قصة حفل الأهرامات يوم رأس السنة في مصر 2000م “كان الأطول مدةً وأثار جدلاً”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يبقى حفل رأس السنة في مصر 2000م أحد أكثر ذكريات من عاش تلك الفترة، وذلك لكونه الحفل الأطول في تاريخ حفلات رأس السنة الميلادية وهو الحفل المقترن باسم الموسيقار الفرنسي جان ميشال جار والذي تم عند سفح الأهرامات وحدث له اتهام بأنه يهدف للترويج إلى الماسونية.
أطلق على حفل الأهرامات يوم رأس السنة في مصر 2000م اسم حفل أحلام الشمس ال12 وكان الاسم مستمدًا من عقيدة المصري القديم في الخلود والحياة الأبدية ورمزها الشمس التي تغرب لتشرق من جديد وتمر خلال هذه الفترة بـ12 بوابة وفقًا للمعتقدات المصرية؛ وقد شارك فيه 1000 مغني وراقص وموسيقي و200 من عازفي الدفوف النوبية والموسيقى الأوركستالية لمزج الموسيقى الشرقية مع الغربية في قالب جديد؛ وقد استمر الحفل 12 ساعة فكان الأطول مدةً؛ لكنه أثار جدلاً حينها.
كيف ثار الجدل على حفل رأس السنة في مصر 2000م
كانت مصر أعلنت عن تنظيم حفل كرنفالي ضخم بمناسبة استقبال القرن الواحد والعشرين والاحتفال برأس سنة آخر عام في الألفية الثانية؛ وحمل ذلك الحفل اسم 12 حلمًا للشمس، وكانت فيه جهات كثيرة حكومية منظمة من ضمنها وزارة الثقافة بهدف تشجيع السياحة، وكان هناك تمسكًا حكوميًا قويًا بتلك الاحتفالية وذلك لترويج السياحة فضلاً فضلاً عن سعي مصر للتغلب على الآثار السلبية لمذبحة الأقصر التي راح ضحيتها 58 سائحًا عام 1997م.
وقع الاختيار عام 1998م على الموسيقار الفرنسي جان ميشال جار نجل الموسيقار موريس جار، وقد اشتهر جار الإبن بأنه رائد الموسيقى الإلكترونية ومعروف بتنظيم عروض خارجية لموسيقاه، مصحوبة بعروض ليزر واسعة النطاق وإسقاطات كبيرة وألعاب نارية.
تكلم جان ميشال جار عن اختياره في حوار صحفي أجرته معه صحيفة أخبار اليوم قال فيه حضرت للقاهرة من أجل الاشتراك مع وزارة الثقافة في الإعلان عن إقامة مشروع ضخم واحتفالية كبيرة للاحتفال بقدوم عام 2000م تحت سفح الأهرامات، وقد تلقيت العديد من العروض لإقامة احتفالية القرن لكني أعطيت الأولولية لمصر لأنها أهم المناطق الأثرية في العالم، ولعلمي بأن الكثيرين على مستوى العالم يحلمون باستقبال القرن الجديد في أحضان الأهرامات.[1]
وصلت تكاليف حفل أحلام الشمس ال12 إلى 9 مليون و572 ألف و100 دولار، وقامت دار الأوبرا المصرية بتفويق من وزارة الثقافة مع شركة الإنتاج البريطانية على ميزانية أوبريت الأحلام ال12 للشمس وكانت مرحلة ما قبل الإنتاج بدأت من أكتوبر 1998م حتى 31 مارس 1999م بتكلفة وصلت لـ85 ألف دولار، أما تصوير المشاهد والجرافيك وإضاءة الليزر والألعاب النارية والموسيقى قدرت بـ 550 ألف دولار.
أما الإخراج والمتابعة اليومية للحفل والإضاءة والألعاب النارية وملابس المسرح ومرتبات فريق الإنتاج والمكياج بلغت 6 مليون و49 ألف و100 جنيه، فيما حصل جان ميشيل جار على 350 ألف دولار وتكلفة أعمال إنتاج الليزر جرافيك 400 ألف دولار، إلى جانب 320 ألف دولار للبروجيكتور و750 ألف دولار للمولدات والمحولات الكهربائية.
أما تكلفة البروفات في فرنسا وانجلترا وتأجير الاستديوهات والإشراف الكلي لعروض المسرح في البروفات والتقنيات فقد بلغت 350 ألف دولار، أما الفنانين المشاركين في الحفل فوصل إجمالي أجرهم لـ450 ألف دولار، إلى جانب 300 ألف دولار مصاريف السفر، أما مصاريف شحن المعدات فوصلت لـ400 ألف دولار، بينما مصاريف الإقامة التي تحملتها دار الأوبرا فكانت 2 مليون و108 ألف دولار، بينما بلغت تكلفة الدعاية الخارجية وحملة العلاقات العامة العالمية 100 ألف دولار إلى جانب 100 ألف دولار أخرى لتجهيزات منطقة كبار الزوار، أما استراحات الفنانين خلف المسرح فوصلت لـ80 ألف دولار.[2]
كيف ثار الجدل على حفل رأس السنة في مصر 2000م ؟
مع منتصف العام 1999م تم الإعلان رسميًا وبشكل دعائي كبير عن الحفل وأنه تحت إشراف وزارة الثقافة، وحينها شنت صحف المعارضة سواءًا كانت ذات التوجهات الدينية مثل صحيفة الشعب أو ذات التوجهات غير الدينية مثل صحيفة الأسبوع، هجومًا حادًّا على الحفل وكان هو حديث الساعة ولم تتوقف توابع جدله حتى الآن خصوصًا مع السوشيال ميديا.
كانت أبرز الانتقادات التي واجهت الحفل من قبل أن يبدأ أنه حفل للماسونية وذلك لأن الماسونيين يضعون تاريخًا لبدء السيطرة على العالم من سنة 2000م وستكون أهرامات الجيزة هي مركز احتفالهم، كذلك فإن جان ميشال جار هو يهودي الجنسية.
تفاقم الأمر أكثر عندما أعلن وزير الثقافة فاروق حسني إنزال غطاء ذهبي على قمة الهرم الأكبر في تمام الثانية عشرة من مساء ليلة رأس السنة 2000م، ثم تراجع عنه لأنه يمثل دعاية سلبية، إلى جانب التكاليف الباهظة للحفل؛ كل ذلك جعل فكرة الحفل تذهب إلى القضاء عندما أقام محامي وأستاذ جامعي دعوى قضائية لإلغاء الحفل والذي قد يسبب ضررًا للأهرامات التي لا علاقة لها بمناسبة الألفية الثانية لميلاد المسيح، وقد رفضت المحكمة تلك الدعوى وأصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارًا برفض الطعن المقدم من أحد المحامين بوقف تنفيذ الحكم لصالح وزارة الثقافة[3]؛ ولأجل ذلك قام وزير الثقافة بالرد على كل النقاط التي قيلت عن الحفل في حوار صحفي أجراه مع صحيفة الأسبوع.[4]
فقرات الحفل الأطول
بدأ حفل الأهرامات يوم رأس السنة في مصر 2000م بحضور رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسني مبارك في العاشرة والنصف مساء يوم الجمعة 31 ديسمبر 1999م واستمر حتى العاشرة والنصف من صباح 1 يناير 2000م وتم بث ثلث ساعة منه على الهواء مباشرةً لجميع محطات العالم.
كان الحفل مكونًا من 3 أجزاء[5]، احتوى الجزء الأول على الموسيقى بدءًا من غروب شمس 31 ديسمبر 1999م واعتمد على الموسيقى كتمهيد للجزء الأساسي للاحتفال الذي يبدأ في العاشرة والنصف مساءًا ويستمر حتى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل.
أما الجزء الثاني فكان يعتمد على صوت أم كلثوم ويتضمن مزج بين الموسيقى الشرقية والغربية والمؤثرات الصوتية فضلاً عن أضواء الليزر.
أما الجزء الثالث من الحفل فيأخذ البعد الديني وذلك لمواكبة ليلة رأس السنة 2000م مع شهر رمضان، حيث يتم أذان الفجر ثم تواشيح دينية وبعدها يقدم جان ميشال جار مقطوعة موسيقية بعنوان هذه هي الحياة.
[1] ياسر محب، جان ميشيل جار: سعيد باستقبال القرن القادم على أرض الفراعنة، جريدة أخبار اليوم، عدد 10 يناير 1998م
[2] مشيرة موسى، كم تكلفت احتفالات مصر ببدء الألفية الجديدة، جريدة الأهرام، عدد 3 يناير 2000م
[3] محررة، القضاء المصري يرفض دعوى إلغاء احتفالات الألفية، موقع بي بي سي، يوم 28 ديسمبر 1999م.
[4] سناء السعيد، فاروق حسني في مواجهة ساخنة مع الأسبوع: احتفالات الألفية ليست ماسونية، جريدة الأسبوع، عدد 20 ديسمبر 1999م.
[5] محرر، مصر تبدأ احتفالات ضخمة بحلول عام 2000م، موقع كونا، يوم 31 ديسمبر 1999م
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال