إلى رئيس تحرير الميزان: لست ضدك لكني لن أكون مع مقالك عن التنويريين
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نشر أسامة الشاذلي رئيس تحرير الميزان مقالاً بعنوان أنا مع شيخ الأزهر ضد التنويريين الجدد، للرد على مقال وسيم عفيفي بعنوان «أنا مع التنويريين ضد شيخ الأزهر»؛ وهذا نص رد الأخير عليه.
شكر لتميز الميزان
الأخ العزيز الغالي أسامة الشاذلي رئيس تحرير الميزان.
أنا في حلٍ من أن أتكلم عنك شاكرًا وعن تأثيرك فيّ بشكل شخصي، فمهما قلت لن أوفيك.
اقرأ أيضًا
عاطل لمدة 19 شهرًا .. احتراف اليأس
لكن أشكرك أن جعلت موقعنا «الميزان» يتسم بخصلة غير موجودة في المواقع النوعية، وهو أن يقوم رأس الموقع «رئيس التحرير» بالرد على كاتبٍ يعمل معه ـ ولن أقول عنده ولا لديه لأن تلك الجملة تغضبك ـ؛ والآن سأرد على مقالك، وإسمحلي أن أرد على أطروحات المقال بشكل عام ولا يكون ردي موجهًا لك شخصيًا، أي أني سأجمع في الرد التنويريين الجدد ومن يؤيدينهم في دائرة واحدة، وأرجو اتساع صدرك لنهاية ردي.
طالعت المقال فوجدت أنه يناقش ما يلي:ـ
ــ موقف الأزهر من داعش.
ــ شخصيات في صورة الموضوع تم تكفيرها.
ــ الدين محفوظ من الاستعمار فهل سيضيع الآن.
الأزهر وتكفير داعش
«ومنين نجيب الكفر يا أهل الله يداوينا
دا اللي انكوى من التكفير قبلينا يقول لينا»
[أغنية حاول تفتكرني عبدالحليم حافظ ـ بتصرف]
ينتقد المقال الذي هو لسان حال التنويريين الجدد ومؤيديهم موقف الأزهر من داعش وأنه لا يكفرهم، وبسبب هذا الموقف الأزهري «خسر الإسلام عالميا بسبب هذا ولم نكن في حاجة إليه» – كما ينص المقال -.
لن أسأل من يؤيد المقال وأقول ما هي مدى معرفتكم لأحكام التكفير، لكنكم تأخذون المسألة وموقف الأزهر من داعش على طريقة ولا تقربوا الصلاة، وسأبين لكم ما أقول.
سأستعير بتصرفٍ جملة الممثل عباس أبو الحسن في فيلم مافيا وأقول «عجيب أمركم أيها التنويريين»، تصدعوننا ليل نهار من قبل أن يظهر جوجل ويوتيوب بالظلم الذي تعرض له بن رشد «لا أقصد نور الشريف في فيلم المصير»، ولا تعرفون سبب الظلم الذي تعرض له بن رشد، وسبب الظلم الذي تعرض له بن رشد هو وجود متشددين من الفقهاء الأندلسيين لم يضعوا ضوابطًا شرعية للتكفير فكفروه (قطعًا لا أقول أن داعش مثل بن رشد، لكن أقول أن ضوابط التكفير لدينا نحن الأشاعرة إن فتِحَت على البحري فستجدوا من يخرج ويقول أن حكم من يشاهد أفلام البورنو كافر لأنه ارتكب الكبيرة).
لماذا رأيكم في موقف الأزهر من داعش على طريقة ولا تقربوا الصلاة ؟
الإجابة بسؤالٍ له إجابة.
ما هو المطلوب من الأزهر إزاء داعش ؟
ستقولوا أن يرد على فهمهم الخاطئ للدين ويصححوا للناس تلك الأفكار.
والأزهر فعل هذا بطريقة تقليدية وغير تقليدية.
ستقولوا لكن الأزهر يقول أن ضوابط الشرع تمنعه من تكفيرهم لأنهم أهل قبلة.
ليكون الرد هي نفسها ضوابط الشرع التي أتاحت للأزهر أن يقول «حكم داعش في الإسلام هو وجوب قتالهم وقتلهم لأنهم خوارج (وبالمناسبة من قال هذا هو أحمد الطيب بحضور جابر نصار».
صورة المقال .. رد على كلام قديم جديد
«بكتب في التاريخ الأزهري من كام سنة بكتب فيه
تعب التاريخ الأزهري ما تعبت أنا .. تعب التاريخ»
[أغنية مسلسل أرجوك أعطني هذا الدواء بسرعة – العندليب بتصرف -].
أرادت صورة المقال أن تقول «لم يكفر الأزهر داعش لأنهم أهل قبلة لكنه كفر مفكرين مسلمين لأنهم أصحاب رؤية» ثم جاءت 5 شخصيات بالترتيب من الأيسر للأيمن «طه حسين، خالد محمد خالد، نجيب محفوظ، فرج فودة، نصر حامد أبو زيد»، وهم لهم تاريخ مع الأزهر، ومثلي كنوستالجي لم أتعب من تاريخ الأزهر بقدر تعبي في إيضاح تاريخ الأزهر مع هؤلاء الخمسة وغيرهم.
أ ) طه حسين
لطه حسين مع الأزهر صولات وجولات من المناظرات بسبب كتابه في الشعر الجاهلي سنة 1926 م، وهو المقرر الرسمي لدى التنويريين، في عدم دراسة لما جرى أصلاً.
لم يكفر الأزهر طه حسين رغم أن الأخير قال «للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عنهما ولكن هذا لا يكفي لصحة وجودهما التاريخي».
إنما بدأ الأزهر في رده بمسلكين أولهما طباعة كتب في نقض الشعر الجاهلي، ثم حُوِّل الأمر للقضاء (بعدما قرر أحد الوفديين التصعيد) بتهمة أن حكومة عدلي يكن ترعى من ينكر القرآن، لكن طه حسين تحايل على النص وقال أنه لم يقصد نسف صحة القرآن أو الإساءة له، وعليه قال الأزهريون «طالما أنه مقر بصحة النص المقدس السماوي فهو مسلم».
وللعلم .. لم تنقطع صلة الأزهريين بطه حسين، فأول فيلم ديني بالسينما المصرية «ظهور الإسلام» حضره عدد من علماء الأزهر (الذين يعتبرهم التنويريين رموز تشدد مثل شلتوت).
سأساعد التنويريين الجدد وأروي لهم قصة حقيقية عن تكفير طه حسين في التاريخ الأزهري، وقد جرت وقائعها في 2 رمضان سنة 1344 هـ الموافق 16 مارس سنة 1926 م، (وهي منشورة في مجلة المصور) حين أصدر بعض الغلاة حكمًا بتكفير طلبة دار العلوم لأنهم قرروا خلع الزي الأزهري وأرادوا ارتداء الزي الإفرنجي (البدلة والطربوش) أسوةً بطه حسين.
كان موقف الأزهر متشددًا إذ تمسك بضرورة ارتداء الزي الأزهري للدرعميين (اسم دارسي دار العلوم زمان)، لكنه حرم تكفير من ترك «العمة والكاكولة» لأن هذا مناقض مع الضوابط الشرعية للتكفير (شوفتوا لو باب التكفير اتفتح من غير ضوابط الأزهر كان زمان طه حسين كافر بسبب لبسه مش آراءه).
ب ) خالد محمد خالد
لم أفهم ماهية الاستدلال بشخص خالد محمد خالد، فهو في عام 1954 كتب 6 رسائل إلى شيخ الأزهر لتصحيح الخطاب الديني، وتقبل الأزهر بعض الاقتراحات كانت نواةً لمشروع إصلاح الأزهر في الستينيات، وتقبل خالد محمد خالد النقد لدرجة أنه قال في ردوده على من انتقدوه «اللهم ارزقنى فهمًا أعرف به الحق.. وارزقنى عزما أتقبل به الحق».
ج ) نجيب محفوظ
حكاية منع أولاد حارتنا في الستينيات وحتى 2006 فيها كلام كثير يتسع المقال لذكره منذ أزمتها في الستينيات داخل مصر وتشدد الأزهريين إزاء الطبع «ولم يثبت أن تم تكفيره من الأزهر»، لكن أريد أن أقول شيئًا وهو «نجيب محفوظ رهن طبع الرواية داخل مصر بعد حصوله على موافقة الأزهر، ومن قدم الرواية للظهور كان أحمد كمال أبو المجد عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر».
د) فرج فودة
حزين جدًا من أن رئيس تحرير الميزان صنف فرج فودة ضمن قائمة المجددين، لأن فرج كان كذابًا وهجاصًا وهبادًا فمثلاً قال في حوار تلفزيوني له هبدة من هبادته «أن الأزهر صاحب فقه النكد قام بتكفير محمد عبدالوهاب بسبب أغنية من غير ليه لأنه مرتد»، وحقيقة هبدة فرج فودة موجودة في جريدة الأهرام «بتاريخ 14 ديسمبر عام 1989 م» أن محاميًا متأسلمًا نشر خبر لدى أحد الصحف وقال أنه أخذ فتوى من الأزهر بتكفير عبدالوهاب بسبب كوبليه «جايين الدنيا ما نعرف ليه ولا رايحين فين ولا عاوزين إيه».
فما كان من الأزهر إلا أن أرسل رئيس لجنة الفتوى الشيخ عبدالله المشد للمحكمة ليدلي برأيه وقال «لم يأتيني أحد لسؤالي ولا أعرف الأغنية، وإن سُئِلْت سأقول استعمال الشك للوصول إلى الحقيقة هو مذهب يراه الإمام الغزالي، وإننا لم نجد من العلماء أحدًا قد حكم بكفر من قال بمثل تلك الأغنية ولكننا للأسف وجدنا ذلك من قوم قل علمهم بالإسلام وادعوا غرورًا أنهم أعلم العلماء وأنهم المدافعون عن الإسلام والعارفين بأدلته وأحكامه وقواعده وأصوله، وعلى أي حال فالكوبليه له نظير من التراث وهو قول عمر الخيام لبست ثوب العيش لم أستشر وحرت فيه بين شتى الفكر، وكيف انضو الثوب عني ولم أُدْرِكْ لماذا جِئْتُ أين المفر».
اقرأ أيضًا
لماذا توقفنا عن استخدام عقلنا بحجة التدين بينما يأمرنا ديننا باستخدامه؟
لن أتحايل وأقول أن المؤسسة الأزهرية متمثلةً في لجنتها الإفتائية لم تكفر فرج فودة لا حيًا ولا ميتًا، ولن أقول أن جمعية جبهة علماء الأزهر التي حضرها شيوخ لا تمثل الأزهر لأنها كانت منحلة قانونيًا قبل اغتيال فرج فودة بسنوات، حتى لا يقال لي إن الأزهريين كفروه والغزالي قال أن الجناة غير مخطئين.
لكن سأستلهم مقولة القاتل وهي «مفتي الجماعة الإسلامية عمر عبدالرحمن هو من أفتى بقتله»، لكن سأقول أن فرج فودة لم يكن صاحب أطروحات ولا نظرياتٍ مثل خالد محمد خالد، أي جاهل قتل مدعي علم بفتوى متشدد (شخصيًا أنا ضد اغتيال فرج فودة فالفكر حتى لو كان إلحاديًا لا يواجه بالقتل وإنما بالفكر).
هـ ) نصر حامد أبو زيد
لن أتعرض لأخطاء نصر حامد أبو زيد الفكرية، فما يعنيني هو مسألة تكفيره.
طرفي القضية كما هو مشهور نصر حامد أبو زيد وعبدالصبور شاهين «أستاذ جامعي في جامعة القاهرة»، ولو رجعنا إلى جريدة الدستور سنة 2010 لوجدنا أن شاهين قال «لا يمكن أن أورط نفسي في هذا الاتهام البشع، لأن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – يقول: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، كان نقدي لكتاب نصر حامد وليس عقيدة نصر حامد، ورافع دعوى الحسبة هو المستشار صميدة عبدالصمد، ولم يتم استدعائي لأخذ رأئيي».
وفي آخر حوارات نصر حامد أبو زيد كان معه محمد عمارة «الذي يقال أنه متورط في تكفير فرج فودة» ولم يقم بتكفير نصر حامد أبو زيد.
(إشارة سريعة ) | المجدد نصر يقول أن القرآن هو نتاج ثقافة بشرية على مدار 23 سنة، والإيمان بالغيب خرافة عقلية.
للدين رب يحميه .. يعني إيه دين
يقول رئيس تحرير الميزان «ديننا يعيش منذ خمسة عشر قرنا، تناوب الاعتداء عليه من الصليبيين والتتار والمستعمر الأجنبي وبقى حصينا لأنه له رب يحميه».
ولدي بعض الأسئلة
بعد دمار حضارة المسلمين الفكرية في بغداد ؟ من أرجعها وحافظ على تراث الأندلسيين ؟ الإجابة: الأزهر زمن المماليك وهو نفسه الأزهر الذي فسق بن تيمية.
بعد أن سعى المستعمر في تغريب لغة القرآن، من حافظ على تلك اللغة وتصدى للاستعمار وحملات التبشير؟، الإجابة: الأزهر لا مثقفي مصر الفتاة.
فعلاً للدين رب يحميه لكن وعملاً بآية «فليرتقوا بالأسباب» فسؤالي الثالث ما هي آليات حماية الدين أو المنوط بهم حماية الدين ؟
وسؤالي الرابع ما هو مُخ الدين ؟.
سأعتبركم قرآنيين لا تنويريين وأقول أن مخ الدين هو القرآن.
تقولون أن الدين ليس علمًا مع أن القرآن يناقض كلامكم أصلاً
فإن كنتم تقصدوا أن الدين بمعنى الاعتقاد فهو فعلاً ليس علمًا لأنه مسألة قلبية.
أما إن كنتم أن الدين بعلومه ليس علمًا فكلامكم متناقض مع نص القرآن «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» لاحظوا لم يقل في سطور وإنما قال صدور، فهل التنويريين الجدد الآن من الذين أوتوا العلم ؟.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال