“مؤتمر الجابية” أنقذ الدولة الأموية من السقوط وأنهى حكم آل سفيان
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عاشت الدولة الأموية من سنة 61 هجرية حتى 65 هجرية، فترة شديدة الدموية انتهت بمؤتمر الجابية، كان المختار الثقفي يشعل ثورة دموية من أجل قتل قتلة الحسين، ثم يعلن نفسه حاكمًا على الكوفة، ليحاربه عبدالله بن الزبير حتى يضمن ضم الكوفة للحجاز وإعلان نفسه خليفة وينجح في ذلك، بالتوازي مع الصراع الزبيري الكوفي، كان مروان بن الحكم يصعد شيئاً فشيئاً إلى الحكم حتى يتمكن من إعلان نفسه خليفة ويقضي على البيت السفياني من أجل آل مروان.
البوابة الشمالية لمدينة الرصافة الأموية
مؤتمر الجابية.. كيف حدث؟
نجح مروان بن الحكم في ذلك عن طريق مؤتمر الجابية، الذي نص على أن يكون هو خليفة للمسلمين ومن بعده يكون خالد بن يزيد بن معاوية، وكانت أم خالد هي زوجة مروان بن الحكم بعد موت يزيد.
قصة مؤتمر الجابية -كما يذكرها فيصل سيد طه حافظ- في دراسته عن الدولة الأموية، تبدأ حين اجتمع بنو أمية في دمشق في ظل انقسام العالم الإسلامي لإنقاذ خلافتهم المهددة بالسقوط، وكانوا أسرى القوى القبلية المتنافسة والمتصارعة سياسياً وعسكرياً التي تعاظم نفوذها، مع انهيار الحكم المركزي وتفرق الأسرة الحاكمة.
الحزب اليمني بقبيلته “كلب” النافذة في بلاط الدولة الأموية، وهي عصب الدولة وقوتها بزعامة حسان بن مالك، كان متشدداً في الحفاظ على امتيازاته، فقد تمسك بالأمويين، وخشي مناصروه من انتقال الخلافة إلى الحجازيين بعد أن ظلت في الشام منذ أن نقلها معاوية إليها.
أما الحزب القيسي الذي استاء من محاربة يزيد لأهل المدينة، وقد وصل مع زعيمه الضحاك بن قيس الفهري إلى مكانة كادت تنافس الحزب اليمني ومنحته الأحداث السياسية، بعد وفاة معاوية الثاني، مركزًا متقدمًا من خلال منصبه كأمير لبلاد الشام، حيث أتيح له أن يملأ الفراغ بصورة غير رسمية.
في الوقت نفسه، وجد القيسيون في ظل تضعضع الأسرة الأموية، في دعوة ابن الزبير لهم فرصة أخرى تمكنهم من التغلب على الكلبيين وانتزاع مواقع القوة من أيديهم، وهي المواقع التي اكتسبوها من تحالفهم مع معاوية، فأعلن الضحاك ولاءه لابن الزبير الذي عينه ممثلا له في بلاد الشام.
نتائج انعقاد مؤتمر الجابية
تفرقت كلمة الأمويين وتنافسوا على منصب الخلافة، فتوزعت ولاءاتهم بين ثلاثة مرشحين، فحسان بن مالك أيد خالد بن يزيد بن معاوية، بينما مال قادة عسكريون إلى مروان بن الحكم، وانقسم فريق عسكري آخر لترجيح كفة عمرو بن سعيد.
اتفق الأموين على عقد مؤتمر في الجابية، غرب مدينة “نوى” السورية، ليتداولوا فيمن يولونه الخلافة، ترأسه حسان بن مالك، وكان مروان الأوفر حظا نظرًا لشيخوخته وتجربته، حيث اعتبر مؤهلاً للحكم في ظروف استثنائية.
انتهى المؤتمر لمصلحة هذا الأخير حيث اختير خليفة بإجماع الحاضرين، وخرج الكلبيون ممن أيدوا خالد بن يزيد بترضية حيث اختير مرشحهم وليا للعهد، على أن تكون الخلافة من بعده لعمرو بن سعيد، وبمؤتمر الجابية انتقل الملك من الفرع السفياني إلى الفرع المرواني، واتحدت كلمة اليمنيين، ونجح التحالف الأموي اليمني في إعادة توحيد الموقف السياسي من مشكلة الحكم.
لم يهنأ مروان بن الحكم بمنصبه، فالطموح السياسي دفعه إلى تكرار ما فعله معاوية بن أبي سفيان، حيث قرر أن يكون الأمر لعبدالملك بن مروان وشقيقه عبدالعزيز بن مروان، لم تكن تريد أم خالد أن يتم الأمر هكذا فقتلت زوجها مروان بن الحكم مع صديقات لها دخلن إلى حجرته ووضعن الوسادات عليه حتى مات مخنوقاً.
لم يتم ما حلمت به أم خالد، فقد تولى عبدالملك بن مروان الخلافة وأراد قتلها لولا أن يُعَاب بقتل امرأة من أجل الثأر والسلطة، لكنه وقع في عيب أكبر وهو أن يتم ضرب الكعبة في عهده من أجل السلطة حيث استعان بالحجاج بن يوسف لقتل عبدالله بن الزبير وإنهاء دولته ونجح في ذلك.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال