“الأمراض الغامضة في مصر” تاريخ بدأ من المشخلع وأبو الركب ولازال موجودًا بأسوان
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تسبب مرض أسوان في إثارة بلبلة عارمة وجدلاً كبيرًا في مصر، لغموضه من جانب، وتأخر صدور بيانات صحية علمية تشير إلى أسبابه، مما جدد في الذاكرة المصرية تاريخ الأمراض الغامضة التي اجتاحت مصر وسببت لغطًا.
أبو الركب والمشخلع ومسلسل الأمراض الغامضة في مصر
كان أقدم الأمراض الغريبة التي اجتاحت مصر وسببت جدلاً هو مرض أبو الركب الذي اجتاح مصر في 15 يوليو 1779م، ورصده الجبرتي في تاريخه، حيث ذكر أنه انتشر في كل الناس، وكان عبارة عن حمى لمدة زمنية تبدأ من 3 أيام وتزيد عن ذلك، وكان عبارة عن وجع شديد في المفاصل والأطراف والركب تسبقه سخونة كبيرة في البدن، مع توقف كامل لحركة الأصابع وحدوث ورم كبير وتدوم تلك الحالة لمدة شهر[1]؛ لاحقًا أطلق الخبراء على مرض أبو الركب اسم حمى الضنك الذي يأتي من لدغات البعوض.
اقرأ أيضًا
ما الذي يحدث في أسوان ؟
بعد قرن وتحديدًا في عام 1878م انتشر في مصر مرض آخر غريب كان من أعراضه رعشة مصحوبة بحمى مع فقدان تام للشهية ونتانة قوي في الفم ونزيف حاد من الأنف أشبه بالرعاف، ولأن المصريين لم يكونوا يعرفوا له اسمًا علميًا، أطلقوا عليه مرض المشخلع بسبب الارتعاش الذي يسري في الجسم نفسه، وحلل خبراء بعد قرون من وقوعه أنه ربما يكون المقصود به التيفود.[2]
ما قبل أسوان .. سنوات الخوف المتكرر
في أواخر القرن العشرين شهدت محافظات مصر تفشيًا لأمراض غامضة ويحتفظ أرشيف الصحافة المصرية بنماذج كثيرة من تلك الأمراض، فمثلاً في 22 أكتوبر 1998م ذكرت جريدة الأحرار ظهور حالة مرضية غريبة في عدد من المدارس بقرية عرب إسماعيل في بنها، وكان أعراضها ارتفاع في درجات الحرارة وبروز ندبات أسفل الرقبة ثم غيبوبة.
قبل ذلك المرض بشهرين وتحديدًا في 7 نوفمبر 1998م نشرت جريدة الوفد تفاصيل فيروس أصاب المصريين باحمرار وألم في العيون انتشر في الإسكندرية وانتقل للقاهرة ومحافظات الدلتا، وكان من أعراضه تورم بالعين واحمرار شديد ولا يصلح معه أي علاج باستثناء الكمادات، مع اجتهاد لسبب المرض وهو فيرس قادم من ليبيا.
لعل أطرف هذه الأمراض كان ما نُشِر في 27 يونيو عام 2000م حيث وفاة رب أسرة وبنته وإصابة 5 من أفراد عائلته في ظروف غامضة، إلى أن سرت شائعة بأن هناك جسم غريب مشع جاء خلال رمال تم استخدامها في أعمال ترميم أجريت بالمنزل، لتقرر السلطات فرض كردون أمني على قرية ميت حلفا في مركز قليوب، وفحص 900 نسمة من سكانها ومنع الدخول والخروج من وإلى القرية، فيما ذكر آخرون أن السبب هو جمرة خبيثة وليس جسمًا فضائيًا.
وفي سنة 2017م اجتاحت مدينة القصير حالة مرضية وصلت لإصابة 680 حالة شخص في يومٍ واحد واستمرت الأعراض تتزايد لمدة 25 يومًا، وثار حينها لغط كبير لمعرفة السبب وراء ذلك المرض، تم التأكد من وجود 98 حالة بمرض التيفود.
مؤخرًا كان هناك انتشار للأمراض الغريبة التي ضربت صعيد مصر، فمثلاً في أواخر يوليو 2023م، تعرض أهالي نجع سند في قرية العليقات التابعة لمدينة قوص في محافظة قنا وأدى إلى إصابة 200 شخص، وأعراضه ارتفاع كبير بدرجات الحرارة وتكسير عظام وقيء ودوخة وصداع، واستمرت لمدة 7 أيام، ورجح البعض سبب المرض أنه انتشار البعوض والحشرات وربما تلوث حدث في مياه الشرب، وجاء أحدث هذه الأمراض في 30 يناير 2024م في بلدة الزبيدي بمحافظة قنا تبدأ برعشة وتتطور إلى الإغماء ولم ينجح الأطباء وقتها وحتى الآن لتشخيصه.
الخوف من غموض مرض أسوان الغامض جعل كثيرين يعتقدوا أن الكوليرا ضربت المحافظة بالكامل، لكن وزارة الصحة قالت أنه لا وجود للكوليرا في أسوان وخلال يومين ستعلن وزارة الصحة ماهية هذا المرض وأسبابه العلمية والوسائل العلاجية له.
[1] الجبرتي، عجائب الآثار في الترجم والأخبار، تحقيق عبدالرحيم عبدالرحمن عبدالرحيم، ج2، ط/1، دار الكتب المصرية، القاهرة ـ مصر، 1999م، ص73.
[2] موقع جريدة الأهرام، يوم 8 أغسطس 2017م
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال