همتك نعدل الكفة
243   مشاهدة  

بعد 4 سنوات من اللهو واللعب .. سياسات أردوغان الخارجية توقع بلاده في العزلة

سياسات أردوغان


اتسمت سياسات أردوغان الخارجية بطريقة الرقص على رؤوس الأفاعي فأقحم أنفه في كافة الشئون الخارجية بعد عامين من وصوله إلى سدة الحكم.

أيدولوجية العمل التركي

أردوغان
أردوغان

عدة محاور تحكمت في سياسات أردوغان الخارجية كان أولها تبني سياسات هجومية لتعزيز مصالحها بطرق مختلفة، أغلبها كان بالطرق العسكرية الصلبة، ظهر في نهجها تجاه سوريا وقبرص واليونان وليبيا، وكذلك مع الولايات المتحدة وربما حتى مع روسيا، أما ثانيها فكان عقد تحالفات مرنة تعتمد على تحقيق مصالح تركيا في المقام الأول، وهو ما يفسر القفز التركي في علاقاتها بين روسيا تارة والولايات المتحدة تارة أخرى.

محور آخر لعب عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو أن تصبح تركيا – الدولة غير القانعة بحدود دورها التقليدي – نبوءة تتحقق من تلقاء نفسها، تتحقق من خلال ردود فعل هجومية وعدوانية، وخلق مصالح تركية تقابل بخلق تهديدات على الدول الجارة وتحويلها إلى أمر واقع.

اقرأ أيضًا 
بين تركيا والاتحاد الأوروبي “لماذا اتفقوا على الإدانة واختلفوا حول العقوبات ؟”

حققت هذه الاستراتيجية بعض النتائج المهمة على المدى القصير، تمثلت على سبيل المثال في الضغط على العواصم الأوروبية بورقة اللاجئين لكنها انطوت على مخاطر حادة طويلة الأجل، ربما بدأت تركيا في مواجهة أولى ملامحها في الوقت الحالي ويتمثل التحدي الذي يواجه واشنطن في تجنب الاستسلام للضغط التركي مع البقاء في حالة تأهب لفرص طرد تركيا من هذا المسار.

الرواية التركية

أردوغان في روسيا
أردوغان في روسيا

منذ عام 2016 تحاول أنقرة صياغة رواية رسمية تخبر برغبة تركيا في لعب دور أكبر في النظام الدولي، ورغبة في تحقيق أكبر قدر من الاستقلال في العالم وتقليل الاعتماد على الحلفاء سواء روسيا في مجال الطاقة، أو الغرب في مجالات أخرى مثل التسليح، وأوضحت هذه الرواية أيضًا أن تركيا ستصبح أكثر حزمًا من أجل تأمين مصالحها، بالاعتماد على القوة الصارمة والتدخلات العسكرية الخارجية للقيام بذلك.

وعليه، من خلال شرح الأساس المنطقي وراء هذا النهج، يجادلون بأن تركيا تواجه الآن تهديدًا وجوديًا من مجموعة من الأعداء، بما في ذلك الولايات المتحدة وشركائها الأكراد السوريين ومحور إقليمي يتكون من مصر والامارات والسعودية، وإسرائيل، وفرنسا.

واقتناعًا منهم بأن محاولة الانقلاب التركية في 15 يوليو 2016 كانت هجوما نظمته قوى أجنبية، فإنهم يعتقدون الآن أن أفضل دفاع لتركيا هو الهجوم الجيد، ويجب أن تبدأ بخلق جبهات حرب ضد أعدائها، إن أخذ هذه الرواية التي تحولت إلى عقيدة تسيطر على صناعة القرار في تركيا في ظاهرها يقدم دليلًا جيدًا للسياسة الخارجية التركية الحالية، ربما يمتد الأمر ليقدم دليلا لعقيدة تركيا كلها وليس الرئيس التركي الحالي فقط.

النهج التصعيدي لتركيا

إردوغان
إردوغان

يمكن تلمس نهج السياسة الخارجية الجديدة لأنقرة بوضوح في علاقات تركيا مع الولايات المتحدة. لعقود من الزمان، غضبت أنقرة من الشروط غير المتكافئة للعلاقات الأمريكية التركية، مستشهدة -من بين أمثلة أخرى وليس الحصر- بمعارضة واشنطن المستمرة للتدخل التركي في قبرص.
ومع ذلك، في أعقاب محاولة الانقلاب عام 2016 التي يعتقد الكثيرون في أنقرة حقًا أنها من تدبير الولايات المتحدة – التي تأوي العدو الأيديولوجي لأردوغان فتح الله جولن-، أظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التزامًا جديدًا بإعادة ضبط شروط العلاقة.

عند شراء صواريخ الدفاع الجوي الروسية S-400، على سبيل المثال، أعلن أردوغان استقلال تركيا عن واشنطن حيث توقع العديد من المحللين الأمريكيين أن تتراجع أنقرة في نهاية المطاف تحت الضغط الأمريكي، كما فعلت في الماضي، ولكن لم يفعل أردوغان، مخاطرًا بفرض عقوبات حتى مع تعثر الاقتصاد التركي لقد حسب حتى الآن أن تركيا كانت (وستظل) مهمة للغاية بالنسبة لواشنطن، وهو ما يمنع الأخيرة للمجازفة بإجراءات عقابية قاسية بشكل غير ملائم.

واتخذت أنقرة نهجًا هجوميًا تصعيديًا بالمثل في شمال شرق سوريا، من خلال التهديد المتكرر بالعمل العسكري وصلت لحد المخاطرة بمواجهة القوات الأمريكية، أقنعت أنقرة في نهاية المطاف الرئيس دونالد ترامب بالسماح بتوغل تركي ضد وحدات قسد السورية؛ ولتحييد مطالب الأكراد الانفصالية في الشمال. وسط كل هذا، تحدت الحكومة التركية أيضًا واشنطن باعتقالها عددًا من الموظفين المحليين في وزارة الخارجية الأمريكية واحتجاز القس الأمريكي أندرو برونسون في السجن لأكثر من عامين على الرغم من الدعوات البارزة المتكررة للإفراج عنه.

نتيجة لهذه السياسات، واجهت تركيا عواقب حقيقية، أدى شراء تركيا لمنظومة إس-400 إلى استبعادها من دورها كمنتج مشارك للطائرة المقاتلة إف-35، مما قد يكلف أنقرة أكثر من 10 مليارات دولار في المبيعات النهائية بعد أن هاجمت تركيا وحدات قسد في أكتوبر 2019، علق البنتاغون عملية تبادل معلومات استخباراتية سرية مع أنقرة، بينما نظر الكونجرس في مجموعة من العقوبات التي لا يزال بإمكانه تنفيذها.

علاوة على ذلك، لم تتعاف العملة التركية بالكامل بعد من الخسارة الهائلة التي تكبدتها عندما هدد ترامب بـ تدمير الاقتصاد التركي في صيف عام 2018 لتأمين إطلاق سراح القس برونسون، وهو المشهد الذي يتكرر تقريبا في الوقت الحالي يزيد عليه تبعات أزمة كورونا المدوية على الاقتصاد التركي، ومع ذلك، من وجهة نظر أنقرة قد تبدو هذه انتكاسات مؤقتة، يمكن تحملها والصمود أمامها، ويرمي الإدراك التركي أن أنقرة ستثبت في النهاية لواشنطن أنها ليست عرضة للضغط الأمريكي، وبالتالي ستؤمن منافع طويلة الأجل في شكل علاقة أكثر مساواة.

واتخذت أنقرة نهجًا هجوميا بالمثل في مجموعة من القضايا الإقليمية. عندما تحركت قبرص الرومية بالتنسيق مع إسرائيل واليونان، لاستغلال الموارد النفطية المكتشفة حديثًا قبالة ساحلها الجنوبي الشرقي، أعلنت أنقرة أنها ستحبط هذه الجهود حتى يتم الاعتراف بمصالحها البحرية في المنطقة، وأرسلت تركيا سفنًا حربية لتهديد الشركات الأجنبية التي تجري عمليات حفر استكشافية في المياه القبرصية، ثم أرسلت سفن حفر لتأكيد مطالبها، وهو ما دفع بروكسل (الاتحاد الأوروبي) للبحث في فرض عقوبات على تركيا بدأت على مستوى الشركات في تركيا بعد أن فشلت كل المحاولات الدبلوماسية الصادرة من برلين لتوفيق وجهات النظر بين اليونان وتركيا والحؤول دون مواجهة عسكرية في بحر إيجة.

هل تخسر أنقرة مسارحها بسبب سياسات أردوغان

إقرأ أيضا
مدينة
أردوغان
أردوغان

استكملت أنقرة هذه الجهود التصعيدية الحادة في شرق البحر الأبيض المتوسط بسياستها في ليبيا، وفي 2019 زادت تركيا دعمها لحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرًا لها في صراعها ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، بالإضافة إلى إرسال طائرات بدون طيار ومستشارين عسكريين وآلاف من المقاتلين السوريين حسب تقارير البنتاجون.

أعلن أردوغان عن استعداده لنشر قوات تركية للدفاع عن حكومة الوفاق في الوقت نفسه، وقعت تركيا اتفاقية مع حكومة طرابلس تحدد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين في البحر المتوسط من خلال قطع المنطقة الاقتصادية التي تحق لليونان، على الأقل وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

الآن، بعد الترتيبات الجيوسياسية الأخيرة في شرق المتوسط، نجح أعضاء منتدى غاز شرق المتوسط في القاهرة من ترفيع المنتدى إلى منظمة إقليمية تتبنى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهو ما دفع أنقرة لاستدراك مواقفها وإرسال رسائل توافقية إلى القاهرة من أجل عقد حوار بين دول الإقليم.

ومؤخرًا، سيواجه نهج القوة الصارمة لتركيا اختبارًا أكثر جدية في شمال غرب سوريا (إدلب). بعد دعم التنظيمات الإرهابية السورية في قتالهم ضد النظام السوري واستقبال ملايين اللاجئين السوريين، تواجه تركيا انهيار سياستها تجاه سوريا مع تقدم قوات الأسد إلى إدلب التي تسيطر عليها المعارضة، لا سيما بعد فشل المباحثات الأخيرة بين روسيا وتركيا.

في الأشهر المقبلة، قد تواجه تركيا صعوبة اقتصادية نوعًا ما بسبب إمكانية فرض عقوبات اقتصادية أوروبية عليها كما أن أنقرة على وشك المواجهة مع القوات السورية المدعومة من روسيا في إدلب. في الوقت نفسه، تواجه تركيا تطويقا إقليميا من مصر، وقبرص، واليونان (التي تواجه مؤخرا تعثرا في المباحثات مع تركيا)، وفرنسا التي تجمع عواصم أوروبا لمواجهة أنقرة.

في محاولة لإدارة هذا الوضع، من غير المرجح أن تعيد أنقرة ضبط علاقاتها مع الغرب بشكل دراماتيكي كما يأمل البعض، طالما تحتفظ روسيا بالقدرة على التصعيد ضد تركيا في إدلب (ولا تزال واشنطن غير مستعدة لاستثمار هذا النوع من التدخل في الوضع في سوريا)، لذا من المتوقع رغم فشل المباحثات في إدلب أن توافق أنقرة على دور محدود لها في سوريا، سيحافظ هذا على بعض مكاسب أردوغان. بعبارة أخرى، من غير المرجح أن تنفصل أنقرة بشكل دائم عن موسكو، وهو ما قد يزيد من استياء أمريكي تترافق معه أصوات أمريكية داعية للخروج العسكري من تركيا، وهو ما تبين في تصريح وزير الخارجية الأمريكي مؤخرا (بومبيو يحذر: “هواوي” تهدد وجودنا العسكري في تركيا: 25 سبتمبر 2020).

ختاما، وبحسب المرصد المصري فيمكن القول إن الاستراتيجية الهجومية لتركيا في المنطقة وقفزها المستمر على الحبال الأمريكية والروسية دفعها للمحاصرة من قبل الجميع حيث دول الشرق الأوسط، والدول الأوروبية، وإلى مزيد من العزلة.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان