تجهيزات فيلم الرسالة “الجيش المصري يحل مشكلة تمثيل الكومبارس والاسم الأصلي تغير”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تظل تجهيزات فيلم الرسالة هي الأضخم في تاريخ الأفلام الدينية فميزانتيه وصلت إلى 10 مليون دولار وحقق 15 مليون دولار في سنتين بعد متاعب ظلت أكثر من 5 سنوات تلاحق المخرج حتى وفاته التي أتاحت عرض الفيلم في الدول التي كانت ترفضه مثل مصر والسعودية.
مشاكل تجهيزات فيلم الرسالة تكلمت عنها كافة المواقع المواقع الإخبارية والأفلام الوثائقية طبقًا للمواد الفيلمية الإخبارية فضلاً عن الأخبار الصحفية القديمة، لكن الحوارات التلفزيونية الطويلة للمخرج مصطفى العقاد ممتلئة بحكايات كثيرة عن المشاكل التي كانت صعبة من النواحي الفنية وقام بحلها بمنتهى البساطة.
مخيمات الخمر لممثلي هوليوود .. بصمة من القذافي
كان القذافي هو طوق النجاة بالنسبة للمخرج مصطفى العقاد، بعدما سحبت المملكة المغربية تمويلها اللوجسيتي للفيلم نتيجة لضغوط الملك فيصل على العاهل المغربي، فقام القذافي بحل مشكلتي التمويل وتوفير الدعم اللوجسيتي لكن بقيت مشكلة الخمور.
حكى مصطفى العقاد في حواره مع محمد سعيد محفوظ أن كل الممثلين الأجانب المشاركين بالنسخة الإنجليزية للفيلم كانوا يشربون الخمر ولا يستطيعون التمثيل إلا بعد أن يسكروا وهذا سيستفز مشاعر المسلمين الموجودين ضمن المجاميع (الكومبارس) الذين وفرهم القذافي من قطاع المقاومة الشعبية.
فكر القذافي لمدة دقيقتين في المشكلة ثم قال «يُخصص لهم مخيم مغلق لا يدخله مسلم واحد، ويقوموا بشرب الخمر لكن شريطة أن لا يثقلوا في الشراب بطريقة تجعلهم يبدو كسكارى».
مشكلة الأذان الشيعي التي حلها الخميني
اعتبرت إيران مكانًا مناسبًا لعرض الفيلم إذ أن دور السينما في طهران وإن كانت متوفرة بعض الشيء لكنها لا تعرض الأفلام الأجنبية مما جعل الفيلم يكسب في شباك التذاكر هناك، لكن مشكلة الأذان الشيعي كادت أن تطيح بالفيلم هناك.
أخذ فيلم الرسالة إجازة من المجلس الشيعي الأعلى في لبنان جنبًا إلى جنب مع موافقة الأزهر المؤسسة السنية الأكبر في العالم، لكن علماء قم رفضوا الفيلم لأن في مشهده عرض الأذان السني الذي يخلو من جملة «علي ولي الله»، لكن الخميني سمح بعرض الفيلم وقال «زمن الرسول لم يكن هناك سني ولا شيعي ـ حسب قوله ـ».
ريأكشن الكومبارس التي حلها الجيش المصري
أكد مصطفى العقاد أن التحكم بالإخراج في الأطفال والحيوانات والمجاميع مستحيل، فلا يمكن إعطاءهم توجيهات إخراجية وينفذوها حسب رؤية المخرج، وكانت أصعب مشاكلي الفنية مع المجاميع، فمثلاً رفضوا الانسحاب في مشهد غزوة أحد قائلين «المسلمين لا ينسحبوا»، ورفضوا أن يقوم سالم قدارة «وحشي» بأداء مشهد قتل حمزة قائلين «لا نريده أن يقتل حمزة أمام أعيننا»، وعقليات كهذه لابد أن يتم التحايل عليها لأنها صادقة جدًا وفطرية لأقصى حد.
أصعب مشهدين بالنسبة للمخرج مصطفى العقاد مع المجاميع كان فتح مكة ووفاة الرسول، إذ أراد مصطفى العقاد ريأكشنات وتعبيرات خاصة وكان توجيه المجاميع فيها صعبًا.
بالنسبة لمشهد فتح مكة قال العقاد «تم تصويره في المغرب وكان من الصعب أن أُفْهِم المجاميع ماهية تمثيل شعور الزهو والفرح، فتصادف أن عيد ميلاد الملك الحسن يوم غد فقلت لهم غدًا عيد ميلاد الملك وسيأتي قائد الجيش المصري الذي عبر القناة بصحبة قائد الجيش السوري وسيصعدون للمنصة العالية ليقوما بإلقاء كلمة، وأسفل المنصة كنت أخبئ كاميرات لرصد تعبيرات الأوجه».
اقرأ أيضًا
شائعة في التاريخ العسكري لمحمد حسني مبارك “لها صلة بعبدالله غيث ووردة”
وأكمل العقاد «جاء عبدالله غيث وألبسته زي ضابط مصري ومعه الممثل السوري طلحت حمدي وألبسته زي القائد السوري وتكلما عن بطولة الجيشين، وانبهرت المجاميع بخطة عبدالله غيث التي كان يصف فيها بطولات الجيش المصري في عبور القناة وسط انبهار من الحضور وشعور بالفخر على وجههم فأخذ اللقطات لتلك التعابير التي كانت تساوي مليون دولار لوحدها».
بالنسبة لمشهد وفاة الرسول قال مصطفى العقاد «كنت أريد منهم تعابير الحزن أثناء الاستماع لخطبة الوداع ثم بكاء، وكان من الصعب إفهامهم لكني وجدت أحد الحكائيين وهو يحكي قصة الزير سالم وسيرة أبو زيد الهلالي والناس تنصت له باهتمام شديد، فطلبت منه أن يؤدي قصة وفاة الرسول وأصعدته على المنصة وقلت لهم اليوم أجازة وتركته يخطب لهم وأسفل المنصة كاميرات رصدت تعابيرهم».
مشكلة نحت الأصنام والإساءة للإسلام
الفنانة السورية منى واصف حكت قصة عن دقة مصطفى العقاد في أي شيء يخص فيلم الرسالة ورغبته في أن لا تتم الإساءة للإسلام، وعن هذا قالت «أراد المخرج مصطفى العقاد أن يُظْهِر قبح الأصنام المنحوتة حتى لا يسيء الغرب للإسلام لأن الأصنام لو كانت جميلة الشكل فسيفهموا أن الإسلام ضد الحضارة والفنون التشكيلية خاصةً وأن الفيلم له نسخة إنجليزية وسيعرض في أكثر من 3 آلاف دار عرض في لندن وأمريكا».
لماذا تغير الاسم من محمد رسول الله إلى الرسالة
لم يكن فيلم الرسالة بهذا الاسم وإنما كان اسمه محمد رسول الله لكن المسلمين الأمريكان هم الذين أصروا على تغيير اسم الفيلم وعن هذا حكى العقاد للإعلامي محمد سعيد محفوظ «شاهد المحتجون الفيلم ـ وكان حتى ذلك الحين يحمل عنوان (محمد رسول الله) ـ حتى بلغ مشهده الأخير، الذي يركع فيه المسلمون من كل فج عميق في نفس اللحظة، فإذا بالمتفرجين في صالة العرض ينهضون من مقاعدهم، ويتجهون نحو شاشة السينما، ثم يصطفون، ويركعون مع الراكعين في المشهد، فبكيت لأن هذا معناه انتصار للفيلم وبالفيلم».
ثم أقبل على العقاد ثلاثة شبان، يلحون عليه إلى حد البكاء أن يغير عنوان الفيلم، كي يتمكنوا من تعليق دعاياته في الأندية والملاهي الليلية والبارات، إذ لا يليق باسم رسول الله أن يوجد في مثل تلك الأماكن! وحاول العقاد أن يقنعهم بأن الأنبياء كانوا يقصدون محلات اللهو والخمر للوعظ والدعوة، لكن الشبان الثلاثة لم يقتنعوا وواصلوا إلحاحهم، وعن هذا قال مصطفى العقاد «كان شعورهم صادقاً، وقد سألت نفسي من أنا لكي أجرح شعور هؤلاء؟، وهنا قررت تغيير اسم الفيلم من محمد رسول الله إلى الرسالة».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال