالمبنى.(3)

العذر الأقبح من الذنب

قبر بن خلدون
من تغطية الأهرام لهدم قبر بن خلدون

لم تنطلي حجة منطقة آثار شمال القاهرة على أحد، ليأتي تبرير آخر وهو أن الحوش ليس أثرًا، وسبب عدم تسجيله كأثر أنه لا ينطبق عليه بنود قانون 117 لسنة 1983م لتسجيل الآثار؛ وبالتالي للدولة الحق في هدمه.

وكان ذلك أيضًا كارثة لأن المبنى الأثري هو مكان له قيمة تاريخية أو ثقافية أو أدبية أو علمية أو تعليمية أو اقتصادية وبالتالي فإن التراث الحضاري قد يكون مجرد مبنى طيني أو حتى مدرسة، وعلى ذلك فإن الجبانات تندرج تحت بنت التراث غير الملموس.

كانت سمة نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك حينها إما العِنَاد بمنطق «خليهم يتسلوا»، أو السكوت بمنطق «حُطْ التراب تحت السجادة»؛ وقد تكبد التراث الإنساني خسارة واحدة من أشهر المقابر الموجودة في مصر والتي لا تخلوا كتب التاريخ والتراجم لرموز مصر من بعد العصر الأيوبي عن ذكرها، لتصبح مجرد ذكرى تآكلت في الذاكرة ولم يعد أحد يسمع عنها شيئًا.

إقرأ أيضا
محمود البزاوي في الصفارة

(1) عبدالمجيد عبدالعزيز، ليلة بكت فيها القاهرة التاريخية.. عندما هدم البلدوزر قبر المقريزي ودهس رفاته، عرب لايت، 23 أكتوبر 2017م.
(2) سناء صليحة، هدم حوش الصوفية الأثري لحل مشاكل المرور بشارع جلال، جريدة الأهرام، 19 إبريل 2001م، ص11.
(3) فاروق جويدة، من المسئول عن هدم مقابر الصوفية، جريدة الأهرام، 20 مايو 2001م، ص37.

الكاتب

  • قبر بن خلدون وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان