جانب من الوضع الفكري خلال عهد الإخشيديين في مصر .. حكاية سوق الوراقين
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أغفل كثيرون الجانب الثقافي لتاريخ الإخشيديين في مصر الذين حكموها لمدة 37 عامًا، ويرجع هذا السبب إلى أن المدة التي تولوا فيها الحكم كانت قصيرة.
لماذا نشطت الحركة العلمية على يد الإخشيديين في مصر
تطرقت الدكتورة سيدة إسماعيل كاشف خلال كتاب مصر في عصر الإخشيديين إلى شكل الحراك الفكري بمصر وقتها قائلةً “ولا ريب أنه كان من أهم مظاهر تلك النهضة نشاط الفقهاء والعلماء والأدباء، وليس من السهل تمييز كل طائفة منها تمييزا خاصا؛ لأنها كانت تلتقي في بعض الأحيان، ولكننا نقصد حملة علوم الشريعة والعبادات؛ حيث نتحدث عن الفقهاء، ونقصد المتخصصين في فن واحد حين نتحدث عن العلماء، أما الباقون ممن تكلموا في فنون مختلفة فهم الأدباء”.
اقرأ أيضًا
كافور الإخشيدي والمتنبي “أيهما كان على حق في الخلاف ؟”
المجالس العلمية الخاصة في بلاط حكام الإخشييدين تكلم عنها ابن سعيد حيث قال عن كافور الإخشيدي “وكان يَصُونه (يصون مجلسه العلمي) أنْ يجري فيه لغطٌ أو قبيح، ولقد تنازَع أبو بكر بن الحداد الفقيه، وأبو الذكر القاضي المالكي، وعبدالله بن الوليد، وجرى بينهم لغطٌ كثير، فلمَّا انصرَفُوا قال: يجري هذا في مجلسي! كدت والله أنْ آمُر بأخْذ عَمائمهم، وكان الإخْشيد يجتَمِع مع أبي بكر بن الحداد الفقيه المعروف”.
سوق الوراقين ونهضته على يد الإخشيديين في مصر
كان نشاط الحراك الفكري على يد الإخشيديين في مصر موجودًا بالمساجد ثم مجالس خاصة للحكام، أما عامة الشعب فكان مركزهم سوق الوراقين في الفسطاط، والذي كان بمثابة ملتقى فكري كبير لممارسة كافة الأنشطة العلمية، ليس مقتصرًا فقط على بيع الكتب والأوراق وإنما بمثابة تجمع علمي وفقهي كبير يقام في مواسم متعددة يعقد بها المناظرات والندوات.
اقرأ أيضًا
“ومن الشعر ما قتل أو حبس”.. كلمات دمرت أصحابها
حكى المؤرخ ابن زولاق في كتاب أخبار سيبويه المصري جانبًا من تاريخ سوق الوراقين فقال حدثني من حضره يوم الجمعة في سوق الوراقين في جمع كبير من الحاضرين، فكان سيبويه يصيح ويقول: الدار دار كفر، حسبكم أنه ما بقي في هذه البلدة العظيمة أحد يقول: القرآن مخلوق إلا أنا وهذا الشيخ أبو عمران – أبقاه الله – فقام أبو عمران يعدو حافيا خوفا على نفسه حتى لحقه رجل بنعله”.
ويلاحظ في رواية المؤرخ بن زولاق أن فتنة خلق القرآن قد امتدت إلى مصر وهي فكرة قديمة موجودة من العصر الأموي كما يذكر الدكتور أحمد فريد الرفاعي في تاريخ المأمون حيث ذكر أن الفكرة لما لم تجد الجو الذي تنمو فيه وترعرع ظلت مستمرة بضعف حتى جاء عصر المأمون، فوجدت في شخصيَّته العالمة الاعتزاليَّة، ومن نفوذه العظيم ونفوذ علمائه المتشددين والمتعصبين للمذهب المعتزلي – خيرَ متعهدٍ لنمائها، حريص على نصرتها، شديد البطش على مخالفيها؛ أما هالة شاكر عبدالرحمن في كتاب الورق والوراقون في العصر العباسي تقول “كانت سوق الوراقين أيضا بمثابة مكتبة عامة يتاح فيها للمهتمين بالقراءة والاطلاع شراء ما يحتاجونه من الكتب المفيدة لهم، وكانت تقام في هذه السوق مزادات ينادى فيها عن الكتب الجيدة النادرة”.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال