مسلسل بين السما والأرض وفلسفة الكشف عن الشخصيات
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
مغامرة تلك المسلسلات ذات العدد المحدود من الحلقات، فكاتبها يكون بين شقي الرحى، فإما يتسرع ويلقي بكافة أوراقه واحداثه في البداية، وبالتبعية يلجئ للمط والتطويل في الحلقات الأخيرة، أو تنعكس الآية فيؤخر أغلب أوراقه حتى اقتراب النهاية، وبالتالي تصبح الحلقات الأولى مملة وسيئة، ولكن الكاتب الجيد هو ما يستطيع أن يحقق تلك المعادلة ألا يلقي بكافة أوراقه في البداية ويعلم متى وكيف يلقيها خلال الأحداث، هذا ما يفعله إسلام حافظ في بين السماء والأرض يلقي أوراقه في توقيتات جيدة ومتقنة ليخلق حالة دائمة من الصراع.
في البداية نعتقد أن الشخصيات المجتمعة في المصعد تجمعت بفعل الصدفة، ونتفاعل معهم على هذا الأساس، ثم تبدأ الصدمات الواحدة تلو الMخر فكل شخص متواجد في المصعد لسبب يجمعه بطرف أخر في المصعد، هؤلاء ليسوا عينة عشوائية اللهم تلك السيدة التي تضع حملها، والمهندس المختل عقليا بفعل فاعل، وصاحب المكتبة هم متواجدون في المصعد بالمصادفة، ولكن حتى هذه المصادفة ليست أكيدة ربما تسفر الأحداث عن أسباب أخرى للتواجد في المصعد.
اقرأ أيضًا
بعد ١٠ أيام .. لعبة نيوتن ينافس وموسى والاختيار ٢ يتحدون الجميع بمشاركة سما عالية عربيا
فن الكشف عن المعلومات في العمل الدرامي، يعد واحد من أساسيات فن كتابة السيناريو، هذا الكشف هو ما يخلق الصراع ويخلق الإيقاع ويربط تفاصيل الحبكة بعضها البعض، ولكن ليس فقط الكشف عن سبب التواجد ولكن الكشف عن خلفيات الشخصيات وتاريخهم وما فعلوه ليقفوا في تلك النقطة التي هم فيها الآن.
تلك واحدة من المزايا الهامة التي يمتلكها إسلام حافظ ككاتب سيناريو شاب، بالتأكيد هناك بعض المشكلات، كأن يجد المهندس جلال نفسه في مواجه أبن صاحب الشركة الذي كان سببا في مأساته بشكل تصادفي بحت، والصدفة تقتل الدراما، فاللجوء إلى الصدف في الكتابة يجب أن يتم بحذر شديد، لأنه في الغالب يشير لفقر في مخيلة المؤلف لخلق حبكة متوازنة.
من المشكلات أيضا في مسلسل بين السما والأرض هي ركاكة حوار الدكتور حميد حول الفلسفة والأخلاق، فالكلام الذي تقوله الشخصية ستسمعه في كل مكان إذا تحدثنا عن الحب أو الأخلاق فلا هذا خطاب دكتور متخصص في الفلسفة، وحتى مشاهد المواجهة بينه وبين المتطرفين او نقد فكرهم كانت سيئة من حيث الكتابة والتنفيذ ولا سيما مشهد الندوة والذي كان مفتعلا خاصة مع أداء ذلك الشاب الذي قدم دور المتطرف، فقد كانت الشخصية شديدة السطحية من حيث الشكل الخارجي وأداء الممثل، كذلك مشهد مواجهة دكتور حميد للطالب في محاضرته بعد اتهامه بتسريب الامتحانات، ربما كان من الأفضل للمخرج محمد جمال العدل التركيز مع الممثلين ولا سيما الثانويين منهم عن التركيز في تعديل التتر ليضع نفسه بعد أكثر من 6 حلقات مشرفًا عامًا على الكتابة؟!
وبعض التفاصيل الأخرى في مسلسل بين السما والأرض كجلسات الكهرباء التي تعرض لها المهندس في مستشفى الأمراض العقلية والتي تم إيقافها منذ بداية الألفية الثانية، وغيرها من التفصيلات التي كانت بحاجة لجهد أكبر من إسلام حافظ ومحمد جمال العدل لضبطها، وبالطبع الخطأ الكارثي هو عدم تحديد شكل السرد فهل نحن نرى الماضي فلاش باك أم كيف نراه، وكيف نرى احداث كل الشخصيات بدون الرجوع إليهم، في النهاية يبدو أننا أمام سيناريست يجيد الحكي ولكنه بحاجة إلى المزيد من التعلم والإتقان وهذا لا يعيبه على الإطلاق.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال