دياب في “مليحة” .. الزحف أقوى أحيانًا من الركض!
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
بعد أيام قليلة النصف الثاني من الموسم الدرامي 2024، استطاع مسلسل “مليحة” بعد عرض 8 حلقات فقط أن يصنع حالة من الالتفاف الجماهيري حول موضوع المسلسل ودَقة الصناعة والعرض .. وليست القضية الفلسطينية فقط هي ما جعلت من المشاهد (المحتار) بين هذا العمل الدارمي أو ذلك، أن يحفظ جيدًا مواعيد عرض مسلسل “مليحة”، ليفتح المنصة المتاحة لديه للمشاهدة .. وحقّق “مليحة” –حتى الآن- الغرض منه، وهو في الأساس الكشف عن جذور القضية الفلسطينية وزواياها المتعددة .. فخلق المسلسل حالة من السؤال والإجابة والصد والرد الدائمين بين صناع المسلسل ومشاهديه، ومن هذا المنطلق رسم المسلسل طريقًا لنجاحه الواضح في تفاعل الجمهور على منصات التواصل الاجتماعي أو في الشارع.
ويلعب “دياب” دور الضابط (أدهم) .. وهو دور البطولة ضمن أدوار بطولة متعددة في المسلسل، ومعظمنا إن لم نكن جميعًا نعرف قصة صعود دياب في مجالات التمثيل والغناء، ويمكنك رصد حالة الكفاح التي عاشها ويعيشها ببساطة عندما تتابع لقاءاته الحوارية التليفزيونية أو تقرأ تصريحاته الصحفية .. لكننا نريد أن نحكي عن أول (بشاير) تلك الحالة، والتي توضّحت في دور أدهم .. فـ (دياب) ممثل لا يملك طَلّة متوهجة تجعلك تنتبه من اللحظة الأولى، لكنه قادر على التسلل بهدوء إلى أعماق عينيك عندما تترك له الفرصة لدقائق على الشاشة .. يمكنه أن يزحف بهدوء وانسيابيه حتى يختطف الكادر لا بالقوة لكن بطريقة ناعمة نعتقد أنها بسبب سمته الهادئ وسلوكه السّلس الذي يمكنه أن يتملّكك من خلاله .. وهي نقطة يبدو فيها دياب أمام الكاميرا كخارجها .. فعلى الرغم من أن دياب يلعب دور الضابط وهو دور يمتاز بالحسم والقوة، لكنه استطاع أن يجعلنا نشاهد من الضابط (أدهم) جانبه الهادئ والرصين في بيته، وتردده العاطفي في مسألة الزواج من عدمه، ومشاكساته الهادئة مع أمه التي تلحّ عليه في مسألة الزواج بشكل مستمر ودائم لكنه يستقبل ذلك دائمًا بمحاولات الهروب من مأزق الحديث حتى طلبها بنفسه، وتلعب دور الأم الفنانة (ميرفت أمين).
مشهد القائد أدهم في وداع رجاله من الشهداء
وفي مشهد يختصر لك عُصارة تقدّم دياب على المستوى الفني، عندما قرّر الضابط القائد أدهم أن يودّع رجاله الذين استشهدوا في معركة مع الجماعات الإرهابية، ووجّه دياب حديثه إلى جثامين الأبطال في مشهد درامي لا يخرج إلا من فنان كبير يجتهد دائمًا للتطور، ويمشي بنظرية أن قطرة الماء يمكنها تحقيق ما يحققه الفأس في الصخر .. باختصار، لن نرى في مستقبل دياب الفني أو ماضيه ما يمكننا أن نقول عنه قفزة ضخمة الفني، لكنه دائمًا سوف يخطو خطوات ثابتة إلى الأمام، صانعًا بينه وبين جمهوره الذي يزداد رويدًا رويدًا –كمشواره- حالة من الراحة والنظرة الصافية على الشاشة دون انزعاج أو فجاجة في المدح أو جلدًا بعد الخطأ .. ليثبت لنا جميعًا أن الزحف أقوى أحيانًا من الركض.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال