مسلسل لعبة نيوتن .. ضجيج بلا طحين
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
في إحدى المقالات قلت إن فريق الكتابة سيكون لديه تحدي كبير في لملمة تلك الخيوط الدرامية التي يقوم بتطويرها بشكل غير سلس داخل الأحداث، قلت إنهم رفعوا سقف التوقع إلى أقصى درجة، وعليهم إيجاد نهاية مناسبة ومنطقية للأحداث، وقلت أيضا إن نظرية لي ذراع الأحداث لتسير في اتجاه محدد سلفا ستذهب بكل ما في المسلسل من جماليات ومواطن قوة وإبداع إلى مردود سيء، قلت ما قلت وحدث ما قولت.
اقرأ أيضًا
الجريمة التي ارتكبها تامر محسن في حق مسلسل لعبة نيوتن
اعتمد لعبة نيوتن على العديد من مشاهد المواجهات، سترى تلك المشاهد طوال الوقت في أغلب الحلقات، ولكن الغريب أن النسبة الأكبر من تلك المشاهد هي مشاهد لا ينتج عنها أي تغير يحدث، بل على العكس، تتصرف الشخصيات عكس طبيعتها في تلك المشاهد لتخرج بنتيجة مختلفة، مثل مشهد مواجهة هناء وحازم في المصنع حينما سألته إن كان مازال يحبها أم لا، تصرفت هناء وتصرف حازم عكس ما هو منطقي، عكس ما المفترض أن تفعله الشخصية، لتلوى ذراع الأحداث.
الحلقة 29 من لعبة نيوتن مثال شديد الوضوح على كل اللا مبرر في الأحداث، مشاهد انفعالية مليئة بالرغي والزعيق والبكاء والعويل، دون ان يحرك مشهد واحد الحدث للأمام، مشهد مواجهة حازم ومؤنس المفتعل للغاية، والمكتوب بشكل سيء، فمؤنس وحازم خصمان يكرهان بعضهما بضراوة شديدة، وكلاهما يرى الأخر سبب ما فيه من ألم، يتقابلان في مشهد مواجهة من المفترض أن يكون عنيفًا، وبداخل المشهد عنصر للقتل وتصفية الحساب وهو المسدس، وينتهي المشهد بلا حدث.
كذلك مشهد هنا ومؤنس في البار، مشهد مواجهة مباشر وينتهي أيضا بلا حدث، ومشهد مواجهة بدر وحازم، أيضا رغي بلا حدث، فقط تكون محصلة كل تلك المشاهد المليئة بالرغي صفر في مقياس تحريك الأحداث للأمام، ويأتي الحل من خارج تلك المشاهد التي ملئت الحلقة، يأتي الحل من خيط رجال الشرطة، الخيط الأضعف القائم والمتواجد على بفعل حيلة الصدفة في الأساس، رغم أنه كان هناك ألف وسيلة أخرى للسير بالدراما في نفس الطريق، العديد من الحلول وكلها تخرج من الشخصيات المرسومة، ولكن يبدو أن كتّاب المسلسل لم يستسيغوا تلك الحلول، أو وجدوا نفسهم مضطرين لأن يغلقوا خط الشرطة بهذه الطريقة.
في الكتابة تضع نقطة بداية ونقطة نهاية وشخصيات وتبدأ في التفكير كيف يمكن لتلك الشخصيات أن تسير بسلاسة من النقطة الأولى للنقطة الأخيرة، والشخصيات الدرامية تسير بالأحداث الأفعال، لا بالكلمات، إما أفعال تقوم بها تؤثر في مسيرتها أو أفعال تقع عليها تؤثر في مسيرتها وردود أفعالها، والأهم أنها تطورها وتغيرها لتتحول، فتتطور معها الأحداث، ولكن لعبة نيوتن لم يحدث لشخصياته أي تطور مكافئ وموازي لما فعلوه أو فعل بهم.
للأسف سقط لعبة نيوتن في فخ البناء الدرامي المعيب، سواء على مستوى بناء الشخصيات كشخصيات درامية أو على مستوى تطويرها، او على مستوى تطوير الأحداث طوال 29 حلقة، احتمالية أن يفجر صناع المسلسل مفاجأة مدوية في الحلقة الأخيرة تكاد تكون معدومة.
وأخيرا، وكدلالة أخرى على أن هناك الكثير من التفاصيل المحورية التي وقعت من صناع المسلسل، ذلك المشهد العجيب بين حازم والمحامي، حينما أفتى المحامي أن قتل حازم لشاهين قتل عمد مع سبق الإصرار، ولو أن صناع المسلسل قاموا بعمل بحث سريع على الانترنت لمعرفة شروط وضوابط القتل العمد وشروط وضوابط سبق الإصرار، لاكتشفوا أنها لا تنطبق على ما قام به حازم بل إن التكييف القانوني للواقعة ليس قتل خطأ حتى، بل هو ضرب أفضى إلى موت وعقوبتها قانونًا من 3 إلى 7 سنوات وفق ما تراه المحكمة وقد يحصل حازم على البراءة.
اقرأ أيضًا
لعبة نيوتن الأفضل ولكن..
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال