ولا حاجة يا ناجي اقفل..الفيلم الذي يجذبك من عنوانه وحتى نهايته
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عندما حاصرنا فيروس الكورونا وكان العزل فرضًا على الكل، كان كل منا يحارب على جبهة ما؛ منا من حارب اكتئابه، ومنا من حارب الفيروس نفسه بعدما أصابه، ومنا من حارب قلقه الذي يتغذى على مثل هذه المفاجأت؛ عدو خفي جعل الجميع يستقلون الكنبة، ولكن كان البعض يحارب بشكل مختلف بهذه الفترة من حياتنا.
يوحنا ناجي مثلًا مخرج شاب وطالب بكلية الآداب قسم أنثروبولجي. كان يدرس بمدرسة سينما الجزويت بهذه الفترة التي لن ننساها.
وبأيام الدراسة هاجم العالم فيروس كورونا وتغير كل شيء، واستكمل طلبة الجزويت الدراسة “أون لاين” ونفذوا مشاريع تخرجهم وأفلامهم بهذه الظروف الضاغطة.
ولا حاجة يا ناجي ،اقفل! كان مشروع تخرج يوحنا والذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بالأفلام القصيرة بمهرجان القاهرة مناصفة مع فيلم آخر وهو”ثم حل الظلام”
بالجيزويت دار للأمل وشجر بيتكلم عربي
ومنذ اللحظة التي أعلن فيها الخبر، وقد استوقفني اسم الفيلم ولا حاجة يا ناجي، اقفل! وهو يعبر بشكل صريح عن حالة من الملل.
وقد أخرج يوحنا الفيلم في ظروف مملة بالفعل، ولكن نجح في أن يجذب المشاهد لأكثر من عشرين دقيقة لمتابعة حياته في هذه الفترة المملة دون ملل! في فيلم تسجيلي قصير يستحق المشاهدة.
والفيلم رغم جرعة أحداثه المكثفة لطبيعته كفيلم قصير، إلا إنه يحمل أكثر من خط درامي، تابعناهم جميعًا بفضول شديد.
ناجي وجدته وكل بيت مصري
وسط أزمتنا في العزل المنزلي وتحول حياتنا لحبسة سخيفة، تعلم الكثيرون من كبار السن التواصل مع الأخرين عن طريق المحمول والانترنت.
وبالفيلم يعرض ناجي مشاهد حقيقية من حياته مع جدته أثناء مساعدتها كي تتعلم التعامل مع عالم الانترنت ومع التليفون المحمول.
وتستمع بالمشاهد المختلفة التي تعبر عن الألفة بين ناجي وجدته، وعن حالة التعلم التي تدور بشكل دائم من قبل الجدة ومحاولة ناجي مساعدتها.
وعبر هذا الجزء من الفيلم عن بيوت مصرية كثيرة، واختار ناجي ضمن مشاهد كثيرة صورها المشاهد الأفضل، وكانت تتميز بطابع كوميدي خفيف أحدث موازنة مع بقية خطوط الفيلم الجادة والتي رصدت معاناة الناس مع هذه الفترة الصعبة.
ناجي والعالم من حولنا
كان ناجي على تواصل مع أصدقاء له من دول أجنبية مختلفة. وقد شارك كل منهم ناجي مشاعره من قلق وترقب وملل وعبروا عن هذه المشاعر بأفكار أفادت الفيلم وجعلته ضمن الأفلام التي رصدت هذه الفترة بشكل صادق.
وعلى مستوى الصورة، فقد اختار ناجي أن تكون هذه المشاهد من شاشات التليفونات وأجهزة الكمبيوتر، وجعل المتفرج وكأنه داخل هذه الدردشات، مما وحد المشاهد مع مشاعر الشباب بالمشاهد، وكذلك أعطاها انطباعًا واقعيًا أفاد الفيلم.
وبذكاء أنهى ناجي هذا الخط الدرامي بكادرات منفصلة، التقطها صاحب كل قصة لنفسه بكاميرا خارجية-خارج برامج الدردشة-كي نرى حياتهم خارج فقاعة .الانترنت، وكي نرى أملا فيما بعد عزل الكورونا
ناجي وصلوات العالم أجمع
بين علاقة ناجي بجدته وأصدقائه كان هناك خط درامي شديد الأهمية؛ وهو حضور صلوات الكنيسة التي تحولت هي الأخرى إلى الأون لاين.
وبهذه الفترة كان العالم كله يصلي ويتوسل لله كي يرفع عنا الوباء، وكي تعود حياتنا إلى طبيعتها.
وقد اختار ناجي أن نسمع الصلاة مع مشاهدتها مكتوبة على الشاشة، فحقق حالة إندماج المشاهد مع الحالة الإيمانية.
وأحيانا كان يطلق لكاميرته العنان مع الطبيعة وينقلنا من كادر لآخر مع الصلاة وإلى السماء، وكأنه قلوبنا جميعًا تدعو الله على أبواب سمائه المفتوحة.
الفيلم على الرغم من بساطته عبر عن فترة هامة بشكل مكثف وحوار قليل أفاد طبيعة الفيلم القصير.
وبطل كل الأفلام التسجيلية يكون المخرج والمونتير، وكان مونتير الفيلم يوحنا نفسه.
وكان عنوان الفيلم كما تصورت يعبر عن حالة ملل ما عانينا منها من مشكلات الانترنت ومشكلة شعورنا بالعجز من فترات العزل.
وكأن أحدهم يحاول التواصل كي يسمعه الآخر ويفهم مخاوفه، وعندما يشعر بأن الآخر لا يفهمه، ومع انعدام طاقته في شرح ما يجول في خاطره يقول بنبرة حاسمة:
ولا حاجة يا ناجي ، اقفل!
عرض الفيلم بمكتبة الإسكندرية بسينما الأحد التي يديرها الفنان أحمد نبيل ويدير ندواتها مع مخرجي الأفلام. ، وعقب الفيلم ندوة تحدث فيها يوحنا ناجي عن الفيلم مع جمهوره.
وعندما سألته عن كيفية اختياره لاسم الفيلم قال: أنه استقر على الاسم قبل عرضه بمشاريع تخرج سينما الجزويت بيومين تقريبًا.
واقتبس الاسم من جملة قالتها جدته بالفيلم عندما اتصلت عن طريق الخطأ بأبيه “يوحنا” وقالت بتلقائية شديدة:
“ولا حاجة يا ناجي، معلش”
فقام باستبدال كلمة معلش بكلمة أكثر صرامة وهي “اقفل”
أصبحت كلما أصابني الضجر أو العجز، أردد لنفسي: ولا حاجة يا ناجي، اقفل. فقد نجح يوحنا ناجي في لفت نظر المشاهد والتأثير فيه بداية من عنوان الفيلم، وحتى نهايته.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال