رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
1٬332   مشاهدة  

قصة دولة أوروبية أدخلت وباء الكوليرا إلى مصر (1-2) تقصير النقراشي

وباء الكوليرا
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



خيمت صدمة كبيرة على مجلس الصحة العالمية الذي كان لاحقًا نواةً لـ منظمة الصحة العالمية بشأن وباء الكوليرا ووضع مصر الصحي بعد ضربات وبائية تعرضت لها كبدتها خسائر في الأرواح والأموال.

اقرأ أيضًا 
تاريخ العزل الصحي في مصر “قصة الطور الذي جعلنا نبهر العالم من 165 عامًا”

قال المجلس عام 1947 في تقريره السنوي الذي نشره الدكتور عباس فضلي في ص 11 من كتابه «الكوليرا .. نشأتها وطرق الوقاية وعلاجها» طبعة عام 1947 عن دار الطباعة المصرية الحديثة «موارد المياه في مصر غير ملوثة، ومن ثم يجب استبعاد المياه كمصدر للوياء الحالي».

اقرأ أيضًا 
“تاريخ الكوليرا في مصر” إحصاء المواقع غير صحيح وهذه حكاية كل وباء

ووجه المجلس في تقريره اتهامًا صريحًا إلى بريطانيا بأنها تتحمل نصيب الأسد من مسؤولية تفشي الوباء، حيث قال التقرير «الثابت أن مرض الكوليرا مستوطن في أقاليم وادي الكنج بالهند، وأن القوات البريطانية تستعمل مصر ومنطقة قناة السويس خاصة كمحطة أمامية لجيوشها التي تقصد الجزر البريطانية وأن من حق مصر بمقتضى المعاهدات الصحية الدولية أن تحدد لهذه القوات أماكن نزولها لأول مرة في مصر، وأن تخضعها للكشف الطبي والفحص البكتريولوجي للتأكد من سلامتها من الأمراض الوبائية وخصوصا الكوليرا وأن تحجر عليها في المعازل الصحية مدة خمسة أيام».

بداية الشبهات على بريطانيا

خبر اتهام روسيا بنشر وباء الكوليرا في مصر سنة 1947 م
خبر اتهام روسيا بنشر وباء الكوليرا في مصر سنة 1947 م

كانت أول دولة يتم اتهامها بنشر الوباء في مصر هي روسيا، غير أن الدكتور صلاح السيد عبدالعال علام رصد في دراسته عن الكوليرا مسألة مسئولية السلطات الإنجليزية التي تحتل مصر عن وباء الكوليرا عام 1947 باجتماع المكتب الدولي للصحة العامة بباريسفي أبريل عام 1946 م ــ أي قبل عام من تفشي الوباء ــ، واشتركت فيه الدول التي اهتمت بأعمال الحجر الصحي ، وقد مثل مصر في هذا المؤتمر الدكتور محمد خليل عبد الخالق وتقدم باسم مصر وباسم الدول العربية التي انتدبته لتمثيلها في هذا المؤتمر باقتراح لتعديل المادة 92 من المعاهدة الدولية الصحية، وكان أساس هذا التعديل عدم السماح للمسافرين من مناطق موبوءة في الهند بالسفر إلا بعد عزلهم خمسة أيام من مواني السفر سواء كان بالطائرات أو بالبواخر وفحص برازهم بكتريولوجيا.

عارض مندوب الهند على أساس أن ذلك يتطلب نفقات إضافية بإنشاء معازل ومعامل بكتريولوجية ، وقال إنه لا يمكن تنفيذه عمليا، وكان الرأي السائد هو أن مصر ترمي إلى زيادة الضمانات ضد تسرب الكوليرا من مواطنها الأصلية وذلك ليتحقق الخير الحجاج ولصالح جميع العالم، وقد تقرر إرسال مشروع التعديل إلى سائر الحكومات التقدم ملاحظاتها، ثم يطرح للمناقشة في الاجتماع التالي والذي حدد له أكتوبر 1946 م، وفي هذا الدور مثل مصر الدكتور مصطفى عمر ومعه الدكتور محمد خليل عبد الخالق بصفته مستشارا ، وأصر الأخير على طلب إجابة مصر إلى مقترحها باعتباره حقا طبيعيا لها ووسيلة من وسائل الدفاع عن النفس ، وضمانا لوقاية مصر والعالم من وباء الكوليرا ، ولكن ألبت الحليفة بريطانيا مندوبي الدول الأخرى ضد الاقتراح وتمكنت من تأجيل النظر فيه إلى دور إبريل 1947 م لعدم وجود المندوب الهولندي فان لوغيم باعتباره الأخصائي الوحيد بين مندوبي الدول لمكافحة وباء الكوليرا .

كانت مصر تتمسك باقتراحها الذي عارضته كلا من انجلترا وفرنسا؛ لأنهما من الدول البحرية وتتأثران بهذا الحجر ، وكذلك الهند لأن الحجر يكلفها مبالغ طائلة، وإصرار الحكومات المصرية على إبعاده عن مصلحة الحجر الصحي بناءا على تعليمات من السلطات البريطانية والذي يؤكد ذلك أن خبر ندب الدكتور محمد خليل قوبل بارتياح في دوائر لندن ، وهذا يعد وجها من أوجه التقصير لوزارة الصحة في نظر كثير من السياسيين؛ لأنه ثبت أنه لم يكن هناك حجر صحي بمعنى الكلمة ، ولو كانت هناك رقابة تامة لما تسرب الوباء الحالي إلى مصر.

تقصير محمود فهمي النقراشي

محمود فهمي النقراشي
محمود فهمي النقراشي

الحكومة المصرية برئاسة محمود فهمي النقراشي لم تفرض رقابتها الصحية على القوات البريطانية رغم أن القوانين الصحية الدولية تضع في يدها سلطة لا حد لها في مثل هذه الأحوال لاتخاذ كل ما تراه من التدابير حتى ولو لم تكن قد نصت عليها القوانين الدولية صراحة ، لكن لم يكن في استطاعة الحكومة المصرية أن تفرض رقابتها الصحية بدقة أثناء الحرب لأن السلطات البريطانية عارضت ذلك بحجة حماية أسرار الدفاع ولكن بعد الحرب كان يجب على الحكومة أن تسترد حقوقها المخولة لها بموجب قوانين الحجر الصحي، ولكنها لم تفعل إلا بعد أن تعددت مخالفات الجانب البريطاني لقوانين الحجر الصحي.

إقرأ أيضا
الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين
جلاء الإنجليز عن السويس في نعي النقراشي
جلاء الإنجليز عن السويس في نعي النقراشي

دليل آخر على تقصير محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء، يسرده الدكتور صلاح السيد عبدالعال علام، فعندما تقرر انسحاب القوات العسكرية البريطانية إلى منطقة قناة السويس في 31 مارس 1947م ، طالبت مصلحة الحجر الصحي بخضوع المطارات البريطانية في منطقة القناة لرقابة الحجر الصحي ، وللوصول إلى ذلك طلبت مصلحة الحجر الصحي في 11 مارس 1947 م أي قبل أن يتم الجلاء، من وزارة الخارجية إبلاغ السفارة البريطانية بأن أول هبوط للطائرات البريطانية القادمة من الخارج يجب أن يكون في مطار ألماظه حيث توجد السلطة الصحية المصرية، وذلك تطبيقا للمادة 20 من الاتفاقية الصحية الدولية للملاحة الجوية ، وفعلا كتبت وزارة الخارجية المصرية إلى السفارة البريطانية في 31 مارس 1947 م بضرورة وضع الطائرات البريطانية في منطقة القناة تحت الرقابة الصحية المصرية يقوم بها أطباء مصريون مسئولون أمام مصلحة الحجر الصحي ويراقبون الوافدين على البلاد من المناطق الموبوءة بالهند، ولكن لم يصادف هذا الطلب قبولاً، واعترضت السفارة عليه وأجابوا بأن ما تطلبه الحكومة المصرية سيحال إلى لندن لتبدي رأيها فيه.

النقراشي - رسمة كاريكاتيرية
النقراشي – رسمة كاريكاتيرية

من خلال ما سبق يتضح لنا أن هذا الإجراء الذي أشارت إليه مصلحة الحجر الصحي ممثلة في وكيلها الدكتور محمد خليل لو أتبع بدقة لما تسربت الكوليرا إلى مصر ، فقد نبه إلى ضرورة هبوط الطيارين القادمين من الهند وغيرها في مطار يخضع لإجراءات الحجر الصحي ، وأنه يجب على الطيارين تنفيذ التعليمات الدولية الخاصة بالحجر الصحي على الطائرات ولقد أدرك الدكتور محمد خليل ذلك الخطر فنبه رئيس مجلس الوزراء ووزارة الخارجية إلى وضع علاج لهذه الحالة منعا لتسرب الأوبئة إلى مصر.

معسكرات الاحتلال البريطاني سنة 1947 م
معسكرات الاحتلال البريطاني سنة 1947 م

أسوأ شيء وقعت فيه حكومة محمود فهمي النقراشي وعزز مسؤولية انجلترا عن وباء الكوليرا أنه بعدما تبودلت المكتابات بشأن الرقابة الصحية على الوحدات البريطانية الوافدة من الهند، وانتهت بأن قدمت السلطات البريطانية اعتذارا رسميا في 3 إبريل عام 1947 م اعترفت فيه بمخالفتها لهذه القوانين، وقبلت فرض الرقابة الصحية على قواتها ، ولكن ذلك لم ينفذ عمليا وتكررت المخالفات وسمح البريطانيون لطائرة حربية فرنسية بالهبوط في مطار فايد.

الكاتب

  • وباء الكوليرا وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان