قراءة حول أسباب توطيد العلاقات مع نيجيريا ومصر “القاهرة عادت للريادة”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
حرصت مصر على توطيد العلاقات مع نيجيريا في الأونة الأخيرة، وتعميق العلاقات القائمة على المصير المشترك بين البلدين في إطار التهديدات التي تعاني منها المنطقة من تدخلات خارجية ومشاكل داخلية عمقت من النزاع أدى لعدم الاستقرار وانتشار ظاهرة الإرهاب عابر الحدود، فقد أكد السفير المصري بنيجيريا إيهاب عوض خلال لقائه مع الرئيس النيجري محمد بوهاري في 28 يناير حرص مصر على زيادة العلاقات مع نيجيريا والتي ازدادت قوة بالفعل في السنوات الأخيرة
رصد تقرير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أشكال توطيد العلاقات مع نيجيريا ومصر في الدعم المصري ضد تنظيم بوكو حرام الإرهابي من خلال إنشاء مركز مكافحة الإرهاب الإقليمي لمجتمع دول الساحل والصحراء، ويعد تجمع “الساحل والصحراء”، ثاني أكبر التجمعات شبه الإقليمية في إفريقيا بعد الاتحاد الإفريقي، ويضم في عضويته 27 دولة من البحر الأحمر شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، وتأسس في فبراير عام 1998. والذي تتلقى نيجيريا من خلاله دعمًا أمنيًا من خلال تدريب قواتها على كيفية مكافحة الإرهاب وتعقب الجماعات المتطرفة هذا إلى جانب التدريب العسكري المشترك مع دول تجمع الساحل والصحراء وتدريب القوات النيجيرية على كيفية التعامل مع التهديدات الإرهابية المختلفة مثل الجماعات المسلحة وإطلاق سراح الرهائن.
كما شارك وفد من وزارة الدفاع المصرية في الاجتماع السابع لوزراء دفاع دول تجمع الساحل والصحراء، والذي عقد في العاصمة النيجيرية أبوجا في 20 – 22 من شهر يونيو 2018، وثمنت الوفود المشاركة جهود مصر في تأسيس المركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب، وكذلك تفعيل وتقديم ألف منحة دراسية للعسكريين من دول التجمع في مجال الأمن والدفاع، والتنسيق على إجراء تدريبات مشتركة دورية في مجال مكافحة الإرهاب.
كما تقدم الرئيس عبدالفتاح السيسي القاهرة باقتراح إنشاء قوة أفريقية لمكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي لقي ترحيباً من القادة الأفارقة لمواجهة العديد من التحديات مثل الأزمة الليبية والتي تؤثر على دول الساحل والمتاخمة لها، لما تمتلكه إفريقيا من القدرات اللازمة لتشكيل قوة عسكرية، وقال السفير المصري لدى إثيوبيا والمفوض الدائم للاتحاد الإفريقي أسامة عبد الخالق في مقابلة تلفزيونية في 9 فبراير 2019 إنه “تم تقديم اقتراح بعقد قمة أفريقية لمناقشة إنشاء قوة عسكرية أفريقية إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي واللجان العسكرية والدفاعية لمناقشة الأمر من جميع الأطراف. ” وتقوم تلك القوة أيضاً على “تبادل المعلومات التدريبية والأمنية، وكذلك الخبرة العسكرية بين الدول الأعضاء في قوة مكافحة الإرهاب الإفريقية”، والتي تزامنت مع استضافة القاهرة اجتماع رؤساء أركان جيوش دول الساحل الخمس “موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو” يوم 9 فبراير 2020، وناقش الاجتماع آليات تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب وتبادل الخبرات والتجارب في مجالات الأمن والدفاع.
ويعود الترحيب الإفريقي بالاقتراح المصري بتشكيل “قوة عسكرية أفريقية “لحاجة القارة لقوة عسكرية من الداخل لمواجهة التهديدات الإرهابية من أجل جذب الاستثمار وتحقيق التنمية “، خاصة في ظل ما يتمتع به الجيش المصري من قوة وسمعة دولية وإقليمية خاصة في إطار خبراته في التعامل مع قضايا الإرهاب داخليًا، وخارجيًا من خلال مشاركته في قوات حفظ السلام الدولية، بالإضافة إلى عضوية القاهرة في مجلس السلم والأمن الأفريقيين في الفترة من 2020 – 2022، هذا إلى جانب دور مرصد الأزهر الشريف في مواجهة الفكر المتطرف في إفريقيا وخاصة في نيجيريا، والبعثات المتبادلة بين البلدين وزيارات الأزهر المتكررة لدحض الفكر المتطرف.
ويعد مقترح إنشاء قوة عسكرية مشتركة بمثابة داعم ومنسق لتحقيق التوازن الإقليمي والدولي مع القوات العسكرية الدولية الموجودة في إفريقيا، مثل القيادة الأمريكية الإفريقية وكذلك التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش.
في أبريل من العام الماضي، وافق البرلمان المصري على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 145 لسـنة 2020 بشأن الموافقة على المعاهدة المنقحة لإنشاء تجمع دول الساحل والصحراء، المُعتمدة فى أنجمينا (تشـاد) بتاريخ 16/ 2/ 2013، ووفقا للاتفاقية يعمل التجمع فى مجالين رئيسيين هما الأمن الإقليمى والتنمية المستدامة سعيا لتحقيق عدد من الأهداف متمثلة في “المحافظة على السلم والأمن والاستقرار فى منطقة الساحل والصحراء، وتعزيز الحوار السياسي ومكافحة الجريمة العابرة للحدود والآفات المرتبطة بها كالإتجار فى المخدرات والأسلحة والبشر وغسيل الأموال والإرهاب هذا إلى جانب قضايا مكافحة التصحر والجفاف والتغيرات المناخية، والتعاون الاقتصادى والتجارى والعلمى والاجتماعى والثقافى، وتنمية البنى التحتية، وتشجيع حرية تنقل الأشخاص والممتلكات والخدمات.
وقال تقرير المرصد المصري أن هذه الأنماط من توطيد العلاقات مع نيجيريا ومصر يؤكد أن هناك وعي مصري كامل بمشاكل القارة بشكل عام ومنطقة الساحل والصحراء والغرب الإفريقي، التي ساهمت في تزايد الحركات الإرهابية إثر عدم الاستقرار، كما تعالج تأثير النزاعات على المنطقة والتغيرات المناخية التي زادت من ظاهرة التصحر، وبالتالي زيادة النزاع داخل القارة، وتأثير ذلك على احتمال انتشار الأزمات الغذائية في نيجيريا، وبالتالي فإن استضافة القاهرة مقر مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاع، سيجعل مصر قوى ضاربة في مجال التنمية وتسوية النزاعات وتحقيق الاستقرار للدول الافريقية من خلال حشد الجهود القارية والدولية، وبالتالي ستجعلها قبلة نيجيريا لمواجهة أزماتها الداخلية.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال