“12 خطأ برعاية الغيطي ومحمد فاضل” أخطاء مسلسل الضاحك الباكي في الحلقة 3

تعددت أخطاء مسلسل الضاحك الباكي التاريخية، لكن الحلقة 3 منه تميزت بمدى الفجاجة في شكل الأخطاء سواءًا الإخراجية أو التاريخية، بعكس الحلقة الأولى فقد كانت أخف في الأخطاء. 

نماذج من أخطاء محمد الغيطي .. لاحقوا الهبد

الأخطاء التي شهدتها الحلقة الثالثة كانت كارثية بامتياز، وهي على نوعين، أولهما يتحمل مسؤوليته المؤلف محمد الغيطي، وثانيهما يتحمل مسؤوليته المخرج محمد فاضل، ولنبدأ أولاً بأخطاء المؤلف.

تنظيم الرايات السود
تزوير بالإسفاف لحقيقة شوهها الغيطي

خلال أحداث الحلقة 3 من مسلسل الضاحك الباكي رأينا مشهدًا بين المخبر سطوحي وهو يطلب من نجيب الريحاني الانضمام إلى تنظيم سري مُسِلح عُرِف باسم الرايات السود ومن ضمن أعضاءه ناصف الورداني، وتشكل عقب إعلان بطرس غالي رئيس الوزراء المصري عن موافقته لمد امتياز قناة السويس لصالح الانجليز.

هذا المشهد احتوى على خطأ كارثي وهو :- انضمام الورداني لجمعية الرايات السود

والصواب :- إبراهيم ناصف الورداني كان عضوًا في تنظيم اسمه التضامن الأخوي وليس الرايات السود، والذي تأسس سنة 1905 م ونفذ عملية اغتيال بطرس غالي سنة 1910 م.

(معلومة تاريخية للمؤلف والقارئ والمشاهد)
ربط الأقمشة بالألوان في أسماء التنظيمات لم تعرفه مصر  خلال مطلع القرن الـ 20
عرفت مصر اثنين من المنظمات جمع اسمهما بين الأقمشة والألوان
التنظيميين تأسسا في الفترة من 1933 م إلى 1937 م
(يعني بعد اغتيال بطرس غالي بـ 23 سنة)
التنظيم الأول اسمه القمصان الخضراء ويتبع حزب مصر الفتاة
بينما الثاني حمل اسم القمصان الزرقاء وكان يتبع حزب الوفد
 وأول تنظيم يحمل الألوان في اسمه هو تنظيم اليد السوداء سنة 1919 م لحزب الوفد

بناءًا على ذلك، من أي خيال تاريخي مخيف جاء المؤلف محمد الغيطي بهذا الاسم المُسِفّ، فـ (الرايات) هي لفظة تحمل دلالة إباحية في ذلك الزمن؛ هل (تلخبط) بين مشاركة الريحاني في ثورة 1919 م من خلال نشره للمنشورات، وتاريخ جمعية اليد السوداء؛ فأراد أن يفرش لذلك بتلك الحبكة (السطحية ؟).

الإجابة المتوقعة، هذا من خيال المؤلف ولا ضرورة له بأن يلتزم حرفيًا بما قلنا
لنرد على الإجابة بسؤال :- «ماذا لو كان نجيب الريحاني نفسه يُكَذِّب ما يقوله الغيطي ؟»، لنرى الخطأ الثاني حتى نعرف.

العمل في محل البقالة
نجيب الريحاني يُكَذِّب محمد الغيطي

يحاول المؤلف محمد الغيطي جاهدًا منذ الحلقة الأولى أن يتجاهل ذكر التواريخ، حتى لا يمسك عليه أحد (مسكة) لكننا نستطيع القول بأن أحداث الحلقة الثالثة تدور سنة 1909 م، لأن فكرة مد امتياز قناة السويس كانت في أواخر سنة 1909 م.

الخطأ هنا:- أن المسلسل أظهر نجيب الريحاني سنة 1909 وهو يعمل في محل بقالة

والصواب:- لم يكن الريحاني يعمل في محل بقالة سنة 1909 م، ولم يكن ملتحقًا بالدراسة أصلاً، وبمطالعة الفصل الأول من مذكراته بعنوان «أول الطريق»، نجده في فقرة أحببت الدرام يقول بأنه كان يعمل في البنك من قبل سنة 1908 م بعدما ترك الدراسة، وعمل موظفًا في البنك الزراعي وتعرف على عزيز عيد الذي كان زميلاً له في نفس البنك واستقال منه سنة 1908 م واستمر الريحاني في عمله بالبنك إلى غاية العام 1910 م.

مد امتياز قناة السويس
والكوارث الثلاثة لمحمد الغيطي

خلال مشهد انعقاد جمعية الرايات السود (تسمية الغيطي) تعرض المشاركون فيه إلى مسألة مد امتياز قناة السويس الذي أقرته حكومة بطرس غالي أواخر سنة 1909 م، وسيوافق عليه المجلس التشريعي حتى لو اعترض عليه سعد زغلول؛ وقد احتوى هذا المشهد على 3 أخطاء تاريخية.

الخطأ الأول :- عرض المشروع على المجلس التشريعي

مكمن الخطأ هنا في نقطتين :-
الأولى :- مصر لم يكن بها مؤسسة اسمها المجلس التشريعي أصلاً، وإنما كان اسمه مجلس شورى القوانين، وينبثق منه الجمعية التشريعية.
الثانية:- لم يتم عرض المشروع على مجلس النواب، وإنما تم عرضه على هيئة الجمعية العمومية لمجلس شورى القوانين.

الخطأ الثاني:- سعد زغلول كان وكيلاً للمجلس التشريعي سنة 1909 م

مكمن الخطأ هنا :- أن سعد زغلول كان سنة 1909 م وزيرًا للحقانية، ولم يكن وكيلاً للجنة التشريعية، بل تولى الوكالة سنة 1914 م، أما لجنة 1909 م فكانت مكونة من رئيس وأعضاء، والرئيس كان محمود سليمان باشا، أما الأعضاء فهم «إسماعيل أباظة، حسن مدكور، إبراهيم مراد، أحمد يحيى، علي شعراوي، محمود عبدالغفار، حسن بكري، فتح الله بركات، عبداللطيف الصوفاني، جاد مصطفى، سعد مكرم، دياب محمد سليم، أمين العارف، إسماعيل كريم».

الخطأ الثالث:- اعتراض سعد زغلول على مشروع مد الامتياز

مكمن الخطأ هنا :- أن سعد زغلول كان موافقًا على مشروع مد امتياز قناة السويس بصفته ممثل للحكومة، وقام بصفته وزيرًا للحقانية بنشر دفوع الحكومة القانونية التي تريد من خلالها تمرير المشروع

ملحوظة جديرة بالذكر

هذه الأخطاء التاريخية جميعها وردت في مسلسل له مراجع تاريخي اسمه الدكتور جمال زكي
«ولا زال البحث عن كينونته جاريًا حتى وقت كتابة التقرير»
فالسؤال هنا:- ماذا يفعل المراجع التاريخي (الدكتور) 

محمد فاضل وأشكال فن التعاطي مع الأخطاء والتغاضي عن الصواب

إذا كان كل ما سبق من أخطاء هو مسؤولية محمد الغيطي، تحت عين المراجع التاريخي، فإن للمخرج محمد فاضل أخطاء شديدة الكارثية، يتحملها هو بالاشتراك مع مساعديه، وهي الآتي :-

نماذج من عدم مراعاة سن الشخصيات شكليًا

هناك 3 نماذج لم يراعي فيها المخرج محمد فاضل إظهار المراحل العمرية للشخصيات بشكل يصدق، والسبب في ذلك محمد الغيطي، وهذه النماذج هي :-

النموذج الأول :- عمرو عبدالجليل وتجسيد الريحاني في سن العشرين

ظهر الفنان عمرو عبدالجليل في الحلقة 2 و 3 سنة 1909 م وكان سن نجيب الريحاني هو 20 عامًا
بالتالي غير مفهوم أن يظهر عمرو عبدالجليل في شكل رجل يصلح لأن يكون أبًا لشاب، فكيف نصدق أن هذا هو نجيب الريحاني في سن العشرين.

النموذج الثاني :- فردوس عبدالحميد .. كما هي رغم كِبَر سن أولادها

إلى جانب هذا لم يراعي المخرج محمد فاضل أن يُظْهِر أم نجيب الريحاني وقد اعتراها الشيب في ملامحها، فالفنانة فردوس عبدالحميد لم يتغير فيها شيء، فلم تزحف التجاعيد على وجهها، ولم يعرف الشعر الأبيض أي صداقة مع خصيلات شعرها، فكيف هذا ؟

النموذج الثالث :- هاجر الشرنوبي وسن الـ 14 سنة !

جسدت الفنانة هاجر الشرنوبي شخصية سعاد ابنة أخت والد الريحاني، وظهرت سنة 1909 م بعدما عرفنا أن والديها مارية ورزق ماتا سنة 1895 م، بالتالي كيف تكون هاجر الشرنوبي باديةً في سنٍ تجاوز الـ 20 سنة، بينما سعاد في سنة 1909 كان سنها 14 سنة !

إقرأ أيضا

“رحل في نفس شهر موت الأديب” وداعًا الدكتور فتحي هاشم منقذ حياة نجيب محفوظ

 الخلط في أسماء العائلات

ظهر من شاهد قبر عمة نجيب الريحاني أن اسمها مارية جبرائيل طنوس، ومتزوجة من ابن عمها رزق عزيز طنوس فكيف تُنْسَب لعائلة طنوس وأصلاً أبوها (جد الريحاني) اسمه قسطنطين واسم العائلة ريحانة، وأصلاً جد نجيب الريحاني (أبو عمته يعني) لم يكن اسمه جبرائيل بل قسطنطين؛ ودليل ذلك الصحفي العراقي في الأربعينيات مشكور الأسدي والذي قال نقلاً عن يوسف الريحاني مدير قسم الترجمة في مصلحة الكهرباء الوطنية أن اسمه نجيب إلياس قسطنطين بهنام  يعقوب عبدالرحيم الصباغ (اسم الصباغ بسبب عمله في صبغ الملابس)، وأطلق ريحان بسبب وصف أحد جيران عبدالرحيم الصباغ لأحد أحفاده بالريحانة

المذاكرة عام 1909 م في كتاب نُشِر سنة 1983 م

من ضمن الأخطاء الكارثية التي وقع فيها المخرج محمد فاضل، كان بمشهد قيام توفيق (شقيق نجيب) بمذاكرة مادة قانونية، لأنه في كلية الحقوق، وكان كتاب المادة المدونة الذهبية.

الخطأ هنا:- الاستعانة بكتاب المدونة الذهبية

مكمن الخطأ:- المشهد يدور سنة سنة 1909 م، وبعيدًا عن أن المدونة الذهبية لم يكن كتابًا دراسيًا، لكنه صادر عام 1983م (بعد وفاة الريحاني بأكثر من 25 سنة).

واسمه كاملاً المدونة الذهبية للقواعد القانونية التي أصدرتها محكمة النقض المصرية، للمحامي عبدالمنعم حسني؛ فضلاً عن أن المحامي عبدالمنعم حسني ساهم في وضع الموسوعة الذهبية العملية للقواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض المصرية من سنة 1931 م وحتى 1979 م، وقام بمشاركة حسن الفكهاني في إصدار موسوعة حملت نفس الإسم لكن للأحكام المدنية والجنائية، وجميع هذه الموسوعات صدرت بعد موت الريحاني بأكثر من 25 سنة، فكيف يتم الاستعانة بها.

مستوى اللغة العربية في الضياع

لا يمكن أيضًا في مشاهد الجمعية السرية العجيبة هذه، أن نغفل أعجوبات أخرى، يتحملها المخرج محمد فاضل ومنها اللغة العربية التي تكلم بها الممثلون في الضياع التام وغير مفهوم، كيف فَوَّت محمد فاضل هذه الأخطاء العجيبة، ومنها :-

1 / يقول الورداني: « استغلال حجة حماية قناة السويس لأمد أمد الاحتلال»

وغير مفهوم معنى «لأمد أمد»، الصواب هو «لمد أمد»؛ أساسًا القانون اسمه «مد الامتياز» وليس «أمد الامتياز»

2/ يقول شكرون رئيس التنظيم: «نُعْقِد جلسة تنظيم حشد المظاهرات وصياغة وطبع المنشورات على بقية أعضاء التنظيم»

وغير مفهوم معنى «نُعْقِد» فالصواب «نَعْقِد» بفتح النون وليس ضمها، إلى جانب أن الممثل لديه مشكلة في مخارج الحروف، فلم يفرق في النطق بين حرف الطاء والتاء في «طبع المنشورات» والقاف والكاف قال «بكية أعضاء التنظيم».

المراجع

1. مذكرات نجيب الريحاني، طبعة مؤسسة هنداوي عام 2010 م
2. دراسة || أصحاب القمصان الملونة فى مصر، تأليف/ يونان لبيب رزق، الجمعية التاريخية، مجلد 21، عدد 21، عام 1974 م
3. مقال || نجيب الريحاني نابغة المسرح العربي، مشكور الأسدي، مؤسسة المدى، 2 إبريل 2010 م
4. كتاب || قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة، تأليف/ علي الحفناوي، طبعة 1954 م
5. مذكرات سعد زغلول، الجزء الثالث، طبعة 1990 م
6. كتاب || محمد فريد رمز الإخلاص والتضحية، تأليف/ عبدالرحمن الرافعي، طبعة 1984 م