مدغشقر التي تعلم شعبها الغناء ويودع بعضهم الموتى في الجنازات بالرقص!
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مدغشقر إحدى أكبر أربع جزر بالعالم، وتقع بقارة أفريقيا. ولعلك تتذكر أيضا اسمها من أغنية فيلم “مدغشقر” وهو فيلم من أفلام الأنيميشن.
وبهذا الموضوع كعادتي مع القراء أتدخل بتجاربي الشخصية عن مقابلتي لمجموعة من الشباب المدغشقريين بأمسية غنائية نظمها أحد الفنادق بالاسكندرية بعدد محدود. وتشجعت وذهبت وحدي كي أستعيد مهاراتي في الغناء.
بدأت الأمسية فتاة جامعية شابة وغنت بالفرنسية، وتطوعت شابة أخرى مدغشقرية كي تغني معها بالفرنسية، حيث أن اللغة الرسمية بجانب اللغة الملغاشية-اللغة الأصلية لأهل البلد-هي اللغة الفرنسية.
كان الغناء عاديًا، استمتعنا بالدويتو البسيط مع موسيقى الأغنية التي انطلقت من جهاز تشغيل الموسيقى لمساعدتنا لإحياء الأمسية.
أما أنا فقد غنيت أغنية مصرية وركبني التوتر لعدم معرفة الجميع لكلماتها فانسحب صوتي بنذالة، ثم جاء دور الشابتين وصديقهما وطلبنا منهم غناء أشهر أغنية بلغة بلدهم
بسلاسة مدهشة انطلقوا يغنون بشكل منظم كما لو كانوا فرقة غنائية محترفة، بلا موسيقى، بلا تشجيع، بلا جمهور أو أي فرد أمامهم يفهم ما يغنونه. لم نفهم حرف واحد، ولكن هبطت على رؤوسنا الطير وكأننا في حفلة خيالية لفرقة أفريقية محترفة.
انطلقنا في التصفيق فور انتهائهم وسألتهم: هل هذه المرة الأولى التي تغنون فيها معًا؟..فكانت الإجابة كما توقعت، لم تكن هذه المرة الأولى التي يغنون فيها معًا.
مدغشقر تعلم شعبها الغناء
الثلاثة يتمتعون بصوت قوي متمكن من أداء أغنية وحده، لم تكن هذه مصادفة بكل تأكيد، فقد حكوا لي أن هناك دروس للغناء تفرض عليهم منذ الصغر، ويجب على كل فرد أن يتعلم الغناء حتى لو قال أنه لن يستطيع، فمع التدريب يعرف كيف يؤدي الأغاني.
بمدغشقر هناك يوم للاحتفال والغناء والرقص، تتنافس فيه الفرق الشعبية. وتخيل أن بلد بالكامل ينزل إلى الشوارع كي يمارس الهواية التي تعلمها في الصغر، ومن أحب هذه الهواية يجد الشارع يفتح له قلبه والناس يستعدون لسماعه.
قصة مقتل جاربيس أشهر صانع جيلاتي باسكندرية زمان
الهيراجسي هو يوم الغناء والموسيقى هناك، ويبدع الفناون بهذا اليوم بين الرقص والغناء وخاصة الفرق الغنائية الراقصة.
تدخل الموسيقى بكل شيء وكل القضايا هناك؛ بالأجواء الروحانية، بالحياة السياسية، بالاحتفالات الخاصة بالأفراد، وتدخل بالتأكيد في الأحداث الثقافية والفنية، كما تدخل بالروحانيات تدخل بالحفلات الماجنة.
والموسيقى الملغاشية هي موسيقى مرنة أستطاعت تطويع الآلات الغربية معها، كما أنها أصبحت بمرور السنين كقوس قزح يضم جميع ألوان الموسيقى، فقد تأثرت بالموسيقى العربية، والموسيقى الأسيوية، ثم تأثرت بالموسيقى الأمريكية والآلات الغربية وتبنت آلات غربية مثل الجيتار.
فكرة أن تتملك دولة بتراثها الموسيقي وأن يتعلم أبنائها الغناء فكرة مدهشة، وربما نتذكر جميعًا لحظاتنا السعيدة التي كنا نغني فيها بطابور الصباح نشيد “بلادي” وشعور الغناء الجماعي.
الرقص مع الموتى لتوديعهم
حسب ما جاء بتقرير بالبي بي سي عربي ، سكان مرتفعات هذه الجزيرة يقيمون حفلات ضخمة لتوديع وتأبين موتاهم، حيث يخرجون الجثامين من المدافن بالتوابيت ويرقصون بها بالشوارع اعتقادًا منهم أن هذا يصل الميت ويجعله يشعر بالبهجة!..
وترتدي كل عائلة زيًا موحدًا ويرقصون بتابوت الميت الخاص بهم، وعندما تنتهي هذه الاحتفالية الكبيرة يعيدون دفن التوابيت ويعيدون تكفين الجثامين بقماش من الحرير، ويضعونها بتوابيت صنعها أهل البلد يدويًا، ويعاد كل احتفال مع جثامين جديدة للميتين الجدد.
ويبدو أن الفنانة صباح لم تكن الوحيدة التي ودعها أهلها بالرقص والغناء كما وصت بوصيتها، فبعض المدغشقريين أدخلوا الموسيقى والرقص حتى بالجنازات وتوديع أحبابهم .
وبغانا هناك فرقة خاصة بتشييع الجنازات يستأجرها أصحاب الميت ليودعوه بالرقص ظنًا منهم أن هذه الطريقة هي التي يريدها الميت لتوديع الحياة، وتقوم الفرقة بارتداء ملابس موحدة والرقص بالنعوش، وكل أسرة تختار شكل الاحتفال المناسب لها، فيما يرى بينامين صاحب الفرقة أنه بهذه الظاهرة وهذه الفرقة قد فتح بابًا لتوفير عشرات فرص العمل للشباب ، وانتشرت فرق أخرى تقوم بمثل ما تفعله فرقته بالجنازات!
المصادر
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال