هوليوود بدون ممثلين ولا مؤلفين للمرة الأولى منذ الستينيات

في الثاني من مايو لهذه السنة أعلنت نقابة الكتاب الأمريكية عن إضراب أعضائها عن العمل بسبب فشل المفاوضات مع تحالف الشركات المنتجة للصور المتحركة والتلفزيون. يعد هذا الإضراب الأكبر منذ إضراب النقابة الذي استمر من نوفمبر 2007 حتى فبراير 2008 ومع عدم وجود أي مفاوضات جارية من المتوقع أن يكون أطول إضراب في تاريخ النقابة. أثر الإضراب بشكل كبير على الصناعة في هوليوود حيث أجبر العديد من الأفلام والمسلسلات على إيقاف الإنتاج حتى انتهاء الإضراب. قد تم إلغاء الكثير من الأفلام والمسلسلات كذلك.

ما لم يضعه المنتجين في الحسبان هو إضراب نقابة الممثلين كذلك. حيث أعلنت نقابة الممثلين إضرابها يوم 14 يوليو. يعد هذا الإضراب الأول للنقابة منذ 1980 ولأول مرة يضرب النقابتين عن العمل في نفس الوقت منذ 1960. بالطبع يستحيل استكمال إنتاج أي فيلم أو مسلسل دون وجود الممثلين لكن تتمثل المشكلة الأكبر للشركات المنتجة في إضراب الممثلين عن ترويج أعمالهم التي انتهى بالفعل إنتاجها. رأينا تأثير هذا النوع من الإضراب على فيلمين من الأهم والأكبر هذا العام. حيث انسحب طاقم عمل فيلم “Oppenheimer” من عرض الفيلم في لندن. كما توقفت الجولة الترويجية لفيلم “Barbie” قبل اكتمالها.

فما هي أسباب الإضراب؟ وما هي شروط النقابات لأعضائها خلال الإضرابات؟ وماذا عن رد فعل الشركات المنتجة؟ وكيف يؤثر ذلك على مستقبل الصناعة في هوليوود؟

أسباب الإضراب

السبب الرئيسي في الإضراب لكلا النقابتين هو عدم الوصول لاتفاق مع الشركات المنتجة ومنصات البث مثل Netflix. كانت مطالب النقابتين الرئيسية في المفاوضات هي تحسين الأموال الذي يتقاضها الممثلين والمؤلفين ومنحهم نسب من أرباح منصات البث وكذلك منع استخدام الذكاء الاصطناعي.

بالنسبة لنقابة الكتاب تتمثل مشكلات الأجور إلى حد كبير مع المخاوف بشأن البث واستخدام غرف الكتابة الصغيرة. في هوليوود، يشير مصطلح غرف الكتابة الصغيرة إلى الممارسة الشائعة بشكل متزايد. تتمثل هذه الممارسة في استخدام مجموعة صغيرة من الكتاب الثابتين للمسلسل أثناء توظيف كتاب آخرين لبضعة أسابيع فقط.

يبقي هذا النهج عددًا أقل من الكتاب على كشوف المرتبات طويلة الأجل، مع ترك المزيد منهم في وظائف دون الكثير من الأمان. في حالة غرف الكتابة الصغيرة وعروض البث القصيرة، قد يستمر توظيف الكاتب لأسابيع فقط بدلًا من شهور. كما تريد النقابة زيادة نسبة أرباح الكتاب من عدد المشاهدات على منصات البث. حيث شكلت نسبة أرباح الكتاب من إعادة عرض أفلامهم ومسلسلاتهم على التلفزيون قدر كبير من دخلهم يفتقدونه الآن مع توجه الناس لمنصات البث.

كما تريد النقابة أن ترى الحد الأدنى للأجور مطبقًا على الكتاب الذين يعملون في برامج متنوعة كوميدية “مصممة لوسائل الإعلام الجديدة” وتقييد استخدام المقتطفات، والتي لا يتقاضى الكتاب رواتبهم مقابلها.

في ما يتعلق بنقابة الممثلين فمزيج من شروط العقد القديمة والمشهد الإعلامي سريع التغير يعني مواسم أقصر وفواصل أطول بين المواسم. كل ذلك يجعل من الصعب بشكل متزايد على أعضاء النقابة تحقيق والحفاظ على أسلوب حياة الطبقة الوسطى. هناك أيضًا مخاوف بشأن كيفية تعويض الممثلين بشكل عادل عن استخدام أشكالها التي أنشأها الذكاء الاصطناعي. كذلك تسعى النقابة لزيادة نسبة أرباح الممثلين من عدد المشاهدات على منصات البث.

أما عن مشاكل الذكاء الاصطناعي٬ تسعى نقابة الكتاب على نطاق واسع إلى الحد من استخدام الذكاء الاصطناعي للحفاظ على عدد الفرص للكتاب. كذلك لضمان عدم إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى من أعمال الكتاب الأصلية دون موافقتهم وبدون مقابل مادي.

تسعى نقابة الممثلين أيضًا إلى حماية أعضائها من استخدام شكلهم أو صوتهم أو أدائهم دون موافقتهم أو دون مقابل. خاصة أن شركات الإنتاج تريد أن تستخدم الذكاء الاصطناعي في المسح الضوئي للكومبارس واعطائهم أجر ليوم واحد مقابل أن تمتلك شركات الإنتاج صورتهم والقدرة على استخدامها دون طلب موافقة و لا تعويض.

شروط الإضراب

وضعت نقابة الكتاب بعض القواعد الواضحة للكتاب أثناء الإضراب. حيث لا يمكن للكتاب القيام بأي كتابة أو مراجعة أو عرض أو مناقشة مشاريع مستقبلية مع الشركات الأعضاء في تحالف الشركات المنتجة للصور المتحركة والتلفزيون.

ذكرت نقابة الكتاب أيضًا أن البودكاست الخيالي الذي تنتجه الشركات التي تضربها النقابة وأعضاؤها يجب أن يوقف الإنتاج. قالت النقابة إنهم يأملون في أن يتوقف كتاب مسلسلات الرسوم المتحركة الذين لا تغطيهم نقابة الكتاب لكن نقابة الرسوم المتحركة أي أعمال تضارب مع مصالح الإضراب. أشارت النقابة إلى أنه بينما لا يمكنهم معاقبة الكتاب غير الأعضاء الذين يعملون مع الشركات التي يحتجون ضدها فإنهم يعدون بمنع هؤلاء الكتاب من عضوية النقابة في المستقبل.

قررت نقابة الممثلين أنه لا يمكن للممثلين الانخراط في الإنتاج السينمائي أو التلفزيوني ولا يمكنهم المشاركة في الأعمال الترويجية. يتضمن ذلك الجولات الصحفية والعروض الأولى للأفلام. دوليًا، يُسمح لأعضاء النقابة بمواصلة العمل في المملكة المتحدة حيث يجرم قانون المملكة المتحدة الإضراب التضامني. كما يسمح للممثلين بالمشاركة في الأعمال السينمائية المستقلة بعد أخد موافقة من النقابة.

كما تعهدت نقابة الممثلين في منع أي شخص سيشارك في ترويج الأعمال خلال فترة الإضراب من الإنضمام لها. حيث من المتوقع أن تلجأ شركات الإنتاج إلى صناع المحتوى لترويج أفلامهم ومسلسلاتهم.

موقف شركات الإنتاج

قال بوب إيجر، الرئيس التنفيذي لشركة والت ديزني، إن مطالب الممثلين “ليست واقعية”. مضيفًا أنها “تضيف إلى مجموعة التحديات التي يتواجهها هذه الصناعة. تعرض إيجر لانتقادات بسبب هذه التصريحات في ضوء عقده مع ديزني الذي سمح له بكسب ما يصل إلى 27 مليون دولار لعام 2023 بين راتبه ومكافآته.

قبل توقف مفاوضات نقابة الممثلين، صرح أحد المديرين التنفيذيين المجهولين لتحالف الشركات المنتجة للصور المتحركة والتلفزيون أن استراتيجيتهم الحالية هى “السماح للأشياء بالاستمرار حتى يبدأ أعضاء النقابة في فقدان منازلهم” لإجبار النقابة على اتخاذ مواقف تفاوضية أقل ملاءمة.

إقرأ أيضا

لماذا يعتبر طبق السلطة أساسياً على السفرة في شهر رمضان؟

ذكرت Deadline Hollywood أن استوديوهات هوليوود الرئيسية لا تخطط للعودة إلى المفاوضات مع نقابة الكتاب حتى أواخر أكتوبر 2023 على أقرب تقدير. صرح المسؤولون التنفيذيون الذين تحدثوا دون الكشف عن هويتهم أنه بحلول أكتوبر، سيكون العديد من الكتاب في مواقف صعبة ماديًا مما يعطيهم اليد العلية في المفاوضات.

لكن أصدرت نقابة الكتاب تعليمات للكتاب الذين يواجهون صعوبات مالية بسبب الإضراب بالتقدم إلى صندوق مجتمع الترفيه. يساعد صندوق مجتمع الترفيه الأشخاص في صناعة الترفيه الذين يعانون من مشاكل مالية. سواء من خلال العثور على سكن ميسور التكلفة أوالحفاظ على الرعاية الصحية أوتغطية الرعاية العليا. في 10 مايو 2023، أفيد أن الكتاب تعهدوا بمبلغ 1.7 مليون دولار لصندوق مجتمع الترفيه. كما يمكن للمثلين اللجوء للصندوق كذلك.

مستقبل هوليوود

في الوقت الحالي تعمل هوليوود بشكل طبيعي نسبيًا. حيث يوجد العديد من الأفلام التي انتهى تصويرها وتم الترويج لها. خاصة أن لم يطالب أيًا من النقابتين الجمهور العام لمقاطعة الأفلام والمسلسلات. لكن ماذا يحدث عندما تنفذ الأفلام التي تم الانتهاء من تصويرها؟ أو لا يتبقى غير الأفلام التي لا يصعب على الشركات الترويج لها دون الممثلين وصناع المحتوى؟ هل سيدفع هذا الشركات للمفاوضات؟ لا يمكننا معرفة الإجابة القاطعة لكن يمكننا النطر إلى الإضرابات السابقة.

كلف إضراب نقابة هوليوود الذي استمر 100 يوم اقتصاد لوس أنجلوس أكثر من مليار دولار وانتهى بتحقيق مطالب النقاب. أما الإضراب الأطول عام 1988 الذي استمر 153 يومًا كلف هوليوود 500 مليون دولار وانتهى بتحقيق مطالب النقابة.

أخر اضراب لنقابة الممثلين كان عام 1980 واستمر لثلاثة أشهر وانتهى بتحقيق مطالب النقابة إلى حد ما. في 1960 عندما أضرب النقابتين معًا كان الإضراب لأسباب مشابهة حيث كانت متعلقة بالمبالغ التي تدفع للممثلين والكتاب. انتهى هذا الإضراب بتحقيق مطالب النقابتين.

يشير تاريخ الإضرابات في هوليوود إلى تحقيق مطالب النقابات. لكن السؤال هو متى سيتم تحقيق هذه المطالب؟ وكيف ستتأثر ساحة المسلسلات التلفزيونية؟ حيث يذكر أننا شاهدنا تغير كبير في التلفزيون أثناء إضراب الكتاب في 2007. حيث أتجهت العديد من شركات الإنتاج للبرامج الواقعية.