حين يكون الشيطان صادقًا يوم القيامة “سببان وراء ما قاله في سورة إبراهيم”
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
مرة وحيدة يكون الشيطان صادقًا فيها وهي يوم القيامة حيث يعترف بأنه ضلل البشر لكن ليس له عليهم أي سلطان، وتفاصيل ذلك وردت في سورة إبراهيم « وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».
الشيطان ليس له سلطان
في تفسير سورة إبراهيم قال القاشاني «لما ظهر سلطان الحق على شيطان الوهم وتنوَّر بنوره، أسلم وأطاع وصار محقًا، عالمًا بأن الحجة لله في دعوته للخلق إلى الحق لا له، ودعوته إلى الباطل بتسويل الحكام وتزيين الحياة الدنيا عليهم واهية فارغة من الحجة، وأقرَّ بأن وعده تعالى بالبقاء بعد خراب البدن والثواب والعقاب عند البعث حقٌّ قد وفى به، ووعدي بأن ليس إلا الحياة الدنيا باطل اختلقته؛ فاستحقاق اللوم ليس إلا لمن قبل الدعوة الخالية عن الحجة فاستجاب لها. وأعرض عن الدعوة المقرونة بالبرهان فلم يستجب لها.
اقرأ أيضًا
مش بتسمع الأم تقول لابنها يكفيك شر ساعة الغفلة .. عن الصلاة التي يمكن أن نقاوم بها ونوس
وبهذا يتبين أن الله لم يجعل للشيطان سلطاناً على بني آدم، لتكون إرادة الناس حرة في اختيارها طريق الخير أو الشر، ومن ثم فليس له سلطان على الإنس في عقائدهم وتوجيه إرادتهم للأعمال السيئة، فإن ذلك مما لا سبيل له إليه.
لماذا يقول الشيطان الصدق في هذا اليوم ؟
الحق سبحانه وتعالى يعطينا صورة أخرى يوم القيامة وهي صورة الشيطان الذي يأتي يوم القيامة ويعترف أمام الناس جميعًا بأنه قد خدعهم وضللهم وبأن الله وعد الناس وعد الحق وأن الشيطان كذب عليهم كما كذب على آدم من قبل ويتبرأ الشيطان من أنه أجبر إنسانًا على المعصية ويقول أن أولئك الذين اتبعوه فعلوا ذلك لأن في قلوبهم مرض وهوى وأنه لم يجبرهم على فعل شيء إنما زين لهم سوء الأعمال حتى فعلوها؛ لكن لماذا يصدق وقد كان كاذبًا منذ خلق آدم حتى يوم القيامة يأتي ويقول الصدق ؟
إن ذلك يحدث لسببين رئيسيين ؟، أما السبب الأول أن كل شيء قد انتهى، المهلة التي أعطاها الله للشيطان انتهت فلم يعد له قوة ولا قدرة على الإغراء وحتى إذا حاول أن يكذب فإن كل شيء قد ظهر وزالت الحجب فلم يعد يصدقه أحد، وقد رأى الناس الجزاء حقيقة واقعة بعد أن كان غيبًا.
بينما السبب الثاني أنه لا فائدة من الكذب، ذلك أن الاختيار البشري قد انتهى ولم يعد أحد قادرًا على المعصية ولم يعد أحد له القدرة في أن يفعل أو لا يفعل، ولا القدرة على أن يختار فمهما كذب الشيطان فلا فائدة، فقد طلب الشيطان من الله أن يمهله إلى يوم البعث فأمهله وانتهت المدة ولم يعد هناك مهلة ولا اختيار إلا لله سبحانه وتعالى.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال