همتك نعدل الكفة
241   مشاهدة  

“العلمين الجديدة” مصر تنتصر في آخر معارك الحلفاء.. 40 عامًا من الصراع مع الألغام

العالم علمين
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



انتهت الحرب العالمية الثانية من عام 1945، ولكن على الرغم من هذا ظلت واحدة من أطول معاركها مستمرة على أرض مصر، معركة كان الخطر فيها مختبئًا في باطن الأرض، يتربص بالعابرين فوقه إذا عبروا، ويقف حائلًا أمام خطط تنمية هذا الجزء الساحر من أرض مصر، ألغام العلمين المعركة الأخيرة في الحرب العالمية الثانية التي انتصرت فيها مصر وحدها، لتفتح الباب أمام أحد أهم مدن المستقبل في المنطقة وربما في العالم أجمع، مدينة العلمين الجديدة.

 

انفجار لغم بالقرب من شاحنة بريطانية في العلمين
انفجار لغم بالقرب من شاحنة بريطانية في العلمين

منذ فترة طويلة وحتى سنوات قليلة ماضية كان اسم العلمين بالنسبة للمصريين يشير إلى بحار الألغام التي خلفتها إحدى أهم معارك الحرب العالمية الثانية، في جريمة حرب لا تقل في الخسة عن جريمة إلقاء الولايات المتحدة القنبلة الذرية على اليابان.

الشبح الألماني بدأ يخيف أوروبا سنة 1939م ثم بدأ خطأ هتلر الكارثي في اجتياح الاتحاد السوفيتي سنة 1941م، وموسوليني حليف هتلر يواجه ما يواجه في ليبيا، فقرر الألمان ضرب البريطانيين بمحاولة احتلالهم لمصر، وكانت العلمين وجهتهم الأولى، منها ليؤمنوا ظهر موسوليني، ومنها يمهدون الطريق لاجتياح مصر والسيطرة على قناة السويس.

كثرة الجبهات المفتوحة على الألمان أدت إلى نقص الإمدادات والوقود للجيش الألماني في العلمين، خصوصًا مع تكليف القائد البريطاني برنارد مونتجمري بحسم المواجهة معهم ومع قائدهم روميل.

روميل القائد الألماني
روميل القائد الألماني

قرر القائد الألماني  روميل زراعة خط مواجهة بينه وبين بريطانيا أسماه خط حدائق الشيطان وهو عبارة عن حقول ألغام يتم زرعها في باطن الأرض، ولكي تكون الألغام ذات فعالية أمام زحف الإنجليز، ابتكر وسيلة جديدة وفتاكة لزرعها، وهي أن تكون الألغام موجودة في باطن الأرض رأسيًا على 3 طبقات، بحيث إذا تم إزالة أول لغم ينفجر الثاني، وإذا أزيل اللغمين الأول والثالث ينفجر الثالث، على أن يتم تغطية منطقة الأغام تلك بمخلفات العربات المدمرة وإحاطتها بأسلام تفجير، تنفجر بمجرد اللمس.[1]

سنوات من محاولات إزالة آثار الجريمة الدولية

من أخبار معركة العلمين، جريدة المقطم في مصر
من أخبار معركة العلمين، جريدة المقطم في مصر

انهزم الألمان في العلمين عقب تراجع رومل سنة 1942م وبعد سنتين انتحر، وأعلنت نهاية ألمانيا سنة 1945م بانتحار هتلر، وحوكم قادتها في نورنبيرج، ولم تكن ألغام العلمين ضمن أوراق القضية، ولم يعمل الاحتلال البريطاني على إزالتها حتى تم الجلاء نهائيًا سنة 1956م.

منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى عام 1998م استشهد مالا يقل عن 10 آلاف مصري بسبب الألغام وكانت الكارثة أن أرض العلمين بها 20 مليون لغم بواقع 3 ألغام في كل متر مربع في 5 حقول على مساحة 262 ألف فدان.

من عمليات زرع وكشف الألغام في العلمين
من عمليات زرع وكشف الألغام في العلمين

أي أن حكومات وأنظمة مصر كان عليها مواجهة مشكلة الألغام، وقد جاءت لمصر فرصة مثالية سنة 1974م لكي تقوم بتطهير العلمين من الألغام، خصوصًا بعد نجاح القوات المسلحة في إزالة ألغام سيناء التي زرعتها قوات الإحتلال عقب نكسة 67، إلى جانب أن العالم كله بدأ يوفر لمصر إمكانيات لتطهير قناة السويس تمهيدًا لافتتاحها في العام التالي، لكن ضاعت تلك الفرصة بسبب عدم وجود خرائط لتلك الألغام وتقاعس الدول المتورطة.

خبر انعقاد مؤتمر ضحايا العلمين سنة 1984م، جريدة الجمهورية، 11 سبتمبر
خبر انعقاد مؤتمر ضحايا العلمين سنة 1984م، جريدة الجمهورية، 11 سبتمبر

في سنة 1983م بدأت مصر تتخذ خطوات إيجابية في حل تلك المشكلة[2]، حيث دعت القوات المسلحة لعقد ندوة دولية لدراسة تطهير مخلفات الحرب، وحضر وفود 5 دول لتلك الندوة وهي (انجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وأمريكا)، وقدم الوفد الإيطالي 25 خريطة لحقول الألغام، وبعد 10 سنوات قامت ألمانيا وانجلترا بتقديم خرائط أخرى، ورغم ذلك فإن مصر لم تحصل سوى على 1.7 مليون دولار لإزالة 20 مليون لغم، وكان ذلك مبلغًا زهيدًا خصوصًا أن تأخر الوقت وتغير العوامل الجوية أدى إلى انجراف ألغام بمناطق جديدة.

 

في محاولات مصر لإزالة ألغام العلمين لا يمكن نسيان اسم السفير محمود كارم “مدير إدارة نزع السلاح في وزارة الخارجية سابقًا، وحاليًا نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان”، والذي كان له دور قانوني في التحركات لعرض المشكلة المصرية، وانتقد الأمم المتحدة بسبب عدم إدراج مصر في قائمة الدول الأكثر تضررًا من الألغام، حيث جاء في تقرير الأمم المتحدة أن مصر بها مليون لغم، والحقيقة أن مصر بها 23 مليون لغم في أراضيها كلها وأن 76% من الألغام موجودة في العلمين.[3]

من عمليات تحديد مواقع معركة العلمين 2011م
من عمليات تحديد مواقع معركة العلمين 2011م

في سنة 2000م قامت الحكومة المصرية بتشكيل اللجنة القومية للإشراف على إزالة ألغام العلمين وتنمية الساحل الشمالي وتم إعداد خطة تنمية تقدر بـ 10 مليار دولار، وللروتين فقد تأخر التنسيق بين وزارة التعاون الدولي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لإقرار مشروع إزالة الألغام الأرضية ودعوة أكبر 5 شركات دولية ذات خبرة في إنتاج أجهزة الكشف عن الألغام.[4]

تطور في تطهير العلمين

كان الهدف المرجو هو تأسيس مدينة العلمين الجديدة على مساخة 50 ألف فدان، وذلك الهدف كـ إنجاز ما كان ليتحقق إلا بإنجاز إزالة الألغام، وإدارك الجهد المبذول يمكن معرفته من خلال الأرقام والتواريخ :-

  • مع مجيء العام 2007م بدأت المرحلة الأولى من تطهير العلمين والتي نجحت في إزالة ألغام 1.950كم
  • في الفترة من 2012 لـ 2013م تخلصت القوات المسلحة من مليونين و900 ألف لغم وجسم متفجر بمساحات من الأراضي بالصحراء الغربية وتبقى 16 مليونًا و800 ألف لغم ودانة وجسم متفجر، كان يتم التنسيق مع الأمانة التنفيذية لإزالتها، لتحقيق تنمية الساحل الشمالي الغربي وتكلفت عملية إزالة الألغام 23 مليون دولار.
  • وفي الفترة من سنة 2014م حتى 2018م تم تطهير 1.674كم
  • وفي سنة 2022م أعلنت القوات المسلحة بيانًا أعلنت فيه إزالة أكثر من 25 مليون لغم وجسم متفجر وذخائر خلال السنوات الماضية مما ساهم في تنفيذ عدد من المشروعات العمرانية والتنموية المختلفة بالمناطق التي تم إزالة تلك المخلفات منها.[5]
YouTube player

يلاحظ في تلك الفترة أن مشروعات إزالة الألغام ثم التنمية كانت تتم بالتوازي، ففيه سنة 2018م  أطلقت وزارة التعاون الدولي المركز الوطني لإزالة الألغام والتنمية المستدامة، وتم إبرام سلسلة من الاتفاقيات مع الدول والمؤسسات العالمية في 2018م و2019م، جنبًا إلى جنب مع صدور القرار الجمهوري بتأسيس مدينة العلمين الجديدة سنة 2018م[6]، وكان ذلك بمثابة قبلة الحياة لتلك المنطقة التي شهدت فعاليات العالم علمين لأول مرة في 13يوليو 2023م كأحد أكبر الأحداث الترفيهية الكبرى في الشرق الأوسط ولتحقيق 6 أهداف متمثلة في لفت أنظار العالم لمدينة العلمين الجديدة، وتعزيز مكانة مصر في القطاع السياحي عالميًا، والترويج للفرص الاستثمارية، وزيادة معدل النمو الاقتصادي، وتعزيز النشاطات الثقافية والترفيهية، واحتضان زخم من الفعاليات الفنية والثقافية والرياضية بشكل يتوافق مع رؤية مصر، ولنجاح النسخة الأولى من العالم علمين[7]، ظهرت النسخة الثانية منه في 11 يوليو 2024م والتي تستمر حتى 30 أغسطس من نفس العام.


[1]  مجلة العلوم البيئية، معهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، مج40، ج2، ع ديسمبر 2017م، ص306.

إقرأ أيضا
العلمين

[2]  جريدة الأحرار، ع7 أغسطس 1998م، ص3.

[3]  جريدة الجمهورية، ع24 نوفمبر 1996م

[4] مجلة العلوم البيئية بعين شمس، ص308.

[5]  بيان القوات المسلحة عن الألغام، موقع وزارة الدفاع المصرية، 31 أغسطس 2022م

[6]  العلمين الجديدة.. مسيرة التحول من أرض الألغام إلى وجهة عصرية عالمية، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فبراير 2023م

[7]  موقع الهيئة العامة للاستعلامات، 16 يوليو 2023م

الكاتب

  • العلمين وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان