خالد باطرفي زعيم القاعدة في جزيرة العرب .. كيف تم القبض عليه وما هي تداعيات اعتقاله بعد قتل نائبه
-
كريم عبد العزيز
كاتب نجم جديد
أعلنت منظمة الأمم المتحدة في تقرير أعده فريق متابعة للمنظمة الدولية قُدِّم لمجلس الأمن الدولي، اعتقال زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب “خالد باطرفي”،خلال في عملية تمت شهر أكتوبر 2020 بمدينة الغيضة بمحافظة المهرة باليمن، مما أدى إلى اعتقاله ومقتل نائبه سعد العولقي
ولم يفصح التقرير، الذي يعد التأكيد الرسمي الأول للعملية بعد أنباء غير رسمية خلال الفترات الماضية، عن تفاصيل العملية، أو مكان وجود “باطرفي”، لكن المركز الأمريكي لمراقبة المواقع الجهادية “سايت” أشار في الأول من أكتوبر 2020 إلى اعتقال “باطرفي” على يد قوات يمنية وتسليمه للسعودية.
من هو خالد باطرفي
ذكر تقرير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن خالد عمر باطرفي المكنى ب”أبو المقداد” أحد القيادات المهمة لتنظيم القاعدة عموما ممن تتلمذوا بشكل مباشر على يد “أسامة بن لادن” ، فهو من مواليد 1979 في السعودية، والتحق بالتنظيم عام 1999، في ثنايا استقطاب القاعدة لمجموعة واسعة من الجهاديين في أفغانستان، مما ساعد “باطرفي” على التتلمذ على يد “بن لادن” والالتحاق بقيادات ما عرف ب “قاعدة جزيرة العرب” وعلى رأسهم “ناصر الوحيشي” و”قاسم الريمي”، ثم غادر باطرفي أفغانستان عام 2000، لكنه عاد لكنه عاد عقب هجوم 11 سبتمبر 2001 للقتال مع طالبان ضد القوات الأمريكية.
وفر باطرفي إلى “إيران” مع قيادات القاعدة، بينهم أمير التنظيم باليمن “ناصر الوحيشي”، وانخرط رسميا في الهيكل التنظيمي للقاعدة باليمن عام 2008، وهناك تحول إلى أهم المرجعيات وأحد أبرز رجالات التنظيم المشرفة على العمليات الإرهابية الخارجية للقاعدة، ثم عينه التنظيم عام 2010 أميرا لمحافظة أبين وقاد بعدها مجموعة من العمليات ضد قوات الأمن اليمنية، وعام 2011.
تم اعتقال باطرفي في بلدة “الحوبان” بمنفذ مدينة تعز الشرقي، لكن ومع تصاعد الفوضى في اليمن وتحرك وزحف الحوثيين من صعدة، اضطرت السلطات الأمنية لنقل “أبو المقداد” إلى السجن المركزي في المكلا بحضرموت (شرق) مع نحو 200 سجين من القاعدة، فجاء عام 2015 ومع الانقلاب الحوثي استغل تنظيم القاعدة غياب الدولة الوطنية وحالة الفوضى التي عمت البلاد، لشن هجوم عنيف ودموي على السجن المركزي في المكلا مما مكن التنظيم من تهريب “باطرفي”، وهو المشهد الذي أعقبه انتشار صورة أشعلت الرأي العام حتى اليوم والتي داس فيها باطرفي على العلم اليمني ويجلس على كرسي القصر الرئاسي، في 2020 أصبح باطرفي زعيما للقاعدة، خلفا لقاسم الريمي الذي لقى مصرعه مطلع ذات العام بغارة جوية أمريكية باليمن.
ثانيا- سياق مضطرب
يأتي الحديث عن هذا المتغير الجديد والمرتبط بالعملية التي أدت إلى القبض على “خالد باطرفي” في ظل سياق يشوبه الغموض والضبابية على مستوى الأزمة اليمنية وذلك في ضوء المقاربة الجديدة المحتملة لإدارة بايدن تجاه الأزمة اليمنية عقب تعيين الدبلوماسي الأمريكي المخضرم في الشرق الأوسط، تيم ليندر كينغ، مبعوثاً أمريكياً لليمن لأول مرة في تاريخ سياسة الولايات المتحدة تجاه اليمن.
وتوجه إدارة بايدن نحو تجميد قرار سلفه دونالد ترامب بشأن تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية دولية، وما قد يترتب على هذه المتغيرات من تداعيات ستساهم في تشكيل المشهد في المرحلة المقبلة.
وتأتي هذه العملية في ظل سياق مضطرب يعيشه تنظيم القاعدة عموما، وعلى وجه الخصوص فرع التنظيم في اليمن أو ما يعرف ب “قاعدة الجزيرة العربية”، وذلك في ظل حالة التراجع والنكسات الكبيرة التي تعرض لها التنظيم خصوصا في الفترة منذ منذ عام 2017، وذلك مع تصاعد عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن، وتضافر الجهود الأمريكية والعربية في هذا الصدد، هذا فضلا عن العامل الاقتصادي حيث يعاني التنظيم من أزمة اقتصادية كبيرة أثرت على موارده وبنيته، وأخيرا ما يرتبط بدرجات التماسك التنظيمي حيث أجبر التنظيم في ظل الحصار والتضييق عليه على الاختباء وقطع الاتصالات، بالإضافة للانقسامات الداخلية التي شهدها التنظيم.
ثالثا- الدلالات
تحمل عملية اعتقال “باطرفي” حال تأكدها عددا من الدلالات المهمة، خصوصا في ظل السياق الذي تأتي فيه:
1-تضع هذه العملية تنظيم قاعدة جزيرة العرب في حرج شديد، خصوصا وأن التنظيم كان ينشر حتى فترات قريبة تسجيلات صوتية تربوية لأمير التنظيم “خالد باطرفي” من خلال مؤسسة “الملاحم” الجناح الإعلامي للتنظيم، والتي كان آخرها في 8 يناير وهو الدرس السابع عشر في من سلسلة دروس “تأملات في سورتي الحجرات والنور”، وهي السلسلة التي بدأت بمقدمة في ٢٤ أبريل٢٠٢٠ مع بداية شهر رمضان.
في هذا السياق يثار تساؤل يحاول الوقوف على دوافع نشر فيديوهات لأمير التنظيم بعيدة تماما عن الواقع؟ وللإجابة على هذا التساؤل وبالعودة إلى الوراء قليلا، سنجد أنه مع اختفاء “أيمن الظواهري” والأنباء التي أثيرت عن مقتله، عاد تنظيم القاعدة لينشر سلسلة “معا إلى الله” التي يقدمها الظواهري، في رسالة تحاول منها القاعدة القول بأن الرجل موجود، إذا فربما نحن أمام مشهد مشابه وأن نشر فيديوهات منسلخة وبعيدة عن الواقع هو تأكيد لاعتقال “باطرفي”.
2- لا يمكن قراءة الأنباء الواردة التي تفيد باعتقال “باطرفي” بمعزل عن الخلافات والصراعات الموجودة داخل تنظيم القاعدة في اليمن، وهي الصراعات التي بدأت منذ مقتل الزعيم السابق للتنظيم “قاسم الريمي”، وذلك مع تصاعد الاتهامات بين أعضاء التنظيم بالجاسوسية، واتهام “باطرفي” نفسه بأنه ضالع في قتل الريمي، وهي الظروف التي تعامل معها “باطرفي” عقب توليه الإمارة بقوة حيث بدأ يهدد خصومه داخل التنظيم بالإعدام كرد على معارضتهم وسخطهم، مما دفع بعض عناصر وقادة التنظيم في اليمن إلى اللجوء للظواهري لرفع “الظلم” الواقع عليهم، وقالوا في رسالة سربت منذ عام تقريبا إن القيادة الحالية بزعامة باطرفي ارتكبت “تجاوزات وأخطاء شرعية ومظالم عظيمة”، وهو ما ترتب عليه تعميق الفجوة وزيادة الانقسامات والانشقاقات، وتكون ما عرف ب “النهديين” أي أتباع “أبو عمر النهدي” الذي يعرف بأنه الصندوق الأسود لقاعدة اليمن.
في هذا السياق من الوارد أن يكون القبض على باطرفي جاء كنتيجة لهذا الصراع، بمعنى أن أحد أطراف الصراع هو من وشى بمكان الرجل.
رابعا- تداعيات محتملة:
يحمل خبر اعتقال “باطرفي” في طياته العديد من التداعيات المحتملة، خصوصا فيما يتعلق بالتنظيم:
– فمع تأكد هذه العملية ستزداد حالة الضعف والوهن التي يعيشها التنظيم، وذلك في ضوء كم الضربات التي تعرض لها خلال العام الأخير مع اغتيال معظم قادة الصف الأول له، من “قاسم الريمي” والآن اعتقال “خالد باطرفي” – الذي كان قائدا يجمع بين الجوانب العسكرية والقدرات التنظيرية الشرعية – وقتل “سعد العولقي” في نفس العملية، وهو الرجل الثاني في التنظيم وخليفة “باطرفي”، وهو السياق الذي يعزز المأزق والإشكالية الكبرى التي يعاني منها تنظيم القاعدة في الحقبة الحالية من حيث غياب وتحلل الشرائح القيادية الخاصة به.
– اعتقال “باطرفي” حيا يكسر هيبة قادة القاعدة الذين كرروا في أكثر من موضع أن نهايتهم دائما يجب أن تكون “بالاستشهاد” لا القبض عليهم، فضلا عن كونها فرصة للحصول على معلومات كبيرة تخص التنظيم ككل، في ضوء كون باطرفي قائد التنظيم في الجزيرة العربية، وعضو فيما يعرف ب “مجلس الشورى العالمي” للقاعدة.
– من المحتمل أن تزداد الانشقاقات داخل التنظيم في الفترات المقبلة مع توجه الكثيرين داخل التنظيم نحو داعش، وذلك في ضوء كم الأزمات البنيوية التي يشهدها القاعدة حاليا، فضلا عن بروز وعودة داعش بقوة في العديد المساحات بالرغم من خسارته في مساحات قديمة خاصة به، مما يعطي التنظيم جاذبية كبيرة لدى قطاعات واسعة من المسلحين المنخرطين في التنظيمات الإرهابية. – سيكون اعتقال “باطرفي” مسمارا في نعش التحالف القائم بين حزب الإصلاح اليمني “الإخوان المسلمين” وبين قاعدة جزيرة العرب، لأن التحالف القوى بين الجانبين في الآونة الأخيرة ارتبط بشخص “باطرفي” الذي كانت تربطه علاقات قوية بالقيادي في حزب الإصلاح “عبد المجيد الزنداني”.
الكاتب
-
كريم عبد العزيز
كاتب نجم جديد