هنري لي لوكاس..قاتل متسلسل ومعترف مثير للجدل

اسم هنري لي لوكاس مرادف لواحد من أكثر الفصول المحيرة والمظلمة في سجلات تاريخ الجريمة الأمريكية. نصب لوكاس نفسه قاتل متسلسل نسبت اعترافاته إليه مئات جرائم القتل وأصبح موضوع للجدل والتكهنات الشديدة.

السنوات الأولى لهنري لي لوكاس

وُلد هنري لي لوكاس في 23 أغسطس 1936، في كوخ خشبي من غرفة واحدة في فيرجينيا. شابت حياته المبكرة سوء معاملة وإهمال لا يمكن تصورهما. غالبًا ما كانت والدته، وهي عاملة في الجنس، تجبره على مشاهدتها مع العملاء. بينما كان والده المدمن الكحول غائبًا إلى حد كبير، بعد أن فقد ساقيه في حادث سكة حديد.

كانت هذه البيئة السامة أرضًا خصبة للنفسية المضطربة للشاب لوكاس، الذي زُعم أنه ارتكب أول جريمة قتل له في سن 14 عامًا٬ وأودى بحياة لورا إيفرلين بيرنسلي البالغة من العمر 17 عامًا بخنقها. وضعه هذا الفعل على طريق العنف الذي حدد حياته. في 11 يناير 1960، تشاجر لوكاس مع والدته البالغة من العمر 71 عامًا، حيث طعنها في رقبتها، تاركًا إياها تنزف على الأرض.

شراكة إجرامية مميتة

بعد أن أمضى لوكاس 10 سنوات في السجن بتهمة قتل والدته، أطلق سراحه بسبب اكتظاظ السجن. لم تتوقف ميوله العنيفة، مما أدى إلى زواج فاشل حيث اتهمته زوجته آنذاك بالتحرش ببناتها. اتخذت قصة لوكاس منعطفًا أكثر شرًا عندما تقاطع طريقه مع أوتيس تول.

شكلوا معًا شراكة مروعة وشرعوا في موجة قتل امتدت إلى عدة ولايات. استهدفوا بشكل أساسي المشتغلين بالجنس والمهاجرين والمتنقلين. كانت علاقتهما معقدة، حيث وصف لوكاس تول غالبًا بأنه عاشق وشريك. كانت هذه الشراكة هي التي أصبحت لاحقًا مركزية في اعترافات لوكاس، حيث تورط هو وتول في سلسلة من جرائم القتل الشنيعة.

فورة الاعتراف

في عام 1983، تم القبض على لوكاس لحيازته غير القانونية لسلاح ناري. لكن ما تلاه هو الذي حوله إلى موضوع ضجة إعلامية. بدأ القاتل المتسلسل بالاعتراف بمئات جرائم القتل التي لم يتم حلها وقدم تفاصيل لا يعرفها سوى الجاني. توافدت وكالات إنفاذ القانون من جميع أنحاء البلاد لمقابلته حريصة على إغلاق القضايا الباردة. لكن مع تراكم اعترافاته تراكمت الشكوك حول صحتها. هل يمكن لرجل واحد أن يكون مسؤولًا حقًا عن هذا العدد المذهل من الجرائم؟

لإدارة العدد الهائل من الاعترافات، تم تجميع فرقة عمل لوكاس. كان الغرض منها فحص اعترافات لوكاس وتحديد أي منها كان ذا مصداقية. مع ذلك، سرعان ما خضعت فرقة العمل للانتقاد، مع اتهامات بتغذية لوكاس بمعلومات لمساعدته على اختلاق الاعترافات. كان هذا الجدل بسبب تقرير إخباري ادعى أن لوكاس كان سيضطر إلى قيادة عربة بالغة من العمر 13 عامًا ما مجموعه حوالي 11000 ميل في شهر واحد لارتكاب جرائم القتل المزعومة.

دور الإعلام في ملحمة هنري لي لوكاس

لعبت وسائل الإعلام دورًا حاسمًا في تشكيل تصور الجمهور لهنري لي لوكاس. مع كل اعتراف جديد، صرخت عناوين الصحف عن القاتل المتسلسل الأكثر إنتاجًا في التاريخ. كان الجمهور مرعوبًا ومفتتنًا، حيث استهلك كل التفاصيل المروعة لحكايات لوكاس عن القتل. مع ذلك، مع تزايد الشكوك، تغير تصوير وسائل الإعلام للوكاس، وأصبح التركيز السردي على المسؤولين المتهمين بالتطلع إلى تسوية القضايا التي لم يتم حلها.

في المقابلات والتصريحات، قدم لوكاس رؤى تقشعر لها الأبدان حول عملية تفكيره. تحدث بلا مبالاة مقلقة عن جرائمه وأعرب في بعض الأحيان عن ندمه بينما كان في أوقات أخرى يستمتع بالاهتمام الذي جلبته اعترافاته إليه. تركت هذه اللمحات في ذهنه الكثيرين يتساءلون عما إذا كان لوكاس قاتلًا نادمًا أم متلاعبًا رئيسيًا يزدهر بسبب عار أفعاله المزعومة.

إقرأ أيضا

الصحفية السويدية كيم وول التي قتلت بوحشية في غواصة

المتاهة القانونية

طوال الإجراءات القانونية، كان مصير لوكاس معلقًا. حوكم وأدين بارتكاب عدة جرائم قتل، بما في ذلك قتل صديقته، بيكي باول، وامرأة مسنة تدعى كيت ريتش. كان حكم الإعدام يلوح في الأفق عليه. لكن في تحول غير متوقع للأحداث، قام حاكم ولاية تكساس آنذاك، جورج بوش، بتخفيف عقوبته إلى السجن مدى الحياة، مشيرًا إلى شكوك حول مصداقية اعترافاته.

خلال فترة حكمه بالإعدام، خضع لوكاس لتحول روحي واعتنق المسيحية وكرس آخر 18 عامًا من حياته للسلوك النموذجي كسجين. توفي لأسباب طبيعية في 12 مارس 2001 عن عمر يناهز 64 عامًا في سجن هانتسفيل، تكساس.