“ردًا على رئيس جامعة القاهرة” هل تم تقديس كتاب إحياء علوم الدين كما زعم الخشت ؟!
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد
قبل التطرق إلى مقال التصور الأسطوري للشيطان للدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة عن كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي، عليّ إرساء قاعدة للقارئ.
هذه القاعدة هي “لا يزعجني ياعزيزي أن تنتقد بل إني أشجعك على هذا ! انتقد في كل وقت وكل حين واطرح ماشئت من أطروحات فلقد وهبنا الله لسانا لنقرأ وعقلا ليفكر وقلباً ليعي وقلماً لنكتب لكن عليك أولاً أن تتحمل نتيجة نقدك وأن تتقبل النقد لأطروحاتك وقبل ذلك كله عليك أولاً أن تعي ما تقول وعليك أن تعلم أنك إن كنت بارعاً في علماً ما فليس هذا يعني أنك قد أحطت بكل العلوم”.
عزيزي الدكتور محمد عثمان الخشت قد كانت لك سابقة مع شيخ الأزهر عندما تحدثت عن تطوير الخطاب الديني وتطرقت لمسألة عن الأشاعرة ووجهت سهام نقدك لهم وزعمت أنهم يأخذون بحديث الآحاد في مسائل الاعتقاد، وقد بين لك شيخ الأزهر خطأ هذا الزعم بل إن أصغر طالب يدرس في الأزهر أو شخص عادي مثل كاتب المقال مهتم بالقرآة في عقائد الفرق الإسلامية يعلم أن الأشاعرة لا يأخذون بأحاديث الآحاد لأنها أحاديث ظنية والمسلم لا يبني عقيدته على الظن فأحاديث الآحاد لو كانت صحيحة من جهة السند فقد أجمع العلماء أن هذه الأحاديث يُستدل بها في مسائل الفقة فقط لا العقيدة.
اقرأ أيضًا
عن الطرق الأربعة التي يعرف بها الإنسان عيوب نفسه “رؤية صوفية من الإحياء”
وها أنت تُعيد الكَرّة مرة أخرى وتتحدث عن كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي بما غاب عنك كما غابت عنك مسألة أحاديث الآحاد والأشاعرة .
ففي مقالك “التصور الأسطوري للشيطان” والذي بدأته بكلام مرسل وأسقطته على علماء المسلمين القدامى واتهمت العلماء أنهم يقدسون أسلافهم وينشرون تخاريفهم وضربت مثلا بكتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي واتهمت الرجل أنه كان لا يتحرى في صحة الأحاديث النبوية وأنه ملأ عمداً كتابه بالأحاديث الضعيفة.
لن أتحدث عن النقطة التي طرحها وانتقدها الدكتور الخشت في مقالته لأني كما قلت لست ضد النقد، ولكني أرد على الزعم أننا نقدس الأسلاف وكتبهم وأن من جاءوا بعد الغزالي قدسوا كتاب الإحياء.
أقول إن أكثر كتاب تعرض للنقد والتنقيح هو كتاب إحياء علوم الدين لا كما يزعم الدكتور الخشت أنهم قدسوه، فقد رفضه بعض العلماء و طالب بعض المتشددين منهم بحرقه وحذرمنه معظم مشايخ الوهابية ومنعوا أتباعهم من القراءة فيه.
وقبله الكثير من اهل العلم مع التحفظ على بعض ما فيه فيقول الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (19/339) عن كتاب الإحياء : (أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب، ورسوم، وزهد من طرائق الحكماء ومنحرفي الصوفية، نسأل الله علما نافعاً).
وأيضا الإمام الجوزي انتقد كتاب الإحياء انتقاد شديد وألف كتابه وسماه (منهاج القاصدين) وقال في مقدمته: (فاعلم أن في كتاب الإحياء آفات لا يعلمها إلا العلماء ….)؛ فأين التقديس يادكتور الخشت ؟!!.
وأما من جهة ضعف أو وضع الأحاديث التي يوردها الغزالي في الإحياء، فقد أجاب الحافظ العراقي عن هذه النقطة وقال “إن أكثر ما ذكره الغزالي ليس بموضوع وهو في غاية القلة رواه عن غيره أو تبع فيه غيره متبرئاً بنحو صيغة “روى”
وأما الاعتراض عليه أن فيما ذكره الضعيف بكثرة، فهو اعتراض ساقط، لما تقرر أن الأحاديث الضعيفة يعمل بها في فضائل الأعمال فقط فمثلا حديث “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ” هذا الحديث ضعيف الإسناد لكن يقبله العلماء لأنه يدعو للفضائل.
الكاتب
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد