هل يجوز أن تشرب البنات حشيش؟
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ستي قالت لي البنات بيلبسوا فساتين
وأمي قالت لي البنات ما يلعوش في الطين
وخالتي التي ترتدي الخمار
قالت لي غني براحتك بس هتروحي النار
بس أنا هاعمل الصح واشرب حشيش
فجرت لوكا هذه الأغنية منذ أكثر من خمس سنوات بالوقت الذي انتشرت فيه فرق الاندرجراوند، أو بعد جرعات الصراحة التي أخذها الشباب في التعبير عن أنفسهم بعد ثورة يناير. أسمعك إيها القارىء تقول ومين هي لوكا؟..لوكا هي مطربة شابة تتمتع بصوت عذب ناعم كالمزيكا، تحب سماعه مع النوعية التي تقدمها من الموسيقى البسيطة مثل صوتها.
ثلاثة آلات تقريبًا وصوت لوكا وكلمات ارتجالية في قعدة دردشة صادقة كفيلة بصدور أغنية جديدة تعبر عن الشباب، وهكذا خرجت للنور أغنية “هاشرب حشيش” منذ سنوات .
أصبحت هذه الأغنية من أشهر أغاني ساوند كلاود وقت صدورها لفترة طويلة لعدة أسابب؛ صوت لوكا النقي كان ضمن هذه الأسباب، وكذلك الموسيقى الهادئية المختلفة، والأهم جرأة الكلمات التي تسخر من التذبذب بالمعاملة في تربية المراهقيين من أوامر ونواهي من الأم والأب والخالة والجدة انتهاءً بتمرد الفتاة التي تقرر شرب الحشيش للرد على كل هذه الأوامر والنواهي
هل يحق للبنات شرب الحشيش؟
من الأشياء التي تسببت في نجاح الأغنية لوكا نفسها وجرأتها في غناء هذه الأغنية، فهناك العديد من الأغاني التي تم ذكر فيها كلمة حشيش وشرب الحشيش، ولكن أن تغنيها فتاة كان مدعاة لانتشار الأغنية ومهاجمة البعض لها.
قد فرغنا بمقالات عديدة في الحديث عن الحرية وأن من حق كل إنسان اختيار أسلوب الحياة الذي يريده بداية مما يرتدي حتى لما يشرب بكل تأكيد، ولكن مازال المجتمع يصدم من اختيار بعض البنات لعادات مثل شرب الحشيش
لكل رجل بيسأل الستات بتحس بايه بعد التحرش
وفي الحقيقة هذه الأغنية تمثل التمرد المراهقي وغير الناضج لفئة كبيرة من الشباب يحاربون كبت المجتمع وعاداته السلطوية بالعند في المجتمع، فشرب الحشيش لا يؤذي سوى صاحبه مع المدى الطويل بغض النظر عن جنسه، وصلاح ما أفسده المجتمع الذكوري لن يتم بشرب الحشيش أو إعلان شربه.
الأغنية بشكل ساخر وبوجه عام تسخر من السلطة الذكورية التي لا تتمثل فقط في الرجال السلطويين، ولكن تتمثل في الخالة والبواب وكل من يحاول فرض رأيه وقمع حريات الفتيات بمبررات واهية كاصطياد عريس أو الحفاظ على الشرف، وكأن الشرف يرتبط بمواعيد دخول المنزل أو أن مممارسة الغناء وهوياتنا يجعلنا نبتعد عن طريق الله أو الشرف .
عالم مفيش في دماغها غير الجواز و النيش
صيني و دهب و ملايات و ستاير كرانيش .
اوعي مرة تباتي برا او تتأخري في مرة
اوعي لا البواب يشوفك و متتجوزيش
تستكمل لوكا الأغنية بتحذيرات ساخرة أخرى من ضغط المجتمع على الفتيات من أجل الزواج، وترمز للأمر بأدوات الشوار من الصيني للستائر الكرانيش والملايات حتى الانشغال بالشبكة والذهب ثم تذكر ضغوط المجتمع الذكوري الأخرى من الحكم على الفتيات من تأخرهن للذهاب للمنزل والحكم على أخلاقهن من خلال هذه الأمور
مرت سنوات على هذه الأغنية ومازلنا نلحظ حالة الغضب التي يصدرها بعض الشباب تجاه أهاليهم وتجاه المجتمع أجمع لما تعرضنا له في الصغر ومازلنا نتعرض له من الحكم على الآخر بأشكال لا علاقة لها بأخلاقيته وإنسانيته، بل عن طريق معايير وعادات قيدت من حرية الشباب لسنوات طويلة وخاصة الفتيات ولم تعطِ لهن حق الاختيار.
يتمثل هذا الغضب أحيانًا في أغنية مثل أغنية “هاشرب حشيش” وأحيانًا أخرى في العند والاتجاه لتيار مختلف عن التيار المحافظ لا علاقة له بالنضج والامتلاء باختيارات الذات وحبها والتعبير عنها بشكل يساعد في القضية، ولكن بالتبجح وتصدير الطفل الغاضب للمجتمع أجمع.
الناضج لا يصدر غضبه طوال الوقت وعنده بالمجتمع ويتخيل أنه سغيير معاييره وعاداته بالعند في صحته أو بقلب الترابيزة بفعل عكس ما جاءت به تربيته كلها أثناء طفولته، ولكن بتحديد اختياراته وماذا يريد أن يكون والتعبير عن نفسه في إطار هادىء لأن الشكل غير الناضج من المعانادة بعادات المجتمع فقط من أجل العند لا يولد سوى مواجهة تيارات أخرى متطرفة ومتبجحة أيضا وعنيدة تكبح جماح الحرية باسم الحفاظ على عادات المجتمع.
بالنهاية كل إنسان حر في شرب ما يريد طالما لن يعرض غيره للأذى وإذا ما كان شرب ما يريده قانوني وهذه قصة أخرى، أما عن لوكا فقد ظهرت مرة أخرى مع فرقتها الدعسوقة عام 2018 ببعض الأغاني المميزة المعبرة عن أفكار الشباب كما تعودنا من أصحاب الفن الذي ينتنفس من خلاله.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال