هنا أفريقيا.. العدد 25
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
-
وجدي عبد العزيز
كاتب صحفي وباحث في الشئون الدولية والأفريقية
قارتنا.. أفريقيا، مهد البشرية.. ففي قلبها هبط أسلافنا من القردة العليا لأول مرة من على الشجر ومشوا منتصبين، مهد الإنسانية.. ففي شرقها ظهر الإنسان العاقل لأول مرة، مهد المجتمع.. فعلى ضفاف نيلها أكتشف الإنسان الزراعة… فاستقر لأول مرة بعد ألاف السنين من الترحال، مهد التاريخ.. ففي شمالها الشرقي حيث مصب نيلها بُنيت أقدم الحضارات…. وبدء التاريخ.
قارتنا ضخمة وغنية ومتنوعة.. ومدهشة، عشان كده فكرنا نعمل تقرير إسبوعي عنها.. إيه اللي بيحصل فيها؟
ناخد فكرة عن أخبار ناسها، جيرانا وشركاتنا فيها، حتى اسماء بلادها ماتبقاش بالنسبالنا مجرد اسماء لمنتخبات عايزين نكسبها.. أو بنشجعها في المونديال، إنما تبقى معلومات وحكايات من لحم ودم.
الاتحاد الأفريقي يدعو لإنهاء الحرب على غزة
دعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى إنهاء الصراع بين القوات الإسرائيلية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية، ودعا موسى فكي محمد الطرفين إلى “العودة دون شروط مسبقة إلى طاولة المفاوضات لتنفيذ مبدأ الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب”. وقال فكي في بيان نشره الاتحاد الأفريقي المؤلف من 55 دولة.
ودعا القوى العالمية الكبرى على وجه الخصوص، إلى تحمل مسؤولياتها لفرض السلام وضمان حقوق الشعبين”. على X، المعروف سابقًا باسم Twitter. وقال البيان: “إنه يرغب في التذكير بأن إنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وخاصة حقوق الدولة المستقلة ذات السيادة، هو السبب الرئيسي للتوتر الإسرائيلي الفلسطيني الدائم”.
مصر ترفض النزوح الجماعي من غزة
تتحرك مصر لمنع نزوح جماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، مع استمرار القصف الإسرائيلي على القطاع. وحذرت مصادر أمنية مصرية رفيعة المستوى من أن البلاد “ترفض السماح لسكان غزة بالاستقرار في سيناء”، وحثت إسرائيل على توفير ممر آمن لتوصيل المساعدات للمدنيين.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن التصعيد في غزة “خطير للغاية” وأن مصر تسعى إلى إيجاد حل تفاوضي للعنف مع الشركاء الإقليميين والدوليين. وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 187 ألف فلسطيني نزحوا داخليا في غزة التي يبلغ عدد سكانها 2.3 مليون نسمة.
موجة تضامن في شمال أفريقيا
اجتاحت المسيرات المؤيدة للفلسطينيين، المنظمة والعفوية، ردًا على القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وفي شمال أفريقيا، تجمع المتظاهرون في مصر والجزائر وليبيا والمغرب وتونس لإظهار الدعم لصالح فلسطين.
ساحة الأزهر
أحتشد مئات المصلين في ساحة الجامع الأزهر، عقب صلاة الجمعة لغعلان تضامنهم الكامل مع الشعب الفلسطيني والتنديد بما وصفوه بالإبادة الممنهجة للفلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي.
ومن جانبه أصدر الأزهر الشريف بيان موجه للشعب الفلسطيني والدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، أكد فيه تضامنه الكامل للجانب الفلسطيني وإن القضية الفلسطينية ليست قضية الشعب الفلسطين وحده بل كل المنطقة.
أما في ليبيا أضاءت أبراج العماد الخمسة بألوان العلم الفلسطيني. وانحازت الحكومة الليبية علنًا إلى جانب فلسطين ولم تعترف بإسرائيل. وقبل شهرين، تم إيقاف رئيسة الدبلوماسية الليبية عن العمل بسبب اجتماعها مع نظيرها الإسرائيلي. وأثارت أنباء اللقاء اضطرابات في البلد غير المستقر بالفعل.
مسيرة تضامنية في تونس
تظاهر آلاف النقابيين وممثلي المجتمع المدني والناشطين السياسيين والمحامين وطلاب المدارس الثانوية وسط دعما للشعب الفلسطيني ودعوا إلى تجريم أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل. واحتشد المتظاهرون، الذين حملوا العلم الفلسطيني، تنديدا بالضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، أمام مقر المركز النقابي، قبل أن يسيروا إلى شارع الحبيب بورقيبة، الشارع الرئيسي في وسط المدينة.
وهتف المتظاهرون “الشعب يريد معاقبة التطبيع” مع إسرائيل، غاضبين من “الجرائم الصهيونية” و”الصمت الدولي على الإبادة الجماعية في غزة”. كما ندد المتظاهرون بدعم فرنسا والولايات المتحدة لإسرائيل اللتين أصبحتا “حليفتين في الهجوم على الفلسطينيين”.
واتخذت تونس الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، والتي استضافت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات في الفترة من 1982 إلى 1994 بعد مغادرته لبنان، موقفا حازما لدعم القضية الفلسطينية.
يذكر أنه في أكتوبر 1985، نفذت القوات الجوية الإسرائيلية قصفًا واسع النطاق لمقر منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط، على بعد 25 كيلومترًا جنوب تونس العاصمة، مما أسفر عن مقتل 50 فلسطينيًا و18 تونسيًا. وكان من بين الضحايا الهدف الرئيسي للعملية، أبو جهاد، مسئول الجناح العسكري لحركة فتح.
مسيرة حاشدة بالرباط
على الرغم من تطبيع علاقات المغرب مع إسرائيل مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادتها على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها منذ فترة طويلة، أعرب الأمير مولاي هشام العلوي، ابن عم العاهل المغربي، عن دعمه لفلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي.كما احتج آلاف المغاربة لمطالبة الحكومة بوضع حد للتطبيع.
تقاطر على العاصمة المغربية الرباط آلاف من النشطاء من مختلف فعاليات المجتمع المدني، يمثلون هيئات حقوقية وسياسية ونقابية، ومواطنون من مختلف جهات المملكة، حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات مثل “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”، و”يا حكام الهزيمة أعطوا للشعب الكلمة”، و”لا..لا ثم لا للتطبيع والهرولة”. ونادى المتظاهرون أيضا بغلق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالعاصمة الرباط، خاصة بعد الجدل الذي أثاره رئيس هذا المكتب بإصدار بيان مؤخرا وصفته فعاليات حقوقية مغربية بأنه “استفزازي” وتوعد فيه الفلسطينيين.
ومن جهته، قال عزيز الهناوي الكاتب العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين التي دعت إلى هذه الوقفة إلى جانب الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، “نحن نرفض تواجد رئيس هذا المكتب أصلا في المغرب، لأنه يمثل كيانا إرهابيا غاصبا يقتل الأطفال، وقد فرض قسرا على المغاربة فنحن نطالب بتصحيح الوضع وطرده”. مضيفا “تصريحاته تهين الدولة وتخترق سيادتها”.
وقال الشرقي لحرش المشارك في الاحتجاج الذي نظمته جماعات إسلامية ويسارية “نريد أن نستنكر سياسة الكيل بالمكيالين التي تستعملها حكومات الدول الغربية مع الفلسطينيين”، مضيفا أن بعض الدول تغض الطرف عن الضربات الانتقامية الإسرائيلية بعد الهجوم الذي شنه مسلحو حماس.
وأضاف: “لا يمكن إدانة أعمال حماس والتغاضي عما تقوم به إسرائيل من قتل للمدنيين من أطفال ونساء وشيوخ… جئت للمشاركة في هذه المسيرة التاريخية لتوجيه رسالة تضامن إلى الشعب الفلسطيني مفادها أنك لست وحدك”.
هذا، وتعد هذه الاحتجاجات الأكبر منذ تطبيع المغرب العلاقات مع إسرائيل في 10 ديسمبر من العام 2020 بوساطة أمريكية مقابل اعتراف الولايات المتحدة وإسرائيل بسيادته على الصحراء الغربية، المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر منذ العام 1976.
جنوب أفريقيا تتضامن مع الفلسطينيين
خرجت مجموعة من مواطني جنوب أفريقيا إلى شوارع جوهانسبرج دعما للشعب الفلسطيني، مع استمرار الصراع المميت بين إسرائيل وحركة حماس المسلحة. وقال بعض الأشخاص إنهم انضموا إلى الاحتجاج لإظهار التضامن مع الفلسطينيين الذين واجهوا عقودًا من القمع.
وانتقد المتظاهرون خارج قنصلية الولايات المتحدة قرار واشنطن إرسال أسلحة إلى إسرائيل ودعوا إلى طرد السفير الإسرائيلي في جنوب إفريقيا. ونظم احتجاج مماثل في كيب تاون حيث دعا الناس إلى إنهاء العنف.
نظمت المظاهرات مجموعة BDS المؤيدة لفلسطين (المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات) والتي تواصل الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على البلاد.
وتم عقدها في الوقت الذي أعلنت فيه الجالية اليهودية في جنوب إفريقيا أيضًا عن خطط لعقد جلسات صلاة وفعاليات تضامن هذا الأسبوع لدعم إسرائيل.فيما دعت حكومة جنوب أفريقيا يوم الأحد إلى وقف فوري للعنف بين إسرائيل وفلسطين.
موقف رسمي
أدان رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، واصفا دعوات تهجير الفلسطينيين بالخطيرة، مؤكدا تضامن بلاده مع الشعب الفلسطيني. وشدد رامافوزا على خطورة الدعوة الإسرائيلية لإخلاء 1.1 مليون فلسطيني الجزء الشمالي في قطاع غزة خلال 24 ساعة، والعواقب الإنسانية المدمرة لذلك، وفقا لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا”.
وأكد رامافوزا أن “(الفلسطينيين) يعيشون تحت الاحتلال منذ ما يقرب من 75 عامًا ويناضلون ضد حكومة قمعية احتلت أراضيهم، ولكن أيضًا ضد حكومة أُطلق عليها في الآونة الأخيرة اسم دولة الفصل العنصري”.
وأضاف: “باعتبارنا أعضاء في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي كافح ضد نظام الفصل العنصري القمعي (في جنوب أفريقيا)، فإننا نلتزم بالتضامن مع الفلسطينيين”.
وارتدى رامافوزا، والمشاركون في مؤتمر صحفي عقده حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم بمشاركة وزراء وبرلمانيين، ملابس سوداء كاملة والكوفية الفلسطينية، ورفعوا العلم الفلسطيني، تأكيدا على دعمهم للشعب الفلسطيني. وكانت حكومة جنوب أفريقيا أعربت، في بيان سابق، عن أن الوضع الأخير “نشأ عن الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني المستمر لفلسطين والقمع المتواصل للشعب الفلسطيني”.
ومن جهتها تلقت إدارة العلاقات الدولية والتعاون (Dirco) أخبارًا مؤلمة تفيد بأن مواطنين من جنوب إفريقيا فقدا حياتهما في الصراع الدائر في الشرق الأوسط.
تطور العلاقات الاسرائيلية الأفريقية
مع تدفق الاخبار حول مهاجمة مقاتلي المقاومة الفلسطينية لجنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر في جميع أنحاء العالم، لجأ الرئيس الكيني ويليام روتو إلى موقع X، منصة التواصل الاجتماعي المعروفة سابقًا باسم تويتر. وكتب “كينيا تنضم إلى بقية دول العالم في التضامن مع دولة إسرائيل، وتدين بشكل لا لبس فيه الإرهاب والهجمات على المدنيين الأبرياء في البلاد”. وأضاف: “لا يوجد أي مبرر على الإطلاق للإرهاب الذي يشكل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الدوليين”. وأضاف “يجب على المجتمع الدولي أن يحشد قواه لمحاسبة مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية المشينة ومنظميها ومموليها ورعاةها وداعميها وممكنيها، وتقديمهم إلى العدالة بسرعة”.
وكان ذلك بمثابة تأييد صريح لموقف إسرائيل، وربما كان ذلك رد الفعل الذي أطلقته حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ ذلك الحين على قطاع غزة، بحملة قصف أسفرت عن مقتل أكثر من ثلاثة الآف شخص، وفيما يلي سنعرض نبذة سريعة لتطور العلاقات الاسرائيلية الأفريقية.
خلاف أفريقي
دخلت الحكومات الأفريقية في مناقشات ساخنة حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بما يظهر أن هناك بوادر انقسام في القارة السمراء حول الموقف من اسرائيل حيث تتخذ الدول المختلفة جوانب متعارضة، ففي حين ألقت السلطات في جنوب أفريقيا باللوم في التصعيد على الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني وتدنيس المسجد الأقصى والأماكن المسيحية المقدسة، كما أعلنت الجزائر “تضامنها الكامل مع فلسطين” في وقت مبكر من الحرب. وأعربت مفوضية الاتحاد الأفريقي، برئاسة موسى محمد فكي، عن قلقها إزاء أعمال العنف، فقد ألقت باللوم على “إنكار الحقوق الأساسية للفلسطينيين” ودعت إلى حل الدولتين.
لكن كينيا وزامبيا وغانا وجمهورية الكونغو الديمقراطية من بين دول أفريقية أخرى انضمت إلى الموقف الإسرائيلي، فلماذا إذن تنقسم الآن القارة التي عانت من أسوأ ويلات الاستعمار والعنصرية لعدة قرون، والتي دعمت فلسطين في معظمها تاريخيا؟
خلفية تاريخية
وفي محاولة الإجابة على هذا التساؤل يجب أن نضع في الإعتبار عدة عوامل، أولها أن تأسيس دولة اسرائيل في 15 مايو 1948جاء بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي ظل وقوع غالبية الدول الأفريقية تحت سيطرة الإستعمار الغربي، وثانيا، نجحت اسرائيل في نسج علاقات دبلوماسية مع عدد قليل من الدول الأقريقية بعد حصولها على الاستقلال في فترة الستينات من القرن الماضي، وكانت الدول الأفريقية التي تخلصت من آلام الحكم الاستعماري الوحشي في الستينيات من القرن الماضي باردة تجاه إسرائيل التي تم تشكيلها حديثًا وكانت متعاطفة مع نضال الفلسطينيين الذين اقتلعوا من أراضيهم وديارهم في عام 1948، ولكن مع العدوان الاسرائيلي في 5 يونيه عام 1967 على مصر والدول العربية قطعت هذه الدول علاقاتها مع اسرائيل، وبعد حرب أكتوبر 1973 والتحول للسلام بين مصر واسرائيل في عام 1979 أعادت الكثير من الدول الأفريقية العلاقات مع اسرائيل، وثالثا بعد توقيع اتفاقيات السلام مع الفلسطينين في أوسلو 1993، تمكنت اسرائيل بسط علاقاتها مع غالبية الدول الافريقية.
ورغم ذلك استمرت بعض الدول الأفريقية في رفضها لتطبيع علاقاتها مع اسرائيل مثل الجزائر وتونس وليبيا، كانت الجزائر من أبرز منتقدي إسرائيل في القارة – حتى مع ازدهار علاقات منافستها المغرب مع إسرائيل بعد أن اتفقا على تطبيع العلاقات في عام 2020.
وشهدت الجزائر إعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988 في الجزائر العاصمة، ولكن ربما كانت جنوب أفريقيا ما بعد الفصل العنصري هي الداعم الأكثر قوة لفلسطين في القارة، حيث عقد نيلسون مانديلا مقارنة شهيرة بين نضال السود في جنوب أفريقيا ضد الحكم الأبيض ونضال الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي. وفي وقت لاحق قامت العديد من جماعات حقوق الإنسان بإجراء هذه المقارنة.
تغيرات دبلوماسية
وفي يوليو 2022، دعت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا، ناليدي باندور، الأمم المتحدة إلى إعلان إسرائيل “دولة فصل عنصري”. وفي خضم حرب روسيا على أوكرانيا، ومع تزايد الضغوط الغربية على جنوب أفريقيا ودول أخرى في أفريقيا وآسيا لإدانة تصرفات موسكو، رد باندور متسائلة عن سبب عدم رغبة العواصم الغربية في تطبيق نفس مبادئ القانون الدولي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل واحتلال الأراضي الفلسطينية.
ومع ذلك، فإن هذا الدعم الدبلوماسي الصريح لفلسطين يخفي علاقة أكثر تعقيدا بين الدول الأفريقية وإسرائيل – وهي العلاقة التي نمت بسرعة في السنوات الأخيرة، مما أعاد تشكيل نهج القارة في التعامل مع الشرق الأوسط.
فبعد حرب عام 1973، لم يحتفظ سوى عدد قليل من الدول الأفريقية بعلاقاتها مع إسرائيل، في حين قطعت معظمها العلاقات. ومع ذلك، تحول هذا المد اليوم بشكل كبير: إذ تعترف 44 دولة أفريقية من أصل 54 دولة بالدولة الإسرائيلية، وفتح ما يقرب من 30 دولة سفارات أو قنصليات في تل أبيب.
وقد ساعدت براعة إسرائيل المعترف بها على نطاق واسع في مجال الزراعة قضيتها – في الوقت الذي تكافح فيه العديد من البلدان الأفريقية الجفاف والفيضانات والظواهر الجوية القاسية بوتيرة متزايدة. ويعاني خمس سكان أفريقيا من سوء التغذية.
الانتشار الإسرائيلي في القارة
يأتي دور إسرائيل كواحدة من قادة العالم في مجال التكنولوجيات الزراعية باعتباره حافزا جذابا للغاية للدول الأفريقية التي تكافح انعدام الأمن وللاقتصادات ذات الأراضي القاحلة وشبه القاحلة، لذلك اختارت العديد من الدول الإفريقية فصل مصالحها الاقتصادية عن المواقف السياسية في المحافل الدولية.
ولكن الدور الاسرائيلي في أفريقيا لا يقتصر على الزراعة. فهناك أيضا المصالح التجارية والأمنية التي دفعت العديد من الدول الإفريقية إلى التقارب مع إسرائيل. وجاءت نقطة التحول الرئيسية في عام 1978، مع اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. حيث بدأت الأمور تتغير بالفعل بعد اتفاقيات كامب ديفيد. مع توقيع دولة عربية كبرى على اتفاق سلام مع إسرائيل، قررت العديد من الدول الأفريقية أنه من غير المنطقي بالنسبة لها أن تبقى بعيدة.
وقد اكتسب هذا الاتجاه زخما أكبر بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993 – وهي الفترة التي شهدت أيضا زوال نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ونهاية الحرب الباردة، والوعد بالتقارب بين إسرائيل والدول الأفريقية. وفي الآونة الأخيرة، تمثل اتفاقيات التطبيع المبرمة مع تشاد والمغرب والسودان انتصارات كبيرة في القارة لإسرائيل.
كلمة السر الاقتصاد
وفي دولة جنوب أفريقيا التي تعتبر واحدة من أشد منتقدي إسرائيل في القارة، ولكنها في نفس الوقت أكبر شريك تجاري لها في أفريقيا – إلى حد بعيد. ففي عام 2021، وصلت التجارة بين إسرائيل ودول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى أكثر من 750 مليون دولار. تصدر إسرائيل الآلات والإلكترونيات والمواد الكيميائية إلى القارة. وتم تداول ما يقرب من ثلثي هذا المبلغ مع جنوب إفريقيا، تليها نيجيريا، التي تداولت معها إسرائيل سلعًا بقيمة 129 مليون دولار في عام 2021. وتتاجر جنوب إفريقيا أيضًا مع فلسطين، حيث قفزت الصادرات الفلسطينية من زيت الزيتون والمواد الغذائية الأخرى بنسبة 34 بالمائة بين عامي 2009 و2009. 2021.
ومع ذلك، تتمتع إسرائيل أيضًا بعلاقات قوية مع دول تتجاوز التجارة. فعلى مدى عقود، ضخت ملايين الدولارات من المساعدات الإنسانية إلى إثيوبيا. وقد شق آلاف اليهود الإثيوبيين طريقهم إلى إسرائيل. كما قامت وكالة ماشاف، وهي وكالة المساعدات الدولية الإسرائيلية، بنقل طلاب كينيين للتدريب في مجالي الزراعة والطب وتدريب رجال الأعمال السنغاليين في مجال الإدارة.
وفي الوقت نفسه، في الكاميرون، يُعتقد أن القوات الإسرائيلية تدعم حاكمها بول بيا منذ فترة طويلة من خلال تدريب BIR، وهي وحدة عسكرية من النخبة مسئولة مباشرة أمام الرئيس. وأشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن البلاد تقوم أيضًا بتدريب جنود في دول أفريقية أخرى.
معارك دبلوماسية
وكان من المقرر عقد قمة أفريقية- إسرائيلية في عام 2017، على الرغم من أن الأزمة في الدولة المضيفة توغو أدت إلى إلغائها. لكن في وقت سابق من ذلك العام، أعلن نتنياهو، في حديثه إلى زعماء غرب أفريقيا في اجتماع عقد في ليبيريا، أن “إسرائيل ستعود إلى أفريقيا، وأفريقيا ستعود إلى إسرائيل”.
ولكن على الرغم من كل هذه المكاسب، استمرت إسرائيل أيضًا في مواجهة النكسات في أفريقيا، فقد سعت اسرائيل للحصول على وضع مراقب لإسرائيل في الاتحاد الأفريقي في عام 2021. وعلى الرغم من الموافقة على الطلب، تم تعليق وضع إسرائيل في فبرايرالماضي، بعد احتجاج الجزائر وجنوب أفريقيا على هذه الخطوة. ومن ناحية أخرى، احتفظت فلسطين بوضع مراقب في الاتحاد الأفريقي منذ عام 2013. وفي مثال آخر، صوتت الدول الأفريقية، على الرغم من تكثيف العلاقات مع إسرائيل، بأغلبية ساحقة ضد القرار الأمريكي بفتح سفارة في القدس المتنازع عليها في اجتماع طارئ للأمم المتحدة في عام 2017.
نصف عام من القتال في السودان
أكملت، يوم الأحد، الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم، وعدد من مناطق البلاد الأخرى، شهرها السادس، دون ظهور أفق للحل ووسط إحباط كبير في أوساط السودانيين مع ارتفاع عدد القتلى إلى نحو 10 آلاف والمشردين إلى ما يقارب 6 ملايين والخسائر المادية إلى أكثر من 60 مليار دولار.
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية اتساعا مخيفا في رقعة القتال حيث توغلت قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة في وسط البلاد، وذلك بعد سيطرتها على منطقة “العيلفون” الاستراتيجية الواقعة على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الشرق من الخرطوم والتي كانت تعتبر آخر المداخل المهمة المتبقية للعاصمة.
انهيار البنية التحتية
كما استمرت الاشتباكات في مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان وعدد من مناطق إقليم دارفور في غرب البلاد. وتواصل القصف الجوي والأرضي الذي طال عدد من الأحياء السكنية في مدن العاصمة الثلاثة، الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وفي مدينتي الأبيض ونيالا مما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى خلال الأيام الثلاث الماضية، وفقا لبيانات صادرة عن نقابة أطباء السودان وهيئة محامو الطوارئ ولجان الطوارئ.
وألحق القتال المستمر منذ منتصف أبريل أضرارا هائلة في القطاع الصحي في ظل انتشار واسع للوبائيات مثل الملاريا وحمى الضنك. وفي حين خرج نحو 70 في المئة من المستشفيات عن الخدمة تماما، بينما تعاني المستشفيات القليلة العاملة من شح كبير في الأدوية والمعينات الطبية والخدمات وسيارات الإسعاف، مما اضطر فرق الإسعاف التي تعمل في ظروف أمنية بالغة الخطورة لنقل المصابين من مناطق بعيدة بواسطة عربات يدوية بدائية. كما تعاني المستشفيات أيضا من نقص حاد في شرائح فحص الفيروسات، مما دى إلى وقف التبرع بالدم في بعضها.
وعلى المستوى الاقتصادي، توقع البنك الدولي أن ينكمش اقتصاد السودان 12 في المئة في العام الحالي 2023، وذلك بسبب التداعيات الكبيرة الناجمة عن الحرب التي أوقفت عجلة الإنتاج في العاصمة الخرطوم التي تعتبر مركز الثقل الاقتصادي في البلاد، إضافة إلى مناطق عديدة في إقليمي دارفور وكردفان المتأثران بالحرب ايضا.
وخرجت أكثر من 400 منشأة تعمل في مجال الصناعات الغذائية والدوائية ومختلف المجالات الأخرى في الخرطوم عن الخدمة تماما بعد التخريب الكبير الذي تعرضت له بسبب الفوضى المصاحبة للقتال.
كما تأثرت المشروعات الإنتاجية والزراعية في كافة انحاء البلاد بسبب نقص التمويل وحالة عدم الاستقرار الإداري.
الاقتصاد في ذمة الله
وقدر وزير المالية الأسبق ابراهيم البدوي حجم الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية للبلاد بنحو 60 مليار دولار، وسط توقعات بان ترتفع لخسائر بشكل كبير في ظل استمرار الحرب.
وتوقع البدوي في مقابلة مع رويترز الشهر الماضي أن يتراجع الناتج المحلي بنحو 20 في المئة إذا لم تتوقف الحرب سريعا. وفي ظل الفوضى الواسعة التي صاحبت القتال، تعرض نحو 100 فرع من أفرع المصارف العاملة في البلاد للنهب والحرق والتدمير الكامل بما فيها اجزاء كبيرة من بنك السودان المركزي الذي تشير تقارير إلى أنه يعاني حاليا من شح كبير في النقد وسط انباء عن خطط لطباعة أوراق نقدية في الخارج وهو أمر مكلف للغاية.
وتضاعفت أسعار بعض السلع الغذائية الرئيسية بأكثر من ثلاث مرات بسبب توقف سلاسل الإمداد، وانخفاض قيمة الجنيه السوداني، حيث يجري حاليا تداول الدولار الواحد عند 840 جنيها.
ووفقا لمستثمرين في القطاع الصناعي، فقد تعرضت البنية الصناعية في الخرطوم والتي تشكل نحو 70 في المئة من القطاع الصناعي في البلاد، إلى دمار وتخريب كامل. وبالتزامن مع العمليات القتالية، ينتشر المئات من اللصوص والمتفلتين في المناطق الصناعية في مدن العاصمة الثلاثة وينهبون كل شيء بما في ذلك الماكينات وأجزاؤها والمواد الخام والمخزون الإنتاجي وحتى أسقف المباني واجهزة التكييف والإضاءة في مشهد لم تراه الخرطوم طوال تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.
اتفاق نووي بين بوركينا فاسو وروسيا
وقعت حكومة بوركينا فاسو في موسكو مذكرة تفاهم مع الاتحاد الروسي، وقع وزير الطاقة والمناجم والمحاجر، السيد سيمون بيير بوسيم، نيابة عن حكومة بوركينا فاسو، وتهدف مذكرة التفاهم مع روساتوم إلى بناء محطة الطاقة النووية في بوركينا فاسو، وجاء توقيع هذه المذكرة بين السيد سيمون بيير بوسيم، ونائب المدير العام للشركة الحكومية للطاقة الذرية روساتوم، السيد نيكولاي ن. سباسكي. وطرحت فكرة تأسيس محطة الطاقة النووية خلال القمة الروسية الإفريقية في يوليو الماضي، عندما التقي النقيب إبراهيم تراوري مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وفيما يلي ما تنص عليه مذكرة التفاهم:
- المساعدة في تطوير المحطة النووية في بوركينا فاسو.
- تطوير برامج تهدف إلى توعية السكان بالتقنيات النووية وتطبيقاتها، بما في ذلك إنشاء مراكز معلومات حول الطاقة الذرية في.
- إنشاء برامج البحوث الأساسية والتطبيقية في.
- استخدام النويدات المشعة والتقنيات المشعة وتطبيقاتها في الصناعة والطب والزراعة وغيرها من المجالات.
- دعم الأمن النووي والإشعاعي والمادي، بما في ذلك تقييم التأثير الإشعاعي للطاقة الذرية على البيئة.
- تعزيز قدرات الكوادر الإدارية والعلمية والفنية في مجالات استخدام الطاقة الذرية المختلفة للأغراض السلمية والتدريب والتطوير.
- تصميم وإنشاء وتشغيل مراكز الأبحاث النووية القائمة على المفاعلات النووية متعددة الأغراض.
- تصميم وبناء وتشغيل محطات الطاقة النووية.
- المجالات الأخرى لاستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية والتي قد يتفق عليها الطرفان كتابيًا.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
-
وجدي عبد العزيز
كاتب صحفي وباحث في الشئون الدولية والأفريقية