هيلانة سيداروس أول طبيبة مصرية .. قصة تستحق القراءة
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
من تعلم كثيرا عن الآخرين قد يكون متعلما، أما من يفهم نفسه فهو أكثر ذكاء، ومن يتحكم في الاخرين قد يكون قويا، أما من ملك زمام نفسه فهوالأقوى – لاوتسو تاوتيه كنج
في العقد الثاني من القرن العشرين، حين كان التعليم صعب المنال علي الرجال قبل النساء كانت هيلانة سيداروس تنتقل من طنطا إلى القاهرة في القسم الداخلي بمدرسة السنية للبنات في القاهرة ثم التحقت بكلية إعداد المعلمات، وخلال دراستها في السنة الثانية رشحها المسؤولون للسفر في بعثة إلى بريطانيا لدراسة الرياضيات، وهو ما وافقت عليه أسرتها على الفور.
منعتها بنيتها الضعيفة في البداية عن الدراسة العادية لكن تفوقها وتفردها وفوقهما معرفتها لهدفها كانوا الدليل فخاضت الطريق
إن الشيء لا يكتمل بمجرد الوصول إليه ، وإنما يكتمل عندما يصل إلى نهايته – لاوتسو تاوتيه كنج
الدراسة في الخارج حلم لأي شاب، فما بالك بشابة مصرية في الثامنة عشر من عمرها تدرس في بريطانيا أحد القوى العظمى في العالم حينذاك في عام ١٩٢٢، إلا أنها تكتشف أن المنحة تعطيها دبلوماً للمعلمات يماثل ما كانت ستحصل عليه في مصر، فتطلب العودة فوراً للقاهرة، تؤمن جيداً أن الحلم ليس الوصول للخارج بل إكماله هو الهدف.
يطلب المستشار الثقافي في السفارة المصرية مقابلتها ويقدم لها عرضًا لدراسة الطب، وهو الحلم الذي سعت إليه منذ الصغر، وذلك بالتزامن مع تأسيس جمعية كيتشنر الطبية في مصر، والتي هدفت إلى إقامة مستشفى للأمراض النسائية بالقاهرة، لتلتحق بالفريق الذي تم تدريبه بعد أن اجتازت الامتحان النهائي للمرحلة الثانوية في بريطانيا.
كان اصرار الصغيرة وايمانها بالحلم أكبر من محاولات ارضائها بأي شكل.
النجاح الوحيد في الحياة هو أن تستطيع أن تحيا حياتك بالطريقة التي تريدها – كريستوفر فرمورلى
كانت الاسابيع الأولى من دراستها للطب شاقة للغاية إذ كانت مادة التشريح Anatomy تسبب لها آلاماً وضيقاً. لكن بعد فترة تقبلت نوعية الدراسة في الطب واجتازت فترة الدراسة بنجاح وتفوق وفى عام ١٩٢٩ أصبحت طبيبة مؤهلة لممارسة مهنة الطب وهي تبلغ من العمر ٢٥ عاماً.
عادت هيلانة سيداروس إلى مصر عام ١٩٣٠ ومعها شهادة الطب والتوليد من الكلية الملكية البريطانية والتحقت للعمل بمستشفى كيتشنر بالقاهرة. في ذلك الوقت كانت الطبيبة المقيمة بالمستشفى إنجليزية وبعد أن عادت إلى وطنها شغلت د. هيلانة مكانها بكفاءة.
وفى عام ١٩٣٥ بعد أن انتهت الفترة الإلزامية التي ينبغى أن تقضيها في المستشفى، عرض عليها د. على بك فؤاد العمل في رعاية الطفولة مع فتح عيادة. وتذكر د. سلمى جلال، أن الدكتور عبد الله الكاتب شجعها وعاونها على فتح عيادتها في باب اللوق بالقاهرة وفى نفس الوقت كانت تقوم بعمليات الجراحة والتوليد بالمستشفى القبطى بالقاهرة بناء على طلب من الدكتور نجيب باشا محفوظ – رائد علم أمراض النساء والتوليد بمصر.
ومثلما كسرت القاعدة وتخطت الثالثة الابتدائية التي كانت المرحلة النهائية للإناث، كسرت القاعدة مرة أخرى وكانت تقود سيارتها في منتصف الليل من أجل حالة ولادة، كانت تعيش الحياة بالطريقة التي أرادتها .
افعل ما تستطيع، مستخدما كل ما تملك أينما كنت – تيودور روزفلت
هذا ما فعلته الطبيبة هيلانة في حياتها حتى بلغت الـ٧٠ من عمرها، وقتها استقالت من عملها وانضمت إلى الجمعية الخيرية القبطية، وفيها ترجمت بعض كتب الأطفال والمشاهير، واستمرت تحيا كما أرادت وكما أحبت إلى أن توفيت في ١٥ أكتوبر ١٩٩٨.
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال