قصة الضابط حنفي جمال .. كيف قاده الجهل إلى الإرهاب بعدما أساء الاختيار

اختلفت قصة الضابط حنفي جمال عن بقية من يشبهونه من الضباط الذين أساءوا الاختيار فاختاروا الإرهاب عن الوطن، فكلهم وإن كانوا إرهابيين لكن لهم خلفية تكفيرية متاجرة بالدين، لكن حنفي جمال كان الأكثر جهلاً لذا كان الأسرع في اختيار الإرهاب.

قصة الضابط حنفي جمال ولعنة صدفة عائلة الشيخ المراغي على البلد والبلديات

حال عائلة الضابط حنفي جمال محمود سلمان بمركز المراغة محافظة سوهاج يوم 15 ديسمبر 1990م، عن باقي أهالي المركز، فأهالي المركز وغالبيتهم فقراء يعيشون يوميًا في قلق بالغٍ على ذويهم الموجودين في العراق والكويت مع بدء أتون حرب الخليج الثانية بغزو الكويت.

اقرأ أيضًا 
هذا ما قصدته بجملة مبقاش ينفع خلاص .. “خاطرة لم ولن ينشرها هشام عشماوي”

انتظر المستشار جمال محمود سلمان مولوده الجديد وحينما وضعته أمه قرر أن يسميه حنفي وكان شعوره في ذلك أن حنفي جمال سيكون اسم رنَّانًا في الصعيد لأنه يتوسم فيه أن يكون مستشارًا أو ضابطًا، فضلاً عن أن معنى اسم حنفي لغويًا هو صاحب الدين الصحيح، لذا نشأ جمال في بيئة متدينة وبمنزلٍ ثري.

تلقى حنفي جمال محمود سلمان تعليمًا مدنيًا في تسعينيات القرن العشرين إلى أن التحق بكلية الشرطة وخلال فترة دراسته بها شهد كل الأحداث السياسية التي كانت بمصر خلال فترة ما بعد الربيع العربي، ليتصادف عام تخرجه من الكلية مع وصول الإخوان إلى الحكم سنة 2012 م، وانضم للعمليات الخاصة بقطاع الأمن المركزي وتحديدًا في قطاع سلامة عبدالرؤوف.

تناقض كبير اتسمت به مسيرة الضابط حنفي جمال محمود سلمان فهو تحول إلى متطرف شرس وصار إرهابيًا قاتلاً سنة 2016 م وكل هذا في أقل من 3 سنوات؛ فقد كان حنفي ضابطًا مميزًا في العمليات الخاصة، وقوته جعلته أحد قادة فض اعتصام رابعة سنة 2013 م وترقى لدرجة أن أصبح الحارس الشخصي  للواء مدحت المشناوي قائد العمليات الخاصة.

لعل هناك صدفة قدرية تربط بين مصير الضابط حنفي وبين مسقط رأسه، فالمراغة بلد الإرهابي حنفي خرج منها شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي الذي احتوى جماعة الإخوان مطلع الأربعينيات، وهو والد الضابط مرتضى المراغي وكيل وزارة الداخلية الذي كان مهادنًا للجماعة.

نفس الشيء حدث مع حنفي ابن مركز المراغة، إذ بدأ أول لقاءه مع الإخوان سنة 2012 م عن طريق الضباط الملتحين في وزارة الداخلية حيث كان مهادنًا معهم أو بالأحرى محايدًا، ومع زوال حكم الإخوان ومشاركة الضابط حنفي في فض اعتصام رابعة تعمق تواصله مع الإخوان وتحديدًا التكفيريين.

الراجح في هذا التناقض والتحول أن الضابط حنفي لم يكن مهيأ أيدولوجيًا ودينيًا ونفسيًا قبل المشاركة في فض اعتصام رابعة، حيث شارك بجهلٍ ديني فوقع لاحقًا في متاجرة الإخوان بالدين والدماء، فاختار التطرف الذي مارسه أولاً على زمائله في الشرطة الذين لا يصلون في مسجد المعسكر وكان في قناعته أن جهاز الأمن كافر لا يصلي، على الرغم من وجود مسجد ومصلين فيه من الأمن، بل حتى قائده اللواء مدحت المشناوي كان مشهورًا عنه الالتزام بالصلاة.

سر التحول الكبير في قصة الضابط حنفي جمال والبداية مع خيرت السبكي

تعرف الضابط حنفي جمال على زميله الضابط خيرت سامي عبدالمجيد محمود السبكي وهو أصغر منه بعام واحد وكانت لديه نزعة تكفيرية ولم يكن مختلفًا عن حنفي وبدأت صلتهما تتوطد برموز التكفيريين وكان طريقهما في ذلك عن طريق محمد السيد الباكوتشي الضابط المفصول من الشرطة بسبب قضية الضباط الملحتين.

بدأ التعرف أواخر 2013 ولم يقبل محمد السيد الباكوتشي أن ينفصل الضابط حنفي جمال عن جهاز الشرطة وإنما أصر على استمراره في عمله كحارس شخصي لوزير الداخلية وقائد العمليات الخاصة وذلك لأنه سيكون له دور كبير؛ وعلى إثر ذلك تشكلت خلية إرهابية صار اسمها خلية  الباكوتشي ضمت الضابط كريم محمد حمدي والضابط خيرت سامي عبد المجيد، والضابط محمد جمال عبد الرحيم، والضابط إسلام وثام أحمد، مع اثنين من المدنيين هما طبيب الأسنان علي إبراهيم حسن محمد، ومحفظ القرآن عصام محمد العناني.

اقرأ أيضًا 
رسالة إلى مخرجي الأعمال الفنية في رمضان 2021 “الإرهابيون لا يستخدمون السبحة”

قام عمل خلية الباكوتشي على التغذية الفكرية أولاً وكان أعضاء الخلية يلتقيان في مدينة الشروق وبالتحديد داخل عيادة طبيب الأسنان علي إبراهيم حسن بمدينة الشروق، وهناك كانوا يتابعوا الإصدار الإلكترونية من تنظيم داعش ثم بدأ العمل الحركي عن طريق شراء هواتف محمولة غير مزودة ببرامج للاتصال بشبكة المعلومات الدولية وذلك بهدف استخدامها في التواصل بعيدًا عن ظلال الرصد الأمني. 

تعرضت خلية الباكوتشي لهزةٍ تنظيمية يوم 8 أبريل سنة 2014 م حيث مات مؤسسها الرائد محمد السيد الباكوتشي في حادث سير حين اصطدمت سيارته بسيارة ميكروباص فانتقلت قيادة التنظيم للقيادي التكفيري وطبيب الأسنان علي إبراهيم حسن ليكمل ما بدأه الباكوتشي وهو الاستعانة بالضابط حنفي وبقية زملاءه.

كانت أولى العمليات التي حاولت خلية الباكوتشي تنفيذها هي محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم واللواء مدحت المنشاوي خلال اجتماعهما بضباط الأمن المركزي، بمساعدة الضابط حنفي جمال الذي كان ضمن أفراد أطقم الحراسة، ولم يُكْتَب للعملية النجاح.

إقرأ أيضا

أول مقهى للخرس في مصر “صنعت بذرة كيان للصم والبكم”

اقرأ أيضًا
ماذا لو التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي مع حسن البنا مرشد الإخوان ؟

كررت خلية الباكوتشي العمل مرة أخرى لكن هذه المرة كان المستهدف هو الرئيس عبدالفتاح السيسي حيث اقتضت الخطة أن يتم نسف موكبه في الطريق العام بمساعدة ضباط الخلية الذين لم يكونوا قد تركوا الخدمة العسكرية بعد ويشاركوا في تأمين الرئيس؛ وفشلت هذه العملية أيضًا.

البدلة الميري كانت وسيلة لتحقيق أحلام الضابط حنفي جمال في خلية الباكوتشي لأنها ستسهل له أي عمليات إرهابية، لكن فشله المتكرر جعله يؤمن بأن البدلة الميري هي العائق فانقطع عن العمل في إبريل سنة 2016 م وبدأ في تنفيذ أول عملياته الإرهابية كإرهابي منشق عن الشرطة.

جاءت أول عملية إرهابية نفذها حنفي جمال بعد شهر من انقطاعه عن العمل وبالتحديد في 8 مايو سنة 2016 م بشارع عمر بن عبدالعزيز في حلوان، حيث نفذا هجومًا على قوة أمنية وأسفر الهجوم عن استشهاد كل من ملازم أول محمد محمد حامد، أمين الشرطة عادل مصطفى محمد، أمين الشرطة أحمد حامد محمود، أمين الشرطة علاء عيد حسين، أمين الشرطة صابر أبوناب أحمد، أمين الشرطة أحمد مرزوق تمام، أمين الشرطة داوود عزيز فرج، أمين الشرطة، أحمد إبراهيم عبداللاه.

انضم الضابط حنفي جمال مع خيرت السبكي لتنظيم داعش الإرهابي بعدها وعمل في تنظيم ولاية سيناء باسم أبو عمر الصعيدي وتولى قيادة المجلس العسكري لولاية سيناء، وشارك في أغلب العمليات ضد القوات المسلحة والشرطة هناك، لكن أشهر وأقوى عملياته كانت في يوليو سنة 2017 حيث الهجوم على كمين البرث الذي استشهد فيه العقيد أحمد منسي، إذ كان حنفي يعلم تمامًا أن الضابط منسي نجح في عمل تأمين احترافي للكمين فقرر تدريع العربيتين المفخختين بشكل كامل واستخدم كل الأسلحة الثقيلة مدافع هاون ومقذوفات الكورنيت ورشاشات الـ14.5 المضادة للطائرات، وفخخ طرق الدعم بعبوات ناسفة لمنع وصول الدعم.

أراد حنفي جمال تطوير مجال عمله دوليًا فرغب في السفر إلى سوريا للمشاركة مع داعش هناك، لكن نجاح عملية البرث جعلت قيادات داعش تطلب منه الاستمرار في سيناء وإكمال خطتهم في إسقاطها غير أن قوات الجيش المصري نجحت في تصفيته في شهر نوفمبر سنة 2018 م ومعه خيرت السبكي