سر الوحش ذو الواحد وعشرون وجهًا الذي دمر الشركات اليابانية وشرد العاملين
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يتفنن النصابون في اختراع طرق جديدة تمكنهم من الاستيلاء على ممتلكات غيرهم وسرقتها، وقد يصل الأمر بهم إلى حد الجنون أحيانًا، مثلما فعل الوحش ذو الواحد وعشرون وجهًا، الذي تمكن منه الجنون واستولى على العديد من الملايين من رجال أعمال يابانيين.
بدايات الوحش
عام 1984م، اقتحم رجلان مقنعان منزل واحد من أكبر رجال الأعمال في العالم، وصاحب شركة مواد غذائية عملاقة في اليابان تُدعى “غاليكو”، وقاموا بتقييده وخطفه لمستودع مجهول، وطلبوا فدية مائة مليون ين ياباني، ولكنه تمكن من الهروب من أيديهم قبل دفع الفدية.
قد تبدو تلك الحادثة في شكلها العام، حادثة عادية تتكرر بشكل شبه يومي، ولكنها في الحقيقة ليست كذلك، فقد كانت تلك الحادثة بداية لسلسلة أحداث غريبة قام بها شخص أطلق على نفسه لقب “الوحش ذو الواحد وعشرون وجهًا”.
بعد تلك الحادثة بشهر واحد، تم إشعال النيران في موقف سيارات شركة غاليكو، وبدأ السارق في إرسال رسائل تهديد، جاءت الرسالة الأولى بصحبة حمض قوي كتهديد على حرق الشركة بأكملها، وقال فيها السارق أنه قام بتسميم نوع من الحلويات التي تنتجها الشركة بسم السيانيد، فقرر مجلس الإدارة سحب جميع المنتجات من المتاجر، وبالكبع كانت كارثة اقتصادية بكل المقاييس، كلفت الشركة وقتها أكثر من 21 مليون ين ياباني، وبسبب ذلك تم تصفية 400 عامل من وظيفتهم.
استهداف شركة غاليكو تحديدًا
ما فعله اللص كان بمثابة إشارة إلى أنه يستهدف شركة غاليكو بالتحديد، وبذل رجال الشرطة كل جهودهم لمعرفة هوية اللص، ولكن باءت جهودهم بالفشل، وامعن اللص في سخريته منهم حين كتب رسالة لهم يخبرهم فيها بطريقة مفصلة طريقة دخوله للمنزل، والمصنع لتسميم الحلويات، وحتى الآلة الكاتبة التي استخدمها لكتابة الرسائل، أخبرهم بتفاصيلها، وظل الوضع هكذا لشهور طويلة، كانت رسائل التهديد لا تتوقف عن الوصول لغاليكو، حتى وصلت أخر رسالة مكتوب فيها “إنني أسامح غاليكو”، ومن هنا توقفت عمليات ابتزاز تلك الشركة التي تكبدت ملايين كثيرة.
6 دلالات وراء قدرة مصر خلال عهد الرئيس السيسي على حل مشاكل لبنان
توجه الوحش بعد ذلك لشركة موريناجا، وهي إحدى أكبر شركات المواد الغذائية كذلك، وظل يبتزهم ماديًا مدة طويلة، وقام بتسميم 20 علبة حلوى من منتجاتهم، ولكنه ترك بجانبهم رسالة تقول (احذر: يحتوي على مواد سامة).
اللعب مع الشرطة
لم يتمكن رجال الشرطة من تحديد ملامح وجهه على كاميرات المراقبة، وأُصيب رجال الشرطة بالإحباط الشديد بعد فشلهم في العثور عليه مدة أشهر طويلة، وارسل اللص رسالة لأحد الصحف اليابانية، تقول:( أعزائي رجال الشرطة الأغبياء، يبدو أنكم في حيرة؟)، وبعد مرور شهرين كان الوحش قد وسع نشاطه الابتزازي، ليشمل شركات ومصانع أخرى، وذات يوم أخبر الشرطة أنه سيتوقف مقابل 50 مليون ين ياباني، وطلب أن يتم وضع الأموال في طرد ويتم قذفه من القطار الذي يتجه لمدينة كيوتو، وسيخبرهم عن الموقع عن طريق راية بيضاء ستكون موجودة في المكان المحدد، ولكن لم تظهر الراية ولم يستلم أحد الأموال، واختفى اللص لمدة شهر، ثم عاود الظهور مرة أخرى، وكرر طلب الأموال وتسليمها بنفس الطريقة، ولكن للمرة الثانية لم يظهر أحد، واستمر رجال الشرطة في مطاردته كثيرًا، ووضعوا صورًا بملامح تخيلية من كاميرات المراقبة وبحثوا عنه في كل مكان، ولكنهم بم يتوصلوا لشيء، وأُصيب الضابط المسئول عن تلك القضية التي عُرفت باسم الوحش ذو الواحد وعشرون وجهًا، بالإحباط الشديد وقام بإشعال النيران في منزله وتوفى.
رحيل المطرب علي حميدة حصان طروادة الأغنية الشبابية
بعد تلك الواقعة قام الوحش بإرسال أخر رسالة منه لرجال الشرطة، يقول فيها (إن انتحار ضابط الشرطة تصرف غبي، أن لا أملك مكانًا سريًا للاختباء، ولكنه لم يبذل جهد كفاية للبحث عني، ماذا كان يفعل طوال العام ونصف الماضيين؟، يجب على رجال الشرطة أن يبذلوا مجهودًا أكبر، ولا يدعوا المجرمين أمثالي يفلتون من العقاب، لقد قررت التوقف عن تعذيب شركات المواد الغذائية، وإذا قام أي شخص بابتزاز أي من الشركات الغذائية الأخرى فليس أنا ولكنه مقلد).
وهكذا انتهت قصية الوحش ذو الواحد وعشرون وجهًا، ولم تقم الشرطة بفتح القضية مرة أخرى ابدًا، وتنفسوا الصعداء لتوقفه عن ممارسة الإرهاب لأصحاب الشركات، ولكنه قد كلف رجال الأعمال والحكومة اليابانية الملايين، وتسبب في انهيار الاقتصاد الياباني لفترة طويلة، وقام بتشريد آلاف العمال.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال