أنس جابر .. لا أحد ينام بعد حرب غزة
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
اختلفت إطلالتها .. هذه التي كانت إذا ظهرت أمام الكاميرا أشرقت الأنوار وسرقت الكاميرا .. أنس جابر، لاعبة التنس العربية من دولة تونس، والتي تعتبر واحدة من المُلهمات للمرأة العربية، والتي حازت شهرة كبيرة، ليست فقط على المستوى العربي بل على المستوى العالمي .. تلك التي كانت ابتسامتها تبعث الأمل، وتحث على الحركة والحياة .. الآن تبكي كما لم تبكي الثكالى .. حيث خمشت أحداث غزة روحها –كما خمشت معظم الأرواح العربية والعالمية- ووقفت تبكي أمام الكاميرا، وتلملم الحروف حتى تكوّن الكلمة بعد الكلمة .. لنرى في النهاية أنه حتى لو كنت شخص صلد الروح والعزيمة، لابد أن تقف على عتبة غزة وتبكي كما لو كان مطلوب منك أن تملئ نهرًا بدموع عينيك.
وكانت أنس جابر قد انهمرت بالبكاء عقب فوزها الأول هذا الاسبوع ضمن منافسات البطولة الختامية في كانكون وفوزها على التشيكية ماركيتا فوندروشوفا في نهائي ويمبلدون الاربعاء 6-4 و6-3 .. وبدموع العين واحتراق القلب صرّحت بأنها لم تكن سعيدة في الفترة الأخيرة، ذلك لأن ما يحدث من موت وقتل يومي للأطفال والرُضَّع جعلها تشعر بالحزن العميق، لذلك قررت التبرع بجائزة الفوز إلى فلسطين المحتلة. ودخلت في نوبة من البكاء مؤكدة أن تلك الرسالة التي أرسلتها محض رسالة إنسانية وليست رسالة سياسية.
تصريحات أنس جابر الداعمة لفلسطين
و”جابر” شأنها شأن كل هؤلاء الذين بعثوا الأمل في النفوس خلال السنوات الماضية، حيث الإحباط قد حَلّ وأيام النوَّة قد هبطت على النفس بدلًا من نسمة الربيع .. وكانت جابر قد صنعت موقفها الداعم لفلسطين بنفس الاحترافية التي تمسك بها مضرب التنس وتتلاعب بالكرة الصفراء وتجعل من تونس قاعة للأفراح والرقص عقب كل فوز لها .. فحرب غزة وضعت كل شخصية عامة، من الفنانين أو الرياضيين في مأزق، ومأزق كبير للغاية، لكن ما فعلته أنس جابر بكل هذه التلقائية، وبكل هذا الوضوح، كان هو الذي يطلبه الجمهور بالضبط، ولم يطلب الجمهور سوى أن تكون نبض للشارع ولو حتى برد فعل صغير أو بصورة أو فيديو، حيث يعتبر الناس الشخصية الرياضية ابنًا لهم، كبر وترعرع على أيديهم وبين كفوفهم، لقي الدعم اللازم والتهذيب اللازم و(تمليص) الأذن اللازم، حتى أصبح سفيرهم في الخارج .. مرسال صنعوه ليوصل الرسائل لا ليصنع من نفسه محكمًا على أفعالهم، فقرارات الشعوب من قرارات الله.
وكانت ردود أفعال الجماهير شديدة الإيجابية بما فعلت أنس جابر، حيث كانت معظم التعليقات تدور حول أن هذا (عَشَم) الجماهير بابنتهم وأختهم، وكانت رسالة أنس مؤثرة للغاية حيث وقف الجمهور من مختلف الجنسيات داخل ملعب التنس مصفقًا لهذه التي تنقل رسالة أطفال فلسطين، بل هي تنقل رسالة كل عربي لم ينم على سريره حتى الآن من بعد حرب غزة .. حيث أن الحياة من بعدها كالذي إذا حاول التعافي من صفعة على الوجه تلقّى الأخرى!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال