عمليات الاستنساخ .. لماذا بدأت بين الحيوانات وكيف وصلت للبشر؟
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
فكرة الاستنساخ مريبة ومخيفة للغاية، هل تخيلت يومًا أن تجلس بجوار نسخة منك؟، تبدو المسألة غريبة لكنها حقيقية جدًا!.
ميلاد الفكرة
عام 1970م، واجه العلماء عدة مشاكل معقدة في علمي الوراثة والكيمياء، إلى أن اكتشف العالم “جريفور مندل” أن المزارعون يقومون بعمل تحسين سلالات بعض أنواع الحيوانات بعدة طرق بدائية وبسيطة، فقرر أن يراقب الصفات الموروثة عند بعض الكائنات وكيفية انتقال الصفة من الأباء للأبناء، وبعد جهد وأبحاث كثيرة، توصل إلى أن الصفات الوراثية تتواجد داخل نواة الخلايا الصغيرة، وتحوي بداخلها الحامل الأساسي للموروثات.
ومع مرور الوقت تمكنوا من صنع عدة نسخ لجينات موروثة، وتمكنوا من معرفة تسلسل الأحماض النووية، وإدخال التعديلات عليها.
اقرأ أيضًا
“چيبسي”.. مريضة اللوكيميا المشلولة.. قتلت أمها وهربت مع عشيقها
كان الأمر أشبه بالثورة العلمية وقتها، وفتحت الطريق لأفكار واكتشافات أكثر، ليتطور هذا النوع من العلم وأطلقوا عليه اسم الهندسة الوراثية الذي صار اسمه لاحقًا الاستنساخ .
عمليات الاستنساخ الأولى
بعد ذلك بدأ العلماء في عمل نسخ جينية لكائنات حية، ويقوموا بنقلها لبويضة تم إزالة النواة الأصلية منها، ومعالجة تلك البويضة عن طريقة توجيه تيار كهربي لتحفيز انقسام الخلايا بها، فيتكون لدينا جنين مطابق وراثيًا للكائن صاحب الجينات الأصلية التي تم زراعتها، أو ما يسمى علميًا بـ “المولود المستنسخ”.
تم الاعتكاف على مئات التجارب التي باءت جميعها بالفشل، حتى عام 1996م، عندما نجح العالم الاسكتلندي “أيان ولموت” في أول عملية استنساخ ناجحة للنعجة دوللي، وقال وقتها أنهم أخذوا عينة من ثدي شاه عمرها 6 سنوات، ونزعوا منها النواة الخاصة بها، وقاموا بغرسها في بويضة مأخوذة من شاه أخرى، وزرعوا تلك البويضة في رحم شاة ثالثة بعد أن مرت بفترة حضانة مختبرية، وانقسمت النواة وانتهت فترة الحمل، وولدت النعجة دوللي.
انبهر العلماء بما وصلوا له من إعجاز علمي، وقرروا أن يخوضوا تجارب أكثر، ووضعت ميزانيات ضخمة للغاية لرعاية تلك العمليات، ونجحوا بالفعل في استنساخ أنواع كثيرة من الحيوانات مثل القرود والقطط والفئران والأحصنة، وتطور الأمر لدرجة أنهم استنسخوا فأر من حمض نووي لفأر ميت!.
استنساخ الحيوانات المنقرضة
بعد تلك العملية الأخيرة، جاءت لهم فكرة استنساخ الحيوانات المنقرضة، وعلى رأسهم الديناصورات بالطبع، وكانت المشكلة الوحيدة التي تواجههم هي عدم وجود تسلسل حمض نووي لتلك الحيوانات، فاقترح أحد العلماء أن يبحثوا عن ذلك الحمض بداخل أحجار الكهرمان، وهي عبارة عن أصماغ تتحول بفعل الزمن لأحجار، ولكنها تمتص بداخلها بعض أنواع الحشرات قبل أن تتحول، وبالفعل استطاعوا أن يجدوا الحمض النووي للديناصورات في دم البعوض الذي امتصته أحجار الكهرمان، ولكن بعد مجهود شاق للغاية واستغرق الأمر منهم وقت كثير.
وتوقف الأمر عند ذلك الحد، بعد كل ذلك المجهود المبذول، حيث واجهتهم مشكلة أخرى وهي عدم وجود حيوان يشابه الديناصورات في خريطته الوراثية.
استنساخ البشر
واجهت تجارب الاستنساخ هجوم رهيب منذ بداية ظهورها، وأُثير حولها جدل علمي وأخلاقي وفلسفي طويل، واعتبرته بعض الدول تدخل في الخلق الالهي، وتم حظر تلك التجارب في 46 دولة حول العالم.
ولكن ظهرت بعد ذلك أفكار لاستنساخ البشر، وكانت في البداية هدفها استنساخ أعضاء بديلة للمرضى، باستخدام خلايا الشخص المريض نفسه، ويتمكنوا من استبدال أي عضو تضرر في المريض، أو يقوموا بحقن مجموعة من الخلايا السليمة داخل العضو المتضرر ليشفي نفسه بنفسه.
وقوبلت تلك الأفكار بهجوم شديد للغاية، وطالبت الأصوات المعارضة بوقف ذلك النوع من التجارب لأنه يعد تلاعب بقدسية الموت والحياة، كما أن العبث بالحمض النووي ممكن أن يؤدي إلى العديد من الكوارث الصحية، والأمراض الجديدة، والخوف من ولادة أجنة مشوه جينيًا.
وحتى يومنا هذا لم تجد عمليات استنساخ البشر الراحة ولازال الجدل مثار حولها، هناك بعض الدول تؤيدها وتدعمها، وهناك أكثر من 36 دولة مختلفة أقرت بحرمانية الأمر ورفضته.
ديفيد شيبيل أول مستنسخ بشري
على الرغم من كل ذلك الجدل حولها، إلا أن الأبحاث عن عمليات الاستنساخ البشري ظلت مستمرة، وظهر أول مستنسخ بشري في هيئة المذيع والممثل المشهور ديفيد شيبيل، الذي كان يقدم برنامج ناجح للغاية وله صيت واسع، وبعد انتهاء الموسم قبل الأخير، عرضت عليه شركة الإنتاج مبلغًا ضخمًا للغاية، ليقدم الموسم الأخير بنفسه، ووافق بالفعل، وظهر على شاشات التلفاز وصرح بكلام مثير عن شركات الإنتاج في هوليوود، وقال أنهم يعطون الممثلين والمذيعين السود من أصل أفريقي، أدوية غريبة يسيطروا بها على عقولهم، ليظهروا أمام الجميع كعرق أسود مجنون، وقال أنه مؤمن بنظرية المؤامرة، وأن هناك رسائل خفية يتم عرضها على شاشات التلفاز لتضليل المشاهدين، وبالطبع تم فسخ التعاقد مع ديفيد وسافر لأفريقيا، واختفى مدة طويلة للغاية، وظهر بعد فترة في أمريكا مرة أخرى، ولكن بشكل مختلف قليلًا، وصوت مختلف، حتى مظهره الجسدي كان مختلف، والعجيب أن كل أفكاره ومعتقداته السابقة اختلفت تمامًا، وكأنه شخص أخر، ولكن لم ينتبه الجمهور كثيرًا لتلك الفروقات، ودار حوله الكثير من الأقاويل والشائعات، إلى أن صرح أحد أبناء عمومته، أن ديفيد قد توفى مقتولًا منذ فترة، وأن الموجود أمامهم هو نسخة طبق الأصل منه، وقال أن ديفيد قُتل بسبب رفضه لتغيير معتقداته وأفكاره وكلامه المثير.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال