في منتصف رمضان 2024 .. هل مسلسل الـ 30 حلقة أصبح من الماضي؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نتذكّر جميعًا أيام مسلل الـ 30 حلقة! .. ونقول “أيام” لأن قرار المسلسل الـ 15 حلقة قد استوعبه الشارع والجمهور المصري .. نتذكّر وتتذكرون تلك المأساة التي كان يعيشها الجمهور في مشاهدة 10 حلقات تقريبًا عبارة عن مَطّ في الأحداث، والحلقات العشرة المقصودة هي الحلقات من الحلقة 10 حتى الحلقة 20 تقريبًا .. حيث يدخل الكاتب والمخرج في حالة إفلاس درامي .. فيبدأ الملل تحديدًا في نهاية الحلقة العاشرة، ويدخل (الحشو) الفارغ بديلًا للأحداث الحقيقية المُحرّكة، وتبدأ الخيوط الدرامية في الترهّل والتشتت خارج موضوع المسلسل، ويبدأ المشاهد في البحث عن ريموت الكنترول أو الغوص داخل الأحداث الساذجة فينجرف الذوق العام إلى نفس الحالة، وتحط الذائقة الفنية إلى أدنى مستوياتها .. ونعود ونسأل في النهاية : لماذا وصل الذوق الدرامي العام إلى هذا المستوى؟
ولنتابع الفارق الآن .. أولًا لا يمكن الحديث عن جدوى الحصول على الرضا الجماهيري من مسلسلات الـ 15 حلقة فيما أقل، دون إرجاع الفضل لانتشار المنصات الدرامية المختلفة، تلك التي بدأت إرهاصات هذه التجارب التي نجحت في إزاحة صنم الـ 30 حلقة الذي خاف الكثيرين من الاقتراب منه لعقود بسبب ثبات نوع ومزاج الجمهور الذي كان أسيرًا للخطط الإنتاجية الثابتة، وسجينًا في خلطة خرائط القنوات الرمضانية التي كان تحريك الجبل من مكانه، أسهل من تحريك أفكارها المتشابهة والتي تصل أحيانًا حد العُقم، وحصر المشاهدة في المنصات التليفزيونية قليلة العدد بالنسبة للسعة الجماهيرية الكبيرة، أدخل المنتجون في حالة من الوهم الكبير في أن كل ما يقدمونه ناجحًا وسوف يأكل الجمهور من أي طبق يُقدّم له .. حتى هَبّت رياح المنصات التي خلقت نوعًا من التعددية والتنوع فعاد كل شئ في حجمه .. وأصبح المسلسل الذي لم يحترم صناعه الجمهور في مأزق كبير، حيث يمكن بكل سهولة أن يضغط المشاهد زر skip ويشاهد ما هو أفضل بالنسبة له .. وحتى على مستوى التفضيلات فإن وجود منصات متعددة بتوجهات مختلفة قادر على خلق حالة زخم بين الأفكار وعكسها، وللجمهور حرية الاختيار .. والشاطر من يظهر في الزحام لا أن يظهر وحيدًا في الساحة.
في موسم رمضان 2024 توجت الدراما المصرية كل حالة التدريب الجماهيري طوال السنوات الأخيرة على مسلسلات الـ 15 حلقة فيما أقل .. والآن يشاهد الجمهور المصري وسيشاهد العناوين التالية : “نعمة الأفوكاتو” ، و”عتبات البهجة”، و”كامل العدد 2″، و”أشغال شقة”، و”جودر”، و”خالد نور وولده نور خالد”، و”كوبرا”، و”بابا جه”، “رحيل”، و”مليحة”، و”أعلى نسبة مشاهدة”، و”لحظة غضب”، و”بدون سابق إنذار”، و”صلة رحم”، و”مسار إجباري”، و”سر إلهي”، و”للأذكياء فقط”، و”جريمة منتصف الليل”.. وكلها مسلسلات مكوّنة من 15 حلقة فيما أقل قليلًا أو أكثر قليلًا، أي إن مسلسلات الـ 30 حلقة أصبحت الاستثناء من القاعدة .. وأحداث المسلسل أصبحت هي ما تحكم صناعة في إنتاج عدد محدد من الحلقات لا عناصر أخرى ضاغطة .. أي إن الفترة الدرامية الحالية تعيش طفرة وتطورات ومواكبة لنوعية جمهور الموبايل الذي أصبح رقم، وله ألف حساب!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال