مفلسين : 160 جنيه معاش شهري..أسرار من حياة نجيب محفوظ في الوظيفة
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
عندما أصبح نجيب محفوظ مستشارًا لوزير الثقافة حتى وقت خروجه على المعاش سنة 1971، كانت أعلى درجة وظيفية حصل عليها هي “رئيس مؤسسة” وهي تساوي درجة “نائب وزير”، أما أعلى مرتب حصل عليه في الحكومة فكان 1000 جنيه شهريًا، وبلغ معاشه 160 جنيه شهريًا بعد 37 سنة في الوظيفة.
«أعطتني حياتي في الوظيفة مادة إنسانية عظيمة وأمدتني بنماذج بشرية لها أكثر من أثر في كتاباتي، ولكن الوظيفة نفسها كنظام حياة وطريقة لكسب الرزق، لها أثر ضار أو يبدو كذلك، فلقد أخذت الوظيفة نصف يومي ولمدة 37 سنة، وفي هذا ظلم كبير، ولكن الوظيفة في الوقت نفسه علمتني النظام، والحرص على أن أستغل بقية يومي في هذا العمل الأدبي قراءة وكتابة، وجعلتني أستغل كل دقيقة في حياتي بطريقة منظمة، مع عدم تجاهل أوقات الراحة والترفيه، وهذا في تصوري هو أثر إيجابي للوظيفة في ظل ظروف المجتمع الذي نعيش فيه، فمن المستحيل أن يتفرغ الأديب في مصر، ولو كنا مثل أوربا، وصدر لي كتاب متميز لغيرت حياتي، وكنت استقلت من الوظيفة وتفرغت للأدب، لأن الكتاب المتميز يحقق إيرداً يكفي لاتخاذ مثل هذه الخطوة”.
حكى أديب نوبل عن الوظيفة في حياته، وكيف كرهها وكيف أحبها في الوقت ذاته، في مذكراته التي كتبها عنه الكاتب رجاء النقاش.
واعترف أديب نوبل، أنه لا يستغرب أو يستعجب من رؤية أديب نابغ يبحث عن وظيفة في مؤسسة إعلامية أو صحفية، باعتبار أن الوظيفة وماهيتها مصدرًا للوجاهة والنفوذ، بالإضافة إلى أنه سوف يصبح أديبًا نجمًا بموقعه هذا، لا بقيمته الحقيقية.
فهم الأديب عباس العقاد أن مصر “بلد الوظائف”، لكنه كان استثناًء من كل ذلك، فقد كان الأديب المرموق بلا وظيفة أو مكانة، دافع عن نفسه بكل قوته، وكان أي وزير يتجنب الهجوم عليه لسطوته ونفوذه بين الناس، غير أن الأديب محمود تيمور استغنى عن الوظيفة لثرائه، فقد حصل على منزلته بماله الخاص.
وقال نجيب محفوظ، أن عمل في وزارة الأوقاف ومجلس إدارة النواب وإدارة الجامعة، وتعرف هناك على العائلات القديمة والصراعات الحزبية، واصطدم بمناذج بشرية، فبطل القاهرة الجديدة عرفه وهو طالب وتتبعه إلى أن حصل على وظيفة، وبطل خان الخليلي كان زميلا له في إدارة الجامعة اسمه أحمد عاكف، وشكر “محفوظ” بعد قراءته للرواية على محبته له، للدرجة التي جعلت أديب نوبل يطلق اسمه على بطل الرواية، والابقاء على أحمد عاكف بطلا للرواية وكان ذلك بمثابة تحدي لأنه يغير في الشخصية للدرجة التي كان صاحبها لايعرفها.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال