همتك نعدل الكفة
476   مشاهدة  

الموازنة العامة للدولة في عشرة أعوام (2-2) الإيرادات العامة من الانهيار إلى الانطلاق

وزارة المالية
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



يُطلق مُصطلح الإيرادات على الأبواب الثلاثة الأولى في جانب الموارد وفقًا للتقسيم الاقتصادي للموازنة العامة للدولة، وتُشير إلى الأموال التي تحصُل عليها الدولة عن طريق النشاط الحكومي.

تناول المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية البابين الأول والثاني فقط منها، لبيان كيفية تحول الموازنة العامة من الانهيار إلى الانطلاق.

الضرائب:

تطور مُخصصات الباب الأول إيرادات (الضرائب) خلال الفترة 2006/2007 – 2020/2021
تطور مُخصصات الباب الأول إيرادات (الضرائب) خلال الفترة 2006/2007 – 2020/2021

يشمل باب الضرائب إيرادات الدولة السيادية التي تُحصلها الدولة باعتبارها صاحبة سيادة على إقليمها من ضرائب مُباشرة بأنواعها المُختلفة كالضرائب على الدخل أو الضرائب العقارية، أو ضرائب غير مُباشرة مثل ضريبة القيمة المُضافة، أو ضرائب جمركية كالتي تُفرض على السلع المُستوردة من الخارج، بالإضافة إلى الرسوم والدمغات على الخدمات الحكومية.

ويُعد هذا الباب هو المصدر الأهم لإيرادات الدولة، والتي تتحكم فيه بقرارتها المُباشرة وإرادتها وحدها، لكن في ذات الوقت ترتبط إيرادات هذا الباب بمؤشرات اقتصادية عديدة مثل النمو ومُعدلات الاستهلاك والاستثمار، ومُعدلات التضخم، ومُعدلات البطالة وغيرها؛ إذ أن كُلًا من هذه المؤشرات يُساهم في رفع أو خفض الإيرادات الحكومية بشكل مُباشر، وقد نمت هذه الإيرادات من 105 مليار جنيه في 2006/2007 إلى 856.6 مليار في 2019/2020، بنسب نمو أعلى من 800% خلال فترة الدراسة، ويوضح الشكل التالي تطور إيرادات هذا الباب خلال فترة الدراسة:

ويظهر من الشكل تأثر نمو الإيرادات بالأحوال الاقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد خلال فتراتها المُختلفة، وعلى الأخص انخفاضها إلى مُعدلات 2% في العام المالي 2014/ 2015 فيما بعد ثورة “30 يونيو” و3% خلال عام 2016/2017 عند بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي، كذلك ارتفاعها في عام 2017/2018 على إثر تحرير سعر صرف الجنيه المصري وما ترتب عليها من مُعدلات تضخم مُرتفعة للغاية، ثم انخفاض نسب النمو إلى 28% عام 2018/2019، وأخيرًا استقراراها في موازنة العام المالي 2019/2020 عند مُعدلات 11%، ثم تُحقق 13% في العام المالي 2020/2021 لتُساوي تقريبًا مُعدلات ما قبل الثورة.

الباب الثاني – المنح:

 تطور مُخصصات الباب الثاني إيرادات (المنح) خلال الفترة 2006/2007 – 2020/2021
تطور مُخصصات الباب الثاني إيرادات (المنح) خلال الفترة 2006/2007 – 2020/2021

يشمل هذا الباب ما تحصلت عليه أجهزة الموازنة العامة من منح خارجية من مُختلف الجهات المانحة سواء إقليمية أو دولية وسواء من مُنظمات دولية أو حكومات أجنبية، ويُخصص إنفاق المنح فيما تشترطه الجهات المانحة إن وجدت مثل هذه الشروط، فإن لم يكُن خُصصت هذه المبالغ بمعرفة الحكومة المصرية، ويُلاحظ على إيرادات هذا الباب أنها لا تتعلق بإرادة الدولة، بل بإرادات الجهات المانحة، ولذلك فإن هذه المبالغ في مُعظمها غير مُنتظم، ويوضح الشكل التالي تطور إيرادات هذا الباب في فترة الدراسة:

ويتضح من الشكل تذبذب إيرادات هذا الباب فلا يُمكن الجزم بنمط مُحدد لنموها من عام إلى عام على عكس جميع أبواب الموازنة الأُخرى على الجانبين فمثلًا في عام 2009/2010 انخفضت من 7 مليارات في العام السابق تقريبًا لتصل فقط إلى 5 مليارات، كذلك الحال في عام 2013/2014 إذ انخفضت من 9 مليارات تقريبًا في العام السابق إلى 2 مليار فقط، وقد شهد عام 2014/2015 أعلى إيرادات لهذا الباب بلغت 23.5 مليار تقريبًا، كما يتبين أن إيرادات العام المالي 2019/2020 بلغت 3.8 مليار وهي نفس مُعدلات ما قبل ثورة “25 يناير”، لكن الجائحة وآثارها الاقتصادية قللت مُخصصات المنح لدى الدول الصديقة والشقيقة، مما أدى إلى انخفاض مُخصصات هذا الباب.

العجزين الأولي والنقدي

تطور العجز الأولي للموازنة العامة للدولة في الفترة 2012/2013 – 2019/2020.
تطور العجز الأولي للموازنة العامة للدولة في الفترة 2012/2013 – 2019/2020.
تطور العجز النقدي للموازنة العامة في الفترة 2012/2013 – 2019/2020.
تطور العجز النقدي للموازنة العامة في الفترة 2012/2013 – 2019/2020.

تكون الموازنة العامة للدولة في حالة توازن إذ ما تساوت الاستخدامات مع الموارد العامة، وتكون في حالة فائض إذا ما قلت الاستخدامات عن الموارد، وتصل لحالة العجز إذا ما ارتفعت الاستخدامات عن الموارد، والحالة الأخيرة هي السائدة في مُعظم دول العالم وبخاصة الدول النامية.

وللعجز عدة أوجه منها العجز الأولي والعجز النقدي والعجزين الكُليين الأولي والختامي، ونكتفي هنا بالتركيز على العجزين الأولي والنقدي فقط. ويُعرف العجز الأولي بأنه الفرق بين الإيرادات والمصروفات العامة مع استبعاد مُخصصات فوائد الدين –الباب الثالث- من المصروفات. أما العجز النقدي فهو الفرق بين الإيرادات (الأبواب الثلاثة الأولى) والمصروفات (الأبواب الستة الأولى)، ونستعرض كُلًا منهما على حدة فيما يلي:

العجز الأولي:

يقيس هذا العجز مدى قُدرة إيرادات الدولة على الوفاء بالتزاماتها قبل دفع فوائد الديون، التي تعد التزامًا مؤقتًا من المُفترض أن ينقضي بعد فترة زمنية سواء طويلة أو قصيرة الأجل، لكنه ليس التزامًا دائمًا مُقررًا على الدولة.

ويُحسب هذا العجز عن طريق طرح الأبواب الخمسة الأولى من المصروفات –بعد استبعاد الفوائد- من الأبواب الثلاثة الأولى من الإيرادات، وكان ناتج هذا الحساب دائمًا بالسالب خلال تاريخ الموازنة العامة للدولة، أي أنها كانت دائمًا تُحقق عجز أوليًا، لكن الوضع اختلف مع تنفيذ خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي حول هذا العجز إلى فائض لأول مرة في عام 2017/2018 مُنذ عشرات السنين كما يوضح الشكل التالي:

ويتضح من الشكل أنه فيما قبل العام 2017/2018 كانت الموازنة العامة تُحقق عجزًا أوليًا بصفة مُستمرة، بلغ أقصاه في عام 2012/2013 عند مُعدل 91 مليار تقريبًا وأدناه عند 56 مليار في 2016/2017، لكن ما لبثت أن عكست هذا الاتجاه لتُحقق فائض إجماليه 14 مليار تقريبًا في العام المُشار إليه، ثُم تستمر في تأكيد هذا الاتجاه خلال العام اللاحق عليه وذلك بتحقيق فوائض قدرها 106 مليار في عام 2018/2019، كذلك خلال عام 2019/2020 أن تواصل الموازنة العامة هذا الاتجاه حيث حققت فائض أولي يبلغ 129 مليار جنيه، وذلك بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي، ونجاح سياسات الإصلاح الهيكلي للموازنة العامة.

العجز النقدي:

يقيس هذا العجز مدى قُدرة إيرادات الدولة على الوفاء بكامل مصروفاتها بما فيها فوائد الديون، وقد شهد ارتفاعًا ملحوظًا خاصة في الفترة ما بين ثورة “25 يناير” والبدء في برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث بلغت نسب نموه أقصاها بمُعدل 22% عند 326 مليار دولار تقريبًا عام 2015/2016، إلا أنه مع بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي انخفضت مُعدلات نموه لتصل إلى 14% في عامي 2016/2017 و2017/2018، ثم تصل إلى مُعدلات نمو ما قبل الثورة عند 3% في 2018/2019 ومن المتوقع أن تواصل انخفاضها خلال العام الجاري لتصل إلى 1% فقط عند 440 مليار جنيه، كما يوضح الشكل التالي:

جُملة القول إن السنوات التالية لثورة “25 يناير” شهدت ترديًا عامًا في جميع أبواب الموازنة العامة للدولة على الجانبين؛ إذ انخفضت مُعدلات نمو الإيرادات في حين تضخمت مُخصصات المصروفات، وهو ما أدى إلى تنامي العجزين الأولي والنقدي. لكن هذه المؤشرات قد شهدت تحسنًا مع بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي، وباعتماد موازنة 2020/2021 تبينت نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي بتحول العجز الأولي إلى فائض، وتراجع مُعدلات نمو العجز النقدي إلى 1% وهو ما يوازي مُعدلات ما قبل الثورة، حتى في ظل ما شهده الاقتصادان المصري والعالمي من ضغوط جراء جائحة كورونا.

الكاتب

  • الموازنة العامة للدولة وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان