رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
930   مشاهدة  

هشام سليم والأبطال الخارقين

هشام سليم والأبطال الخارقين .................................................


رغم أننا طول الوقت نصرح بشجاعة أننا غير كاملين وعلى الغير تقبل عيوبنا، وكذلك أننا غير مطالبين بأن بإرضاء جميع الأشخاص أو نكون دائمًا كما يتوقعوننا، ولكن للأسف كل هذا التصالح مع أنفسنا يتغير 180 درجة عندما يتعلق الأمر بالحكم على تصرفات الأخرين!

هذه الازدواجية ظهرت في أبهى صورها عندما خرج الفنان هشام سليم وصرح بأن أبنه نور يعيش تجربة عبور جنسي وتصحيح الجنس من أنثى إلى ذكر، ففي البداية انقسم رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين الاحتفاء بموقف هشام سليم وتحيته على كونه أب يقوم بدوره كمساند ودعم لابنه، وأخرون معارضين و منتقدين، وهذا ما تعودنا عليه دائمًا بعد طرح أي موضوع على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولكن في حالة نور هشام سليم ظهر فصيل ثالث مختلف، وهم المتسائلين عن ماذا لو كانت حالة نور مغايرة، وأنه تحول من ذكر إلى أنثى فهل ستكون هذه ردت فعل هشام سليم نفسها؟!

ولأن أغلب هؤلاء طرح السؤال فقط لمجرد الاختلاف أكدوا أنه بالتأكيد يرفض هشام سليم ابنه إذا كانت حالته تصحيح جنسي من ذكر لأنثى، فحتى بعد عرض لقاء نور هشام سليم ووالده وإجابته عن هذا السؤال تسارعوا في نشر مقطع فيديو مجتزأ من الحوار يؤيد وجهة نظرهم بأن الفنانة كان سيكون ضد أبنه، وهذا الأمر معتاد بين أغلب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الذين لا يهتمون بالتدقيق في المعلومات التي يقومون بنشره طالما ستحصد عدد أكبر من التفاعل، وهنا أريد أن أتحدث في أمرين اعتقد أنهم الأهم في تعامل هؤلاء الأشخاص مع قضية نور هشام سليم.

أولاً: أنتم تضرون قضية العابرين جنسيًا بهذا التناول

لحسن حظي أن دائرة علاقاتي المقربة تحتوي على اختلاف وتبين بين افرادها لدرجة كبيرة، فلدي أصدقاء وصديقات عابرون جنسيًا وعشت معهم أغلب تفاصيل رحلتهم التي لم تكن سهلة على الإطلاق، ومن هذا المنطلق قسمت طرحي هذا السؤال على نوعين، النوع الأول هو من يسأل بهدف فتح مجال أكبر لمناقشة قضية المتحولون جنسيًا مستغل في ذلك احتفاء الأشخاص بموقف الفنان هشام سليم، وهؤلاء بالتأكيد لهم كل التقدير حتى وإن كان هذا السؤال لم يطرح في الوقت المناسب من وجهة نظري، والنوع الثاني هم أشخاص لديهم تركيبة غريبة بعض الشيء وهي الانتقاد لمجرد الاختلاف فقط، وكأن هذا سيجعل المحطين بهم يحترمون عقولهم الفازة التي ترى زاوية مختلفة دائمًا حتى وإن دفعهم ذلك على تزوير حقائق كما صدر منهم في نشر مقطع فيديو مجتزأ.

ولكن لماذا أقول أنكم تضرون القضية في هذا الوقت بالتحديد بمحاولة تشويه صورة هشام سليم وانه يقبل أبنه فقط لأن حالته تتوافق مع أفكاره الذكورية، وهذا بالتأكيد إذا كنت من الداعمين للأشخاص العابرين جنسيًا، فيما يعرف بحملات المناصرة وكسب التأييد Advocacy)  (لأي قضية هناك خطوة هامة تعرف باسم (مراحل التطور) وتعني ببساطة أنه من المستحيل أن تحصل على كل المكتسبات التي ترجوها من خطوة واحدة، ولذلك إذا كنتم من طارحين السؤال من منطلق توسيع دائرة الحوار حول العابرين جنسيًا فأعتقد أنه قد يأتي بنتائج عكسية.

ثانيًا: توقفوا عن مطالبة الآخرين بالكمال

عندما كنت في المرحلة الجامعية التي تزامنت مع أحداث ثورة يناير، كان حماسي في أعلى درجاته لجميع القضايا التي اؤمن بها، والتي كان على رأسها (حقوق المرأة) وكان دفاعي عن آرائي بشكل عام يحدث مشكلات كبيرة مع أشخاص من عائلتي وكان هذا يزيدني شعور بالانتصار والقوة، ولكن في يوم حصل خلاف كبير بيني وبين جدي رحمه الله بسبب هذه بعض الآراء التي تتعلق بالانتخابات الرئاسية عام 2012، واتذكر جيداً كلام أبي بعد هذا الموقف ” عليك أن تختاري صراعاتك بشكل أكثر نضج، وأن البشر لا يتعاملون مع مشاكلهم بنفس الطريقة، وعلي ان اتقبل ضعف نفسي والأخرين.. لا يوجد احد كامل أبو بطل خارق يستطيع أن يحارب في كل الجبهات” ولذلك على عكس المتربصين عندما شاهدت حوار هشام سليم وابنه نور زاد احترامي له، هو لا يدعي الكمال على الإطلاق وكذلك لا يرفع لواء المدافع عن حقوق مجتمع (الميم) ولكنه يرى الأمر بشكل أبسط بكثير، هو يتقبل نور كما هو، ولا ينكر ضعفه البشري الذي جعله يفكر بأنه إذا كان وضع نور مغير وعليه العبور الجنسي من ذكر على انثى سيكون هذا صعب، ولكنه لا يستطيع الإجابة لأنه لا يعلم كيف سيكون تصرفه في هذه الحالة، وأنه حمد الله أن حالة نور التعامل معها أسهل في مجتمعاتنا الذكورية، ولكن غفل المنتقدين انه تحدث عن المثليين وأنه يحترمهم ولهم جميع الحقوق أيضًا.

كلنا ضعفا في أحد المحلات في حياتنا، وغير مطالبون أن نكون كاملين وحاصلين على الدرجة النهائية عندما يقيمنا الأخرين، ويكفينا فقط أن ندير صراعتنا بدلاً من إجابة الأسئلة من نوعية (ماذا لو؟) التي في كثير من الأحيان تكون عديمة الجدوى.

إقرأ أيضا
تهجير الفلسطينيين

كل الحب والاحترام لنور هشام سليم ووالده الذين فتحوا نافذة على الحياة وضع المجتمع عليها مئات الأقفال. وكذلك كل الحب والدعم للأشخاص الذين يعيشون صراعات داخلية لا نعلم عنها شيء فقط للحصول على حياة طبيعية.

اقرأ أيضا

هشام سليم يعلم دور الأب في حياة ابنه حتى وإن قرر التحول جنسيًا .. شكرا بجد

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان