كيف خرج المخرج حاتم علي في آخر أعماله التاريخية من مقصلة عقدة مصطفى العقاد ؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
غاب المخرج مصطفى العقاد عن عالمنا في خريف عام 2005 م وكان المخرج حاتم علي ينهي عمله التاريخي السادس ملوك الطوائف بعد 5 أعمال درامية تاريخية ناجحة هي « الزير سالم، صلاح الدين الأيوبي، صقر قريش، ربيع قرطبة، التغريبة الفلسطينية».
حزن كبير خيم أصاب المخرج حاتم علي على أستاذه مصطفى العقاد لدرجة أنه قال لأحلام مستغماني «ليتني أعرف ماذا ستكتُبين حين أموت»، ولاحقًا صار حاتم علي يُنْظَر له على أنه مخرج الدراما التاريخية وسيدها بلا منازع، حتى جاء آخر أعماله التاريخية وهو مسلسل عمر وكانت العقدة هي مصطفى العقاد نفسه.
مسلسل عمر بين التحدي العقائدي والعَقَّادي
كان سبب إنتاج فيلم الرسالة شخصيًا إذ أن أولاد مصطفى العقاد سألوه وهم أطفال عن دينهم ونبيهم بحكم النشأة الأمريكية، فرأى أن ينتج للجميع فيلم يعرف الناس بقصة الإسلام.
أما مسلسل عمر فكان إنتاجه من باب التنافس السياسي/ الفني مع إيران، فالأخيرة أنتجت عملاً تاريخيًا ضخمًا وهو مسلسل مختار نامه الذي يروي سيرة المختار الثقفي قاتل قتلة الإمام الحسين، وتمت دبلجة المسلسل للعربية فمثل ذلك غزوًا فكريًا وعقائديًا، فتمت مواجهته بمسلسل عمر وهو أحد أكبر الشخصيات الإسلامية التي تلقى كراهية لدى الشيعة.
كان هناك تحدي عقائدي يخص مسلسل عمر وهو أن العالم السني لا يقبل بتجسيد بعض الصحابة، وهو الذي حدث فعلاً إذ رفض الأزهر ورابطة العالم الإسلامي وهيئة علماء السعودية ولجنة الإفتاء السعودية ومجمع الفقه الإسلامي؛ بل وحتى وقتٍ قريب فإن مسلسل عمر بن الخطاب ممنوع بثه على أي فضائية مصرية بحكم قضائي نهائي عام 2019 م.
غير أن صناع مسلسل عمر رفضوا كل الفتاوى المحرمة لمشاهدة المسلسل واعتمدوا على آراء علماء أجازوا العمل وقتها من شتى بقاع العالم الإسلامي مثل الشيخ نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق.
اقرأ أيضًا
عبقرية موسيقى فيلم الرسالة “إعادة استماع لـ 12 مقطوعة شرحت السيرة النبوية في 37 دقيقة”
لكن لم يكن التحدي العقائدي أهون من التحدي العقادي إذ أن نصف حلقات مسلسل عمر ستوضع لا محالة في مقارنة مع مشاهد فيلم الرسالة وهو الأمر الذي اعترف به حاتم علي وعلل المقارنة بأن الفترة نفسها قد اسْتُهْلِكَت واسْتُنْفِذَت نتيجة لقلة المراجع وأهمية فيلم الرسالة.
في إنصاف مسلسل عمر
وقت عرض مسلسل عُمَر حدث ظُلِم كبير له حينما وُضِع في مقارنة مع فيلم الرسالة، فالبعض وصفه بأنه مُلْحَق ضعيف لرائعة مصطفى العقاد، والآخرين وصل بهم الأمر إلى اتهام المخرج بأنه سرق روح مصطفى العقاد في المشاهد.
اقرأ أيضًا
تجهيزات فيلم الرسالة “الجيش المصري يحل مشكلة تمثيل الكومبارس والاسم الأصلي تغير”
حقيقة الأمر أنه لا يصح وضع مقارنة بين العملين لأسباب عديدة، فمسلسل عمر احتوى على تفاصيل كثيرة جدًا نظرًا لأنه عمل درامي من 30 حلقة بـ 22 ساعة عكس فيلم الرسالة ذا الـ 3 ساعات، فقماشة التفاصيل كانت واضحة للغاية في مسلسل عمر.
مشاهد المعارك لا تصح أن توضع في مقارنة لأنها ستظلم العملين، فالإمكانيات التي توفرت في مسلسل عمر لإخراج معركة بدر ومعركة أحد لم تكن موجودة في فيلم الرسالة ومن ثم يمكن القول أن مسلسل عمر هو الأفضل، لكن هذا فيلم ظلم لفيلم الرسالة لأن مهارة بعض الممثلين بالفيلم كانت أقوى ودليل ذلك مثلاً دور حمزة بن عبدالمطلب الذي جسده عبدالله غيث وكان أقوى من الفنان محمد مفتاح.
بالتأكيد مسلسل عمر فيه عيوب فنية وفيه مزايا أيضًا، لكن حاتم علي تمكن من الخروج من مقارنته بالمخرج مصطفى العقاد عن طريق التفاصيل والأجواء، ففيلم الرسالة كانت روحانيته هادئة وبها انسيابية أما مسلسل عمر فكانت روحانيته دافئة بتفاصيلها الزاخمة.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال